حكايات حزينة للاجئين سودانيين فروا من جحيم الحرب
من مخيم للاجئين في بلدة أدري التشادية على الحدود مع السودان، وقفت مراسلة صحيفة تايمز البريطانية، جين فلاناغان، على أوضاع السودانيين الذين نزحوا من بلادهم هربا من ويلات الحرب المستعرة هناك.
وقالت فلاناغان إن الآلاف يفرون إلى الحدود التشادية بحثا عن أحبائهم الذين ربما يكونون قد ماتوا أو قتلوا بالفعل، وخوفا من عمليات القتل الجماعي المستمرة.
ومن بين من التقتهم الصحفية في المخيم “الأسرع توسعا في العالم” والواقع في صحراء أدري على الحدود الشرقية لتشاد، امرأة تدعى كلتومة (50 عاما) التي كانت تقطن بإقليم دارفور غربي السودان