أمريكا

دلالات ظهور بايدن المفاجئ وتحذيراته!

ماذا يخشاه بايدن بشكل خاص بعد الانتخابات ليدفعه للخروج بشكلٍ مفاجئ في المؤتمر الصحفي للبيت الأبيض لأول مرة منذ توليه منصبه؟

حتى قبل أن يتخلى عن محاولته لإعادة انتخابه، كان بايدن يقوم بالظهور العام أقل من أسلافه. وكان حذرًا في التعامل مع الصحافيين خشية من زلاته المتكررة، وأجرى بايدن مؤتمرات صحفية ومقابلات إعلامية أقل من أي من الرؤساء السبعة السابقين.

لكن ظهور الرئيس بايدن يوم الجمعة في المؤتمر الصحفي بالبيت الأبيض لأول مرة منذ توليه الرئاسة، مشيدًا بالاقتصاد بعد ساعات من إصدار تقرير الوظائف القوي لوزارة العمل ومحذرا من القبول بالنتيجة الانتخابية ومستشهدًا بتصريحات ترمب في هذا الصدد أثار العديد من التساؤلات.

ماذا يخشاه بايدن بشكل خاص بعد الانتخابات ليدفعه للخروج بشكلٍ مفاجئ في المؤتمر الصحفي للبيت الأبيض لأول مرة منذ توليه منصبه؟

وفي الحقيقة ما يخشاه بايدن وكل الأمريكيين هي عودة العنف ومشاهد اقتحام الكونغرس المروعة في السادس من يناير عام 2020.

اقرأ أيضا.. ترامب يُحمّل اليهود مسؤولية احتمالية فشله في الانتخابات

وربما جاءت هذه التحذيرات في هذا الموضوع بالذات بحسب اعتقادي أو جزء كبير منها بسبب منشورات ماسك الأخيرة، وفي الأسبوع الماضي وقع حاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم على تشريع يحظر على الحكومات المحلية مطالبة الناخبين بتقديم بطاقات الهوية من أجل الإدلاء بأصواتهم وهي خطوة أثارت رد فعل عنيف من قبل إيلون ماسك، الذي وصف نيوسوم بـ “الجوكر”.

وكتب ماسك على موقعه X في وقت متأخر من يوم الاثنين: “لقد أصبح الآن من غير القانوني طلب بطاقة هوية الناخب في كاليفورنيا! لقد قاموا للتو بمنع إثبات تزوير الناخبين”. “الجوكر هو المسؤول.”

وتعتبر كاليفورنيا هي واحدة من 14 ولاية لا تتطلب هوية الناخب للتصويت ومعها في القائمة نيويورك والينوي ونيو مكسيكو وواشنطن وبنسلفانيا المتأرجحة وماريلاند واوريغون ومينيسوتا ونبراسكا ونيوجيرسي وأيوا وولاية مين وجميعها تصنف بانها ديموقراطية زرقاء.

ومع قرب موعد الانتخابات وارتفاع مستوى التحذيرات من عدم تقبل نتيجة الانتخابات والانزلاق نحو العنف السياسي واصل ماسك تحذيراته الشديدة وهجومه على الديموقراطيين بسبب منعهم طلب بطاقة هوية الناخب بحجة عرقلة الناخبين.

وشدد ماسك على أهمية نزاهة الانتخابات والناخبين ومسائل الهجرة، حيث كتب منشور في منصته X في مارس/آذار أن “عدم اشتراط بطاقة هوية للتصويت يجعل من المستحيل إثبات تزوير الناخبين. ولهذا السبب يرفض أقصى اليسار اشتراط بطاقة هوية للتصويت”.

كما أتهم كاميلا هاريس والديموقراطيون قبل أيام بإرسال المهاجرين إلى الولايات المتأرجحة ومنحهم بطاقة هوية وتسجيلهم كناخبين ديموقراطيين من أجل حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح الديموقراطيين للأبد وتحويل أمريكا إلى أمة الحزب الواحد.

لكن ما الذي يدفع الديموقراطيين للدفاع حد الاستماتة لحق التصويت بدون هوية الناخب؟

وفي الحقيقة الديموقراطيون لديهم حججهم لكنها تتعارض بشكل كبير مع الديموقراطيات الكبرى التي تهتم بأمن ونزاهة الانتخابات.

