حماس التي ترفض السماع للنصائح إلى أين أخذتنا؟
المشكلة مع حماس أنها تنظيم إخواني، ومن صفات جماعة الاخوان المسلمين انهم لا ينصتون الى النصائح، واليوم ليس موضوعنا جماعة الاخوان وما جرته علينا وعلى العرب من تخلف وجهل، وكوارث سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية. وليس موضوعنا الاسلام السياسي بشقية السني والشيعي، حيث عاثوا بالمنطقة وشعوبها خرابا، وفي النهاية الاشياء تقاس بنتائجها، فهم من حيث لا يدرون، فقد حصل ما حصل، إما بسبب التخلف والفكر الرجعي، او انهم يدرون، نتيجة لمصالح ضيقة، وفي كلا الحالتين قدموا للصهيونية والامبريالية خدمات هائلة. ما يخصنا نحن الفلسطينيين هنا هي حماس، التي منذ تأسيسها لم يسجل انها استمعت لنصيحة، والسبب ان فلسطين بالنسبة لها تمثل جزءًا بسيطًا جدا من المشروع الإخواني الاستراتيجي الذي يتعلق بالأمة الاسلامية كلها، وبالتالي فإن همّ حماس ليس هو همّ الوطنيين الفلسطينيين، فهؤلاء ليس لهم من مشروع سوى المشروع الوطني الفلسطيني وأهدافه.
لن نعود بمسألة النصائح المتعلقة بالعمليات الانتحارية، التي كانت تتم بشكل غريب عند كل مرحلة كان بموجبها على جيش الاحتلال الإسرائيلي ان ينسحب من اجزاء من الضفة بموجب اتفاقيات أوسلو، وكانت إسرائيل تتخذ في كل مرة منها ذريعة لعدم التنفيذ، او تلك العمليات الانتحارية التي كانت سببا في فوز نتنياهو في انتخابات 1996 بعد اغتيال اليمين المتطرفالإسرائيليلرابين. لن نعود الى تلك المرحلة، وإنما فقط منذ ان فازت حماس في الانتخابات التشريعية في مطلع العام 2006، عندما نصحت لحماس انها إذا أرادت أن تشكل حكومة وتتسلم السلطة فعليها على الاقل ان تعلن انها تلتزم بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، او تعلن انها توافق على المبادرة العربية، التي رفضها شارون، وفي حينه امتنعت حماس عن الاستجابة وتعرض الشعب الفلسطيني لحصار سياسي ومالي واقتصادي دولي مشدد، ونذكر عندها ما قاله الزعيم الوطني اللبناني سليم الحص ناصحا حماس بأن عليها ان تختار اما ان تكون حركة مقاومة او ان تكون سلطة حكم.
ثم وبعد ان قامت حماس بانقلابها العسكري في قطاع غزة في شهر حزيران 2007، قدمت أطراف عديدة فلسطينية وعربية وحتى دولية النصح لحماس، وقالوا لها ان ما قامت به لا يخدم سوى إسرائيل، إلا ان حماس، التي أطلقت على ما قامت به في غزة “حسم عسكري ” كان لديها خطة للسيطرة على قطاع غزة تلبية لأهداف جماعة الاخوان بهدف الأضرار بمصر. وعندما بدأت حماس في إطلاق صواريخ بدائية على إسرائيل لم تكن تحدث اي تدمير جدي في إسرائيل، مرة أخرى تم نصح حماس ان هذه الصواريخ تقدم لدولة الاحتلال ذريعة لتدمير قدرات الشعب الفلسطيني بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص.
لقد ضربت حماس بعرض الحائط كل المناشدات لوقف الانقسام، وفصل قطاع غزة عن الضفة والعودة للبيت الوطني الفلسطيني، الى درجة انها قبلت ان تتلقى المال عبر الموساد، والمهم بالنسبة لها هو ان تحافظ على سيطرتها على قطاع غزة. بعد ذلك ومنذ الطوفان، الذي ثبت انه مغامرة غير محسوبة، حتى حلفاء حماس في محور المقاومة يتحدثون اليوم بشكل علني ان هجوم السابع من أكتوبر كانت مغامرة وعمل مبالغ فيه قام به السنوار، وانه إذا كان الهدف تبييض السجون كان بالإمكان الاكتفاء بخطف اربعة او خمسة جنود، منذ تلك المغامرة قامت أطراف عديدة بمن فيهم الوسطاء، بأن تقوم حماس بسحب الذرائع التي تواصل إسرائيل منخلالها حرب الابادة على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، وتمنع الاستمرار في تدمير قطاع غزة، وبدل ان تستمع حماس للنصائح كانت تدعو الى نقل المعركة للضفة وتواجه الدمار والخراب.
إقرأ أيضا : عن أميركا وفخّ العنف السياسي بعد محاولة اغتيال “ترامب”
كان بإمكان قيادة حماس ان تعلن انها على استعداد الى إعادة جميع الرهائن فقط مقابل ان تتوقف الحرب من الشهر الأول عندما بدا واضحا ان الهدف الإسرائيلي هو تدمير قطاع غزة، وحتى تصفية القضية الفلسطينية برمتها. واليوم ونحن نشاهد ان إسرائيل وقد انتقلت بحربها التدميرية الى لبنان الشقيق، وبالرغم من الموقف الذي اعلنه زعيم حزب الله الشيخ نصر الله بأنه سيستمر بإسناد غزة، على حماس ان تبادر، وكما يدعوها كثيرون إلى وقف القتال من جانب واحد في قطاع غزة وتسليم المحتجزين الإسرائيليين لمنع تدمير لبنان ومقدراته ولوقف استمرار تدمير غزة.
حماس التي واصلت الاصرار على الانقسام ورغبتها في الاحتفاظ بالقطاع والسيطرة على كل الكيانية الوطنيةالسياسية، هي لا تزال تراهن، وبعد كل ما جرى لقطاع غزة والقضية الفلسطينية، تراهن بأن تحتفظ بدور لها في قطاع غزة، دون اي اكتراث بمصير الشعب وكل مقدرات القطاع، واستشهاد اكثر من 50 الففلسطيني وجرح اكثر منن 100 الف، دون تحقيق هدف وطني واحد. ماذا ينتظر الشعب الفلسطيني من حماس التي لا تستمع للنصائح؟ إلى أين أخذ طوفان حماس الشعب الفلسطيني وقضيته والمنطقة؟!
تعليق واحد