بعد أن حققت (عملية الوعد الحق) الأولى لمحاربة داعش، والتي نفذت في العشرين من الشهر الاول من هذا العام في محافظة ديالى، التي تهدف لتحقيق أمن واستقرار المواطنين في هذه المنطقة، تم فجر يوم الاحد المصادف في الثالث من شهر آذار – مارس الحالي، إقدام القوى العسكرية والأمنية العراقية وبمختلف تسميات تشكيلاتها ملاحقة ومحاربة عناصر، وخلايا تنظيم داعش الارهابي، والتي تنتشر فلوله وبقاياه في منطقة الانبار، وخاصة صحراءها الشاسعة.
وقد جاء الإعلان عن هذه العملية في بيان لخلية (الاعلام الامني) التابعة لقيادة العمليات المشتركة، الذي وصف هذه العملية بأنها (عملية عسكرية كبيرة لمطاردة تنظيم داعش في صحراء الانبار غرب العراق)، والتي وصفها أيضاً قائد عمليات الأنبار في الحشد (بأنها العملية الاكبر من بين العمليات العسكرية، التي شنتها القوات العراقية في الصحراء الغربية للانبار) واضاف : (أن هدفها الرئيسي هو إجهاض المخططات الإرهابية لداعش في الانبار)، وقد أكد أن هذه العملية (نفذت بالاستناد إلى معلومات استخبارية أشارت إلى وجود تحركات لعصابات داعش على شكل خلايا لأرباك الوضع الامني في الانبار ).
إن حجم هذه العملية التي وصفت بالاكبر بين العمليات التي شنت في الانبار، وبظروف انطلاقها وتوقيتها وأهدافها قد حملت العديد من الرسائل المهمة ومنها :
– الرسالة الاولى الموجهة إلى داعش وهي، وإن جاءت في سياق المواجهة مع هذا التنظيم الارهابي ضد فلوله المنهزمة بعد الانتصار الحاسم عليها وهزيمتها في معارك التحرير 2014- 2017 واسقاط دولتها، دولة (الخلافة) الخرافية المزعومة في الموصل، ذلك ان تلك العناصر والخلايا المنهزمة، التي تخفت ظلت تشكل خطراً أمنياً على ابناء تلك المناطق، الموصل وغيرها.
– الرسالة الثانية لهذه العملية هي ما يمكن اعتبارها موجهة إلى أهالي الأنبار، خاصة إلى قيادات أحزابها وتنظيماتها السياسية والمسلحة، والتي تفاقمت الخلافات والصراعات بينها في الآونة الاخيرة، حول العديد من القضايا لا سيما مسألة البحث عن بديل لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الذي أقيل بقرار قضائي من منصبه، ولذا فإن هذه الرسالة بمثابة إنذار وتحذير من أن يستغل داعش تلك الصراعات، ويقوم باختراقات أمنية واسعة في تلك المنطقة، مثلما استغل الصراعات بين مجموعات مسلحة في الأنبار والسلطة المركزية ببغداد عام 2013، فنفذ هجومه الارهابي في حزيران – يونيو 2014 على نينوى وصلاح الدين والانبار وغيرها من المناطق.
– اما الرسالة الثالثة والمهمة، فهي الموجهة إلى قيادة التحالف الدولي، الذي تشكل وقدم إلى العراق لمساعدته بعد حزيران – يونيو في محاربة داعش بطلب رسمي من الحكومة العراقية، وان هذه المهمة أو جانب منها قد انته الآن، وهو الجانب الذي كان متعلقاً بالدعم الارضي اللوجستي للقوات العراقية، اما الآن، فمفاد هذه الرسالة بأن هذا الجانب انتهى وبقي مطلوباً الدعم الاستخباري والمشورة وتوفير الغطاء الجوي اثناء العمليات العسكرية العراقية، إن احتاجت إلى هذا الغطاء.
وقد أكد رئيس الأركان الفريق أول عبد الامير يارالله في تصريح نقلته وكالة الانباء العراقية عن تناول هذه المسألة في النقاش، الذي يجري بين اللجنتين المشكلتين لهذا الغرض من الجانب العراقي وجانب التحالف الدولي بالقول : (ان النقاش مع التحالف الدولي يركز على الجانبين الجوي والاستخباري، أما من الناحية البرية، فنحن قادرون على أداء مهامنا، ولا نحتاج لأي قوة تدعمنا أو اسنادنا، وأن التحالف الدولي تقتصر مهامه الان على الاسناد الجوي ولا توجد لديه أي قوات عسكرية على الارض..)
تلك الرسائل التي حملتها العملية العسكرية ضد داعش غرب العراق، والدلالات التي تضمنتها تعني أن قواتنا المسلحة والامنية مستعدة وبمختلف مسمياتها على ملاحقة ومحاربة داعش، ليس في ديالى والأنبار، انما في أي من مناطق العراق تحاول عناصره وشبكاته التسلل لايذاء العراقيين، وهو الامر الذي يعبر عنه بوضوح المسؤولون السياسيون والقادة العسكريون العراقيون، لا سيما أن النقاش حول تواجد قوات التحالف قد حسم كما يبدو، بالاتفاق على انهاء التواجد العسكرية الأرضي والابقاء على الدعم الجوي والاستخباري والاستشاري.
وإذا ما أنهيت مهمة التحالف الدولي فسيستعاض عنها بالتحالفات الثنائية خاصة مع دوله الفعالة، مما لا يعرض العراق وأمنه وشعبه وسيادته واقتصاده لأية إخطار، في حال اتخاذ سياسات متسرعة وغير مدروسة لا تضع مصلحة العراق وشعبه في مقدمة مصالحها وأهدافها.