ديناصورات السيد غوتيريش
يتهمون البترول والغاز بتلويث الأرض، والتسبب بالاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة، ويطرحون طاقة الكهرباء وسيارات الكهرباء بديلاً، ولكن من أين تُجلب هذه الطاقة الكهربائية أصلاً؟
بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام لـ«الأمم المتحدة»، خلال كلمة حول المناخ في متحف التاريخ الطبيعي بنيويورك: «في حالة المناخ… نحن لسنا الديناصورات، نحن النيزك، لسنا فقط في خطر… نحن الخطر». وأضاف غوتيريش أن شهر مايو (أيار) 2024 كان الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق في جميع أنحاء العالم، «ويمثل الشهر الثاني عشر على التوالي» الذي يسجل حرارة قياسية.
حسناً، هكذا قال الدبلوماسي البرتغالي العريق، وهذا هو المتوقع منه، ومن غيره، ممن يقتعد كرسي الأمانة العامة لـ«الأمم المتحدة»، حيال قضية المناخ، هو فقط أضاف «اللمسة» الخاصة به، حين قارب الشعور السينمائي العام للناس، في استحضار صورة انقراض الديناصورات القديمة، بسبب نيزك هائل، ضرب الأرض، فاهتزّت له الدنيا، وغابت المخلوقات المهولة، شبه الأسطورية، عن سيادة الأرض، لملايين السنين، وبقي منها مستحاثات وبقايا عظام معروضة في المتاحف، ومجموعة من الأفلام التجارية العالمية، ومئات من قصص الأطفال، بل حدائق ديناصورات خاصة، تحاكي طبعاً المُتخيّل القديم!
هل قضية المناخ سليمة من لوثة التسييس؟!
هذا سؤال مفتاحي، سبق نقاشه هنا مراراً، ولدى دول أخرى، غير أميركا ومن يدور في فلكها، روايات ومقاربات أخرى للقضية.
يتهمون البترول والغاز بتلويث الأرض، والتسبب بالاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة، ويطرحون طاقة الكهرباء وسيارات الكهرباء بديلاً، ولكن من أين تُجلب هذه الطاقة الكهربائية أصلاً؟ من أين تتغذّى محطات توليد الكهرباء، التي تُغذّي بدورها سيارات الكهرباء؟!
نتحدث عن أوروبا نفسها… محطات توليد الكهرباء تتغذى بشكل جوهري من الوقود العادي، من الغاز والبترول، وليس من طاقة الرياح أو الشمس أو المياه، هذه كلها مصادر ثانوية جداً.
ثم كما قال بعض الخبراء، مكونات سيارات الكهرباء هذه أليست من مواد مصنوعة في الأساس من البتروكيميائيات؟!
يعني رجعنا لنفس المصدر، بل زدنا الطلب عليه بسبب سيارات الكهرباء، ناهيك عن أن عشرات الدول في العالم، في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، هي خارج «موضة» سيارات الكهرباء هذه، وليس لديها هذا الترف الغربي.
أما المقاربة الغربية في «حصر» ارتفاع درجات الحرارة بسبب بشري، فهي تتعامى – عمداً – عن سجلات المناخ التي يقدمها أهل الاختصاص، وفيها مواسم ارتفاع حرارة وفيضانات ناتجة عن ذوبان ثلوج أو موجات تسونامي، ناهيك عن مواسم عواصف غبارية ومواسم جفاف وقحط، عبر مئات السنين السالفة، قبل اكتشاف البترول والغاز بقرون وقرون!
إذا أردتَ أن يتم التعامل معك بجدّية، يجب عليك عدم «تطنيش» مثل هذه الأسئلة والمعلومات، وإثبات أنك صادق النية نزيه الغرض، في مقاربة موضوع المناخ، وعندها ستجد التعاون الصادق من كل البشر، ففي النهاية هذا كوكب الجميع، وليس كوكب واشنطن أو نيويورك – حيث مقر «الأمم المتحدة» – وحدها.