وإذا ما نظرنا إلى العديد من الديموقراطيات الغربية التي تسن قوانين صارمة فيما يتعلق بمعرفة الناخبين حيث يُطلب من الناخبين عمومًا إظهار بطاقة الهوية تحمل صورة الناخب وصادرة عن الحكومة للتصويت في ألمانيا وكندا والهند وفرنسا والمكسيك تجد أمريكا تغرد وحيدة في هذا السياق، ولذلك صنفتها مجلة الايكونوميست بأنها تحتل المرتبة الأخيرة في موثوقية ونزاهة الانتخابات والقضاء بين دول مجموعة السبع.

ويعارض الديمقراطيون متطلبات هوية الناخب، خشية من عرقلة الوصول إلى التصويت ويزعمون أن قوانين هوية الناخب الصارمة يمكن أن تجعل من الصعب على مجموعات معينة من الناس، مثل كبار السن والأفراد ذوي الدخل المنخفض والأقليات، التصويت.

وقد تكون هذه المجموعات أقل احتمالية لامتلاك بطاقات هوية صادرة عن الحكومة بسبب حواجز مختلفة، مثل التحديات المالية أو اللوجستية في الحصول عليها. كما يعتقد الديموقراطيون أن هناك قلق من أن هذه القوانين تؤثر بشكل غير متناسب على الأقليات، الذين هم أقل احتمالية إحصائيًا لامتلاك بطاقة هوية صادرة عن الحكومة. ويمكن أن يؤدي هذا إلى انخفاض نسبة المشاركة في التصويت بين هذه المجموعات التي تميل عادة للتصويت للديموقراطيين، مما قد يؤثر على نتائج الانتخابات.

ويشمل تاريخ حقوق التصويت في الولايات المتحدة فترات واجهت فيها مجموعات معينة، وخاصة الأمريكيين السود، عقبات كبيرة في التصويت.

وغالبًا ما ينظر الديمقراطيون إلى قوانين هوية الناخب باعتبارها خطوة محتملة إلى الوراء في ضمان المساواة وحرية الوصول إلى التصويت لجميع المواطنين.

ويشير الديمقراطيون أيضا إلى الدراسات التي تُظهر أن تزوير الناخبين شخصيًا نادر جدًا في الولايات المتحدة. ويزعمون أن التأثير السلبي على وصول الناخبين يفوق الفوائد التي يروج لها مؤيدو قانون هوية الناخب. كما أنهم (الديمقراطيون) غالبا ما يدافعون عن تدابير تضمن أمن الانتخابات وتحمي وصول الناخبين، مثل التسجيل التلقائي للناخبين، وتوفير بطاقات هوية مجانية بدون رسوم ولا اشتراطات معقدة صادرة عن الحكومة وهو يتعارض مع متطلبات هامة تسنها الولايات للمواطنين.

وعلى الجانب الأخر وهم الغالبية الجمهورية فهم يعتقدون أن قوانين هوية الناخب تساعد في منع الانتحال والاحتيال، مما يضمن شرعية كل صوت يتم الإدلاء به، وتزيد مستوى الثقة العامة في الانتخابات وهو أمر حاسم، وتردع محاولات التلاعب بنتائج الانتخابات، وتمنع التصويت المزدوج من خلال منع الافراد من التصويت عدة مرات.

كما يشير أنصار هذه العملية إلى أن بطاقات الهوية مطلوبة للعديد من الأنشطة الروتينية، مثل ركوب الطائرة، أو شراء الكحول، أو فتح حساب مصرفي ويقولن بأن التصويت هي عملية ديمقراطية مهمة ويجب أن يكون له معايير مماثلة للتحقق من الهوية.

وفي اعتقادي ان أمريكا اليوم منقسمة بشدة وعلى مفترق طرق وتأمين الانتخابات وتعزيز الموثوقية في نتائجها في مصلحة الجميع، بالرغم من وجاهة الحجج الديموقراطية.

كما أن تجاهل طلب هوية الناخبين سيؤدي الى خلق نتائج مشكوك فيها على أحسن الأحوال ومن الجانبين، وسيدفع البلاد مجددا نحو الانزلاق إلى العنف السياسي وربما حدوث ماهو أخطر من اقتحام الكونغرس. وحتى اليوم مازال هناك 60% وربما أكثر من الجمهوريين يعتقدن أن ترمب انتصر في انتخابات 2020. وإذا ما أراد الجميع خفض مستوى العنف والقبول بنتيجة الانتخابات أيا كانت، يجب العمل على جعل هذه الانتخابات موثوقة ونزيهة كما يحدث في كل الديموقراطيات الأخرى حول العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى