حماس

حماس وورطة القرن

لم تكتفِ حماس بكل ما سبق، فهي تعد العدة لليوم التالي للحرب، لتنشب أظافرها داخل اللحم الفلسطيني، فهي تقوم بترويع النازحين في مخيماتهم عبر ملثميها، وتطارد وتحطّم أطراف بعض الصحافيين، وترسل ملثميها لاستدعاء العاملين في المؤسسات الإغاثية لمقاسمتهم المساعدات.

من يتابع صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة الأسير، يلاحظ حدّة الانتقادات التي يوجهها الناس لحركة حماس ليس فقط لأنّ حماس ورطتهم بـ”ورطة القرن”، بل لأسباب أخرى عديدة مثل سرقة المساعدات المقدمة من الدول العربية والإسلامية والمنظمات الخيرية والإغاثية وبيعها في الأسواق، ولممارستها القمع وتكميم الأفواه من تكسير الأطراف والاعتداء الجسدي على منتقديها مثل ما حصل مع الناشط أمين العابد على سبيل المثال لا الحصر، وبسبب انتشار المحسوبيات بشكل منقطع النظير في ظلّ هذه المحرقة الأعتى على مر الدهور.

يدلل كل ما سبق على الانخفاض الحاد لشعبية حركة حماس في قطاع غزة، فحكمها أضحى معادلاً للحروب الخاسرة المتتالية والحصار الاقتصادي وانخفاض مستوى المعيشة، بالإضافة إلى أساليب حكمها البوليسي العنيف وانعدام الشعور بالأمان بسبب مغامراتها وعنترياتها اللامسؤولة، وهذا هو الأهم، مما خلّف كنتيجة طبيعية اليأس والإحباط لدى عامة الناس، فهم يصرخون في منشوراتهم مطالبين بوقف الحرب مهما كان الثمن.

وقف الموت والدمار والجوع والتشرد والنوم في الشوارع والتنقل من مكان إلى آخر، وهم يحملون خيامهم ومتاعهم البائس على ظهورهم المتقوسة من التعب والنزوح المتكرر. وبالتالي لم يعد يعنيهم انسحاب الاحتلال أو عدم انسحابه من محور ما أو قطاع سكني ما أو ممر ما، فكلّه سواء، لينطبق عليهم قول شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري: “ما عاد عندي ما يبتزّه الألم.. حسبي من الموحشات الهم والهرم”. وهم حسبهم أي الغزيين الاحتلال وحماس.

اقرأ ايضا| هل خالفت حماس قواعد الشريعة في تعاملها مع الرهائن الستة ؟

هذا الإحباط المتجلي في مشاهدة طوابير الأطفال الصغار الكئيبة وهم يقفون يحملون أوعيتهم الفارغة، بانتظار أن تملأ بالماء أو بعدة غرفات من الطعام الذي يقدمه المتطوعون لتسد رمقهم وتقيم أودهم. فغاية الأمنيات الوصول إلى الكفاف والاستمرار على قيد الحياة وعدم الموت جوعًا أو عطشًا كما حصل ويحصل لعشرات الأطفال في القطاع، عوضًا عن وقوفهم في طوابير الصباح المدرسية وهم يرددون النشيد الوطني الفلسطيني ويحملون حقائبهم المدرسية على ظهورهم، في هذا الشهر سبتمبر حيث تفتح المدارس والجامعات أبوابها للتلاميذ والطلبة.

خسر كافة تلاميذ وطلاب غزة عامًا دراسيًا من حياتهم، خسروا هذا العام الدراسي دون ذنب اقترفوه، ذنبهم الوحيد أنهم في بقعة جغرافية صغيرة اسمها قطاع غزة تشن دولة الاحتلال عليها حربها الأشرس والأطول واللاأخلاقية واللاإنسانية في تاريخها المزمن.

لم تكتفِ حماس بكل ما سبق، فهي تعد العدة لليوم التالي للحرب، لتنشب أظافرها داخل اللحم الفلسطيني، فهي تقوم بترويع النازحين في مخيماتهم عبر ملثميها، وتطارد وتحطّم أطراف بعض الصحافيين، وترسل ملثميها لاستدعاء العاملين في المؤسسات الإغاثية لمقاسمتهم المساعدات، وتطوّع بعض الشباب من خلال بعض المغريات المادية والإغاثية وتكلفهم بمراقبة المخيمات وإدارتها حسب سمع ونظر جماعة الإخوان المسلمين لتبقى المخيمات تحت سيطرتهم وخاضعة لقوانينهم الجائرة.

تفكر حماس باستمرار حكمها في اليوم التالي للحرب فقط، ولا تفكر بمن ورّطتهم بورطة القرن التي إن انتهت ستنتهي بأرض مدمّرة تحتاج إلى 15 عامًا لترحيل 42 مليون طن من الأنقاض حسب تقييم الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى