حكايات من قلب الحصار : نحن من تبقى
شمال غزة يقف شامخاً كالصخر الذي لا ينكسر. قد يظنون أن الموت سيفرض علينا الرحيل، لكنهم لا يعرفون أن الحياة على هذه الأرض هي خيارنا الأبدي. نحن لا نختار الهروب، بل اخترنا أن نحيا هنا رغم كل شيء. إن كان الموت هو ما يريدونه لنا.
لا تزال قذائف الموت تمطر سماءنا، تنزل علينا كالمطر بلا هوادة. بيوت تُسحق، أرواح تُزهق، وحلم العيش بسلام يتلاشى في ظل حرب الإبادة التي لا تفرق بين صغير وكبير. في شمال غزة، الاجتياح لا يتوقف عن انتزاع الحياة من قلوبنا، والتجويع يستنزف ما تبقى من أجسادنا التي أنهكها الألم.
كل صباح نستيقظ على أصوات الانفجارات، كأنها موسيقى رعب لا تفارق آذاننا، والطائرات الحربية تحوم فوق رؤوسنا كما لو أنها ظلال للموت. نعيش كل لحظة بانتظار القادم، لا نعرف إن كان سيكون موتاً آخر، أم خسارة جديدة لأحلام وأحبة. نكتب من قلب الدمار، نعيش في حضن الأنقاض، أرواحنا ما زالت تنتظر الخلاص، لكننا صامدون.
ورغم كل محاولات التهجير والقهر، نحن هنا. لسنا لاجئين على أرضنا، ولن نترك وطننا مهما اشتدت الظروف. تحملنا الجوع، تحملنا الفقدان، ودعنا أحبائنا بألم، وما زلنا نودع كل يوم من نحب. نحن من تبقى، نتمسك بأرضنا وكأنها جزء من أرواحنا.
ليسوا هم من يصنعون مصيرنا، فالألم الذي أرادوا لنا أن ننكسر به، صنع صمودنا الذي لا يلين. نحن لا نعيش هنا كما يعيش الآخرون، نحن نناضل في كل لحظة، ننجو من الموت في كل ثانية، لأن هذه الأرض هي كل ما نملك. هي هويتنا، وهي الحق الذي لا يُساوم.
اليوم، شمال غزة يقف شامخاً كالصخر الذي لا ينكسر. قد يظنون أن الموت سيفرض علينا الرحيل، لكنهم لا يعرفون أن الحياة على هذه الأرض هي خيارنا الأبدي. نحن لا نختار الهروب، بل اخترنا أن نحيا هنا رغم كل شيء. إن كان الموت هو ما يريدونه لنا، فالحياة على أرضنا هي ما نقاتل من أجله.
نحن من تبقى، ونحن من سيظل. هذه الأرض هي دمنا وروحنا، ولن يقتلعنا منها أحد. نحن نقاوم ليس فقط من أجل البقاء، بل من أجل الكرامة، من أجل العزة، ومن أجل حقنا في أن نكون.