خطوة بايدن التالية مقامرة انتخابية كبيرة
هاجم بايدن محطات توليد الطاقة التي تعمل على الفحم، وأمرها باستخدام تكنولوجيا حديثة لإزالة الكربون لتنظيف انبعاثاتها بالكامل في غضون 10 أعوام، وإلا إغلاقها.
من المقرر أن تواجه حملة إعادة انتخاب جو بايدن، في محاولة للاستحواذ على أصوات الشباب من خلال تسليط الضوء على الفرق الواسع بينه وبين الرئيس السابق دونالد ترمب في شأن قضية أزمة المناخ، أكبر خصم لها حتى الآن الأسبوع المقبل، شبكة الكهرباء الكبرى.
بعد الهجوم الذي شنه الشهر الماضي على قطاعي النفط والغاز من خلال سن قوانين انبعاثات جديدة غير مسبوقة، سيرفع فريق بايدن الرهان، الأسبوع المقبل، من خلال الكشف عن خطة مثيرة للجدل لجمع الشبكات الكهربائية المستقلة الثلاث في البلاد معاً بهدف دفع كلفة إعادة بناء النظام الأميركي المتقادم والمختنق لتوصيل الكهرباء.
هذه الخطة، التي تضاهي في ضخامة طموحها حملة الرئيس دوايت أيزنهاور قبل عقود، لبناء نظام وطني للطرق السريعة، هي رهان هائل على أن شغف الشباب بمكافحة الاحتباس الحراري سيجعلهم يتغاضون عن انتقاداتهم لبايدن في ما يتعلق بكل من ملف التضخم وغزة والهجرة، وبالطبع عمره.
الأخطار هائلة بالنسبة لقطاع الأعمال التجارية الأميركية والاقتصاد الأميركي، إذ لن يتمكن نظام الشبكة في وقت قريب من تحمل الزيادة الهائلة في الطلب على الطاقة المتوقعة بسبب اشتداد القيظ الناجم عن تغير المناخ ومن مئات مراكز البيانات الجديدة التي بنيت لإيواء تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة. وقد رفعت لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية، أخيراً، توقعاتها لنمو الطلب في الولايات المتحدة على مدى السنوات الخمس المقبلة بنسبة 81 في المئة.
وستواجه هذه الخطة انتقادات لاذعة من ترمب وقادة ولايته الجمهوريين “الحمر”، الذين يفضلون التوسع في الاستثمار في شركات الوقود الأحفوري لتلبية الطلب وتوفير أمن الطاقة. لقد أصبحت أميركا أكبر منتج للنفط في العالم في السنوات القليلة الماضية، وحققت شركات النفط العملاقة مثل “إكسون” و”شيفرون” أرباحاً ناهزت عشرات المليارات من الدولارات لمساهميها مع ارتفاع أسعار النفط بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
سيزعم الجمهوريون أنهم لا يريدون أن يدفعوا ثمن ما يعتبرونه خطة من قبل الديمقراطيين والولايات الزرقاء لإرسال الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. هذه الطاقة موجودة بالفعل بكثرة، ولكنها محجوبة عن الشبكات في عديد من الظروف. الدعاوى القضائية المرفوعة مؤكدة.
قبل أسبوعين، هاجم بايدن محطات توليد الطاقة التي تعمل على الفحم، وأمرها باستخدام تكنولوجيا حديثة لإزالة الكربون لتنظيف انبعاثاتها بالكامل في غضون 10 أعوام، وإلا إغلاقها. كان هذا الأمر أكبر مبادرة مناخية حاول الرئيس الدفع بها منذ تمرير قانون خفض الانبعاثات الكربونية للاستثمار في التقنيات المناخية الجديدة قبل عامين.
تتألف الشبكة الأميركية من ثلاث شبكات منفصلة: شبكة الربط الشرقي Eastern Interconnection، التي تتولى توفير الكهرباء لجميع الولايات الواقعة شرق جبال الروكي في كولورادو، وشركة “الربط الغربي” Western Interconnection، التي تتولى احتياجات الكهرباء في غرب الولايات المتحدة، وشبكة “ربط تكساس” Texas Interconnection، التي كان مسؤولو تكساس يديرونها تاريخياً بشكل مستقل.
هناك حاجة إلى الآلاف من خطوط النقل الجديدة ذات السعة العالية لربط هذه الشبكات ومئات مشاريع الطاقة النظيفة التي تنتظر “الربط البيني” حالياً.
ومثلما هي الحال مع قانون بايدن للحد من التضخم، وأمره لمحطات الفحم والغاز بالحد من الانبعاثات، فإن خطة الشبكة ضرورية ومعرضة تماماً لخطر تقليصها أو القضاء عليها من قبل إدارة ترمب المقبلة. لقد قرر فريق إعادة انتخاب بايدن أن يلعب دوره في وقت مبكر ليوضح للناخبين المحتملين ما هو على المحك في الانتخابات.
فالشبكات والوصلات وخطط الحد من الانبعاثات من الأمور التي ربما تشعر الناخبين بالملل مقارنة بالإجهاض أو السيطرة على الأسلحة أو غزة أو الهجرة، أو بصراحة التكهنات المتعلقة بتزوير الانتخابات، لكن انقطاع التيار الكهربائي وترشيد الكهرباء وضياع فرص العمل ونقص الحرارة أو التبريد أثناء الطقس القاسي سيجبرهم على الانتباه. سيلعب الطقس هذا الصيف دوراً كبيراً في الانتخابات.
فالمبادرة المناخية الرئيسة الثالثة والأخيرة على الأرجح للرئيس في ولايته الأولى، التي تأتي قبل المؤتمرات الحزبية هذا الصيف وانتخابات نوفمبر، تضع أزمة المناخ على بطاقة الاقتراع مباشرة. والسؤال المطروح هو ما إذا كان الناخبون الأميركيون الشباب سيضعون مخاوفهم في شأن التضخم وغزة جانباً لفترة كافية للاهتمام بها.