حماس والمستشفيات..خط أحمر!
استمرار حديث حماس وقادتها الهاربين إلى الخارج، أو المختبئين في المستشفيات والمناطق المدنية، عن صمود شعبنا وتحديه لآلة حرب الإبادة الإسرائيلية أصبح استغباء للشعب وللعالم، واصبح يشكل اكبر ضرر للحقوق الوطنية الفلسطينية
يبدو أن قيادة حركة حماس المتحكمة بكل شيء في قطاع غزة، تعتقد أن باستطاعتها وقف عجلة التاريخ، في ظل عدم إعارتها أي انتباه لرأي الشعب الفلسطيني وقواه المختلفة، وتعتبر ألا قيمة لما يفكر به غيرهم من الفلسطينيين، بل ولا تعير أي انتباه لردة الفعل الإسرائيلية المتوقعة بعد ٧ أكتوبر، وتواصل استخدام المستشفيات والمراكز الصحية المدنية كمراكز عسكرية، لعقد اجتماعاتها والاختباء من القصف الذي لا يتوقف، والتي كان آخرها ما حدث وما يحدث حتى الآن في مستشفى الشفاء أكبر مستشفيات القطاع، حيث تم اكتشاف مجموعة كبيرة من قادة الحركة السياسيين والعسكريين في أروقتها، بالإضافة الى العثور على أسلحة، مثلما ذكرت وسائل اعلام إسرائيلية وجيش الاحتلال في بياناته المختلفة.
الأسوأ من ذلك كله، هو ما كشفته وسائل اعلام عربية، أنه لولا اكتشاف أحد عناصر الأمن الداخلي التابع لأجهزة أمن حماس، أحد عناصر القوات الخاصة الإسرائيلية في المستشفى من خلال ملاحظة سلاحه الشخصي، كان قد دخل الى هناك عبر الادعاء بأنهم بعثة طبية دولية، لكانت قد وقعت كارثة كبيرة وتم القاء القبض على الكثير من قادة حماس العسكريين، خصوصا بعد عقد الشهيد فائق المبحوح القيادي في وزارة الداخلية، وعدد من القادة الآخرين مثل قائد لواء غزة عز الدين الحداد والقيادي البارز في القسام رائد أسعد، اجتماعات مع العشائر الفلسطينية هناك، وتوجيه تهديد واضح لهم بالتعامل بكل قسوة مع أي مختار يتعامل مع إسرائيل التي كانت تسعى للتواصل معهم لتوزيع المساعدات عبر تشكيل لجان محلية، بدلا عن حكم حماس.
وتم اكتشاف أمر القوة الخاصة وهروب عدد كبير من قادة الحركة الى خارج أسوار المستشفى الطبي المركزي.
استمرار حديث حماس وقادتها الهاربين إلى الخارج، أو المختبئين في المستشفيات والمناطق المدنية، عن صمود شعبنا وتحديه لآلة حرب الإبادة الإسرائيلية أصبح استغباء للشعب وللعالم، واصبح يشكل اكبر ضرر للحقوق الوطنية الفلسطينية، لأن ما يجري هو ابادة للشعب الفلسطيني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فلا يمكن وصفه بغير ذلك.
لابد من التحوّل في برامج وخطاب حركة حماس من الدفاع والشعارات الرنانة الكاذبة، إلى الهجوم وكشف ما يقوم به الاحتلال من جرائم ضد الإنسانية، وعدم ترك مجالا أو ذريعة للاحتلال لمهاجمة المستشفيات والمراكز المدنية الصحية، واجراء تغيير جذري على برنامج المقاومة وبرامج الفصائل الفلسطينية جميعا، حتى نصون ما تبقى من الإنسان الفلسطيني.
الطريق الصحيح الآن يتمثل في وقف حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة بأسرع وقت وبأي ثمن كان، حتى لو كان تسليم كل الأسرى الإسرائيليين الموجودين في غزة، مقابل عودة النازحين الى بيوتهم في الشمال، وإدخال المساعدات وإعادة الاعمار، وتسليم حكومة التكنوقراط التي تعارضها حماس وبعض الفصائل، زمام الأمور بالقطاع، حتى تقوم بتطييب جرح غزة الجائر، والاعتذار من الشعب الفلسطيني على كل ما حدث منذ تاريخ السابع من أكتوبر، ويكفي أن هذه الحرب قد أعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة، ودفعت العديد من الدول الى التفكير بالاعتراف بدولة فلسطين فعليا.
هذا الأمر من شأنه وضع كل الدول القريبة والبعيدة والقوية والضعيفة والمعادية والصديقة والمحايدة امام مسؤولياتها تجاه قطاع غزة والقضية الفلسطينية برمتها، كذلك سيعطي زخم اكبر للقوى المناصرة لنا في العالم وسيزيد قوتها وسيعيدنا الى خندق حلفائنا، لذلك أرى أنه بعد ٧ اكتوبر قد اصبحت الطريق واسعة امام خيار إقامة دولتنا هذا الخيار.
أما من يريد البقاء خارج هذا السياق، معتبرا أن بعض الصواريخ التي تمتلكها حماس والجهاد وبعض الفصائل الأخرى، بديلا للرب الأعلى، وأنها الخط الوحيد لاعادة حقوقنا وإقامة دولتنا، فإنه فقط يعطي بذلك الوقت للأعداء للاستمرار في جرائمهم وتنفيذ مخططاتهم، يجب ان نقلب الطاولة في وجوههم. لم يعد لدينا ما نخسره.