خلف أبواب مغلقة: حماس والمواجهة المزدوجة بين المفاوضات والميدان
في قلب هذه المعركة السياسية، تواجه حماس تحديًا مضاعفًا. في المفاوضات، تضطر لتقديم تنازلات لا ترغب في الكشف عنها أمام جمهورها الذي ينتظر منها الصمود وعدم التراجع. هذا التناقض بين ما يُقال خلف الأبواب المغلقة.
في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لأشد أنواع القصف والدمار، وتسيل دماء الأبرياء في الشوارع، تقف حماس في مواجهة معقدة، ليست فقط أمام آلة الحرب الإسرائيلية، بل أيضًا في معركة تفاوضية شاقة تدور خلف الأبواب المغلقة. فبينما يشتعل الخطاب الناري في العلن، محذرًا ومتوعدًا، تدور في الكواليس مفاوضات أشبه بمعركة من نوع آخر؛ معركة كلمات ووعود، قد تنتهي بصفقة تغير مسار الأحداث.
تتناقل الأنباء معلومات عن أن حماس تمارس خطابًا مزدوجًا، حيث تبدو كمن يقاتل على جبهتين. في الغرف المظلمة، هناك لغة أخرى تُستخدم، لغة قد لا تكون قاسية كما تظهر في البيانات العلنية. قد تكون هناك تنازلات لم تُعلن، وأسرار مدفونة تحت ركام الجلسات السرية، محاطة بجدران سميكة من الصمت والترقب. فهل هي مرونة سياسية فرضتها الظروف أم أنها مجرد محاولة لحماية ما تبقى من توازن القوة؟
لأن حماس تدرك أن كنا نتنياهو فى مأزق فهى أيضا فى مأزق كبير جداً منها أنها حاله الحرب للحفاظ على ما تبقى من أهل غزه وللحفاظ على ما تبقى من قادتها والبقاء على اخر حلقه من شعبيتها واستجابتها لمطالب الوسطاء الذين من الممكن أن يتخلى عنها فى اى لحظه وخصوصاً وان حماس تدعى أنها غير مشاركه فى المفاوضات مع تحدث بعض وسائل الإعلام عن زياره شخصيه كبير فى حماس لى القاهره خلال الأيام القليلة المقبلة.
في قلب هذه المعركة السياسية، تواجه حماس تحديًا مضاعفًا. في المفاوضات، تضطر لتقديم تنازلات لا ترغب في الكشف عنها أمام جمهورها الذي ينتظر منها الصمود وعدم التراجع. هذا التناقض بين ما يُقال خلف الأبواب المغلقة وما يُعلن للعامة قد يكون محاولة لاحتواء الوضع، وللحفاظ على مكانتها بين أبناء شعبها الذين ينظرون إليها كرمز للصمود والمقاومة. واذا حدث الصفقه مع تقديم تنازلات أو وفق شروط سابقه ولم يحدث تغير وعادت إلى نفس الشروط السابقه وهى الإبقاء فى محور نتساريم ومحور فيلادلفيا وتفتيش العائدين من الجنوب إلى الشمال.
أصدرت حماس بيانًا تؤكد فيه أن إسرائيل تضع شروطًا وعقبات جديدة أمام الصفقة، وانها غير موافقه علي ما جاء فيها ويعتبر مخالفةً لما تم الاتفاق عليه في مبادرة بايدن. هذا البيان جاء ليعكس حجم التعقيدات التي تواجهها حماس في هذه المفاوضات. فقد أشارت إلى أن إسرائيل تعمد إلى تغيير شروط اللعبة بشكل مستمر، مما يعقد الأمور ويجعل من التوصل إلى اتفاق نهائي أمرًا بعيد المنال.
في هذه الأثناء وحين كتابه هذه السطور، توجهت الفرق الفنية للوفد الإسرائيلي إلى الدوحة والقاهرة، في مسعى لإنجاز الصفقة وتحقيق التقدم المطلوب. تتزامن هذه التحركات مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل ولقائه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومن ثم توجهه إلى القاهرة لمتابعة سير وتنفيذ مراحل الصفقة. هذه التحركات الدبلوماسية تعكس مدى تعقيد وتشابك المشهد السياسي، حيث تلعب العواصم الإقليمية والدولية دورًا حاسمًا في محاولة تحقيق الاستقرار وإنهاء النزاع فى المنطقة خوفا من رد من ايران وهو برأيى مستبعد ولذلك كان من التكتيكات الدولية هو الخطوة الأولى هو وقف اطلاق النار فى غزه . لكى يقف الجميع عند مسؤوليته.
اقرأ أيضا| طوفان حماس.. مقاربة مختلفة
حماس تدرك جيدًا أن الحفاظ على الدعم الشعبي هو أمر بالغ الأهمية لانه هو اذا استمر سيكون رافعتها المستقبلية فى غزه لذا يظهر خطابها العلني وكأنه انعكاس لرغبة قوية في التمسك بالمبادئ والمواقف التي دافعت عنها طوال سنوات. لكن هل يمكن لهذا الخطاب المزدوج أن يخفي حقيقة ما يحدث في المفاوضات؟ هل هو تضليل مقصود أم ضرورة فرضتها تعقيدات المرحلة؟
وبالتأكيد داخل قاعات المفاوضات، تدور رحى معركة من نوع آخر. على الطاولة، تُطرح شروط ومطالب تتعلق بمصير آلاف الأرواح. وفي هذه اللحظات الحرجة، تسعى حماس لإظهار أنها لم تتنازل بسهولة، بل انتزعت ما يمكن انتزاعه من بين أنياب القوى الكبرى، حتى وإن كلفها ذلك التضحية ببعض المبادئ العلنية. إنها معركة للإبقاء على شعرة معاوية بين ما يُطلب منها وما يمكن أن تقدمه، دون أن تخسر نفسها أو جمهورها.
ومع ذلك، لا يمكن لحماس أن تبدو متساهلة. في العلن، تحافظ على خطابها الثابت، مؤكدة أنها لم ولن تتنازل عن حقوقها. وهذا الخطاب العلني ليس فقط موجهًا للجمهور الفلسطيني، بل أيضًا للخصوم الذين يراقبون عن كثب. فهي تريد أن تُظهر أنها، رغم التحديات، لا تزال متمسكة بمواقفها، وأن ما يُقال خلف الأبواب لا يعني أنها رضخت للضغوط.
اعتقد ان صدقت التصريحات الأمريكية، فقد يكون الإعلان عن نجاح الصفقة بمثابة “انفجار مفاجئ” في وسائل الإعلام، حيث ستظهر حماس بمظهر من حقق إنجازًا كبيرًا رغم كل الصعوبات. لكن الحقيقة، كما هي دائمًا، قد تكون مغايرة لما يبدو على السطح. فمعركة الغرف المغلقة قد تكون حاسمة بنفس قدر المعركة على الأرض، وفي النهاية، سيكون الحكم على نتائج هذه الصفقة بيد الشعب والتاريخ.
3 تعليقات