بعد مفاوضات كامب ديفيد التي جرت في واشنطن( عام 2000) بين رئيس الوزراء السابق إيهود باراك والرئيس الراحل ياسر عرفات برعاية الرئيس كلنتون وصل الرئيس ياسر عرفات لقناعة بعدم الجدوى للتوصل لاتفاق مع الجانب الإسرائيلي بدون الضغط عبر العمل المقاوم تحت شعار( التفاوض تحت النار) والإسرائيلي وصل لهذه القناعة أنه لابد من الضغط على القيادة الفلسطينية لكسر ثوابتها الوطنية التي تمسكت فيها خلال المفاوضات، فكانت انتفاضة الأقصى التي قابلها الاحتلال الصهيوني بدموية عالية منذ الأيام الأولى، مما اضطر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بمعرفة وتوجيه من تحت الطاولة للرئيس الراحل إلى استخدام السلاح.
وكذلك أطلقت يد كتائب شهداء الأقصى وباقي الكتائب الفلسطينية المسلحة لضرب الاحتلال الصهيوني، أثناء انتفاضة الأقصى أجريت لقاء مع أحد المسؤولين الفلسطينيين وسألته( انتفاضة عام ٨٧ انتهت إلى توقيع اتفاق أوسلو فهل انتفاضة الأقصى ستنتهي بخارطة الطريق ) كانت خارطة الطريق في بداية التحضير لها كان رده بشكل قاطع (لا) لقد تعلم الشعب الفلسطيني الدرس ولن يسمح بتمرير هكذا خطة وإنهاء الانتفاضة لكن الذي جرى عكس ذلك، فقد اتخذ قراراً إسرائيلياً أمريكياً بمباركة عربية لإزاحة الراحل ياسر عرفات عن المشهد السياسي الفلسطيني، الذي اعتبروه آنذاك عقبة أمام تطبيق خارطة الطريق الدولية المزعومة وكانت الخطوة الأولى تقليص صلاحياته وصولاً إلى اغتياله،
اليوم تبدو إسرائيل وأمريكا وبغطاء عربي تريد أن تفعل نفس السيناريو لكن بإخراج جديد ( وهم حل الدولتين ) لكنهم في الحقيقة منطلقين من أن المقاومة الفلسطينية قد هزمت في معركة طوفان الأقصى في غزة وعلى الكل الفلسطيني أن يدفع الثمن سلطة ومقاومة،
الغريب بالأمر رغم إدراك قيادة السلطة الفلسطينية لهذا الاستهداف إلا أنها تعاملت معه لتنجو بنفسها عبر تقديم المزيد من التنازلات، فجاءت الاستجابة سريعة عبر تقديم حكومة أشتية استقالتها لإفساح المجال أمام تشكيل حكومة تكنوقراط ولم يخفِ محمد أشتية أثناء تقديم الاستقالة حقيقة الاستجابة للضغط الدولي وما يجري في قطاع غزة،
عندما قال “إنها تأتي استجابة للمطالب الدولية بإصلاح النّظام السياسي الفلسطيني تمهيداً لتشكيل حكومة كفاءات تضمّ بعض الأحزاب لإدارة المشهد الفلسطيني في مرحلة ما بعد الحرب في القطاع”، وأضاف “المرحلة المقبلة تحتاج إلى ترتيبات سياسيّة جديدة تأخذ في عين الاعتِبار التطورات في القطاع ومحادثات الوحدة الوطنيّة”.
لقد كان الأجدى بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية الصمود في وجه هذه الضغوط والذهاب إلى إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧ من طرف واحد، خاصة أن المرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو قد انتهت عام ١٩٩٩، ووضع الأمريكي والأوروبي في الزاوية الذي يردد معزوفة حل( الدولتين صباح مساء) والذهاب إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع لترجمة إعلان الدولة على أرض الواقع عبر مواجهة شاملة مع الاحتلال ، والتصدي لكل المخططات التي تستهدف القضية الفلسطينية والمقاومة على حد سواء، فالمعركة في قطاع غزة لم تنتهِ بعد وهي مفتوحة على كل الاحتمالات، فالإسرائيلي بكل خياراته مأزوم حتى لو احتل كامل القطاع لن يكون بمقدوره الصمود طويلاً.
ولن يكون بمقدوره تحمل أعباء احتلاله، كما أنه لا يستطيع تشكيل روابط قرى جديدة التي جربها في منتصف السبعينات وفشلت فشلاً ذريعاً،فهل يمكن أن يقبل الشعب الفلسطيني قيادة مرتبطة بالاحتلال جاءت على أشلاء شهدائه وجرحاه وعذابات أبنائه ودمار بيوته؟
في المقابل إن ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة من فقدانه أدنى درجات الحياة ناهيك عن المجازر الدموية المرتكبة بحقه من قبل الاحتلال الصهيوني، والتلويح باجتياح مدينة رفح تارة والتهديد بالتهجير تارة أخرى والضغط الإقليمي الكبير،
للدفع بالأخوة في حركة حماس للوقوع بالخطأ تحت ضغط الواقع وخاصة بعد المعلومات المسربة عن مرونة تبديها الحركة في ملف الأسرى وتجزئتها للحل وعدم إصرارها على موقفها السابق بإنهاء الاحتلال لقطاع غزة ووقف العدوان قبل مناقشة أي عملية تبادل للأسرى ، وما سرب عن موافقتها على تشكيل حكومة تكنوقراط وعدم تمسكها بتشكيل حكومة وحدة وطنية
نحن في مرحلة عض الأصابع الذي سيقول فيها (أخ) سيخسر بلا شك،
أتمنى أن لا تقع القيادة الفلسطينية بكل مكوناتها في خطأ استثمار انتفاضة ال ٨٧ (باتفاق أوسلو )الذي كانت نتائجه كارثية على الشعب الفلسطيني وخطأ استثمار انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠، الذي كانت نتيجة اغتيال الراحل ياسر عرفات وجعل السلطة أكثر مطواعية للضغوط تحت وهم الحل السياسي المتمثل بخطة الرباعية الدولية( خارطة الطريق ) فشعبنا الفلسطيني لم يعد لديه شيئاً ليخسره بعد هذه التضحيات الجسام وهذا الدمار الهائل.