دولة الإحتلال

دروز دولة الاحتلال: الثمن الباهظ والمواطنة المنتقصة

إلى جانب العشرات من القتلى في صفوف جيش الاحتلال، ومشاقّ قوانين التمييز التي تحرمهم من أبسط الحقوق، يدفع دروز دولة الاحتلال ضريبة الانعزال عن أبناء طائفتهم في سوريا ولبنان ومناطق واسعة من الجولان المحتل ذاته، حيث حرّمت القيادات الروحية الانخراط في جيش الاحتلال، كما فعلت أيضاً قيادات سياسية على شاكلة وليد جنبلاط.

خصّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالذكر النقيب وسيم محمود نائب قائد السرية في كتيبة الهندسة 601، الذي كان بين 8 من جنود الاحتلال قُتلوا نتيجة كمين محكم نفذنه المقاومة الفلسطينية في رفح واستهدف مدرعة إسرائيلية عالية التحصين. وكان نتنياهو يتقصد مداهنة الطائفة الدرزية التي انتمى إليها الضابط القتيل، ويوحي أيضاً بأن حرب الإبادة المتواصلة ضدّ القطاع لا تقتصر على اليهود.

لكن نتنياهو تناسى، عامداً أيضاً، أنه ليس رئيس الحكومة الأكثر يمينية وعنصرية وفاشية في تاريخ الكيان الصهيوني فحسب، بل هو كذلك رأس التحالف السياسي والديني والقومي المتشدد الذي سنّ ما يسمى قانون «قومية الدولة» الذي يحيل دروز دولة الاحتلال إلى مواطنين منتقصي الحقوق من الدرجة الثانية أو الثالثة.

وهو أيضاً يترأس السلطة التي تواصل مصادرة أراضي الدروز هنا وهناك في عموم دولة الاحتلال وفي الكرمل والجليل والجولان المحتل بصفة خاصة، كما تقطع الكهرباء عن بيوتهم وقراهم، وتفرض عليهم غرامات مالية ثقيلة، وتتشدد في تطبيق «قانون كيمينيتس» الذي يجعل مستحيلاً على الأزواج الشباب من الدروز شراء أرض أو بناء بيت.

الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في دولة الاحتلال، امتدح الضابط القتيل ساعة تشييع جثمانه في قرية بيت جن مسقط رأسه، واعتبر أنه ينضم إلى «قائمة طويلة من الشهداء الدروز الذين ضحوا بحياتهم من اجل أمن الدولة منذ اندلاع الحرب» مذكراً بأن الطائفة «تدفع مرة اخرى ثمناً باهظاً جداً، ثمناً فوق قدرة التحمل في الحرب». لكنه لم يتردد في التشديد على واقع الانتقاص الذي يعاني منه أبناء الطائفة في ظل القوانين التي سنتها وتسنها حكومات الاحتلال المتعاقبة، وقال في بيان رسمي: «نكتشف مرة اخرى أن الشراكة والمساواة في تحمل العبء هما في ساحة المعركة» ولكن المساواة لا تُطبّق في شؤون «الحياة اليومية».

وفي أعقاب عملية «طوفان الأقصى» وربما من منطلق التحسب لتلك الاثمان الباهظة التي سيدفعها أبناء الطائفة من العاملين في صفوف جيش الاحتلال، كان الشيخ طريف قد كتب إلى نتنياهو للتشديد على الحقوق الدنيا، وقال: «لقد حان الوقت كي تأخذ الحكومة الطائفة وجنودها بعين الاعتبار، وأولئك الذين سقطوا في المعركة». ومثل مناشدات سابقة، بعضها يمتد على 75 سنة من عمر الكيان الصهيوني، ذهبت المطالب أدراج الرياح وبقي أبناء الطائفة أسرى قانون التجنيد الإجباري الذي فُرض عليهم من دون الطوائف الأخرى ومنذ العام 1957.

وإلى جانب العشرات من القتلى في صفوف جيش الاحتلال، ومشاقّ قوانين التمييز التي تحرمهم من أبسط الحقوق، يدفع دروز دولة الاحتلال ضريبة الانعزال عن أبناء طائفتهم في سوريا ولبنان ومناطق واسعة من الجولان المحتل ذاته، حيث حرّمت القيادات الروحية الانخراط في جيش الاحتلال، كما فعلت أيضاً قيادات سياسية على شاكلة وليد جنبلاط.

ومع احتمال سقوط المزيد من أبنائها في معارك غزة، تواصل الطائفة معاناة محنة مزدوجة بين ثمن باهظ ومواطنة منتقَصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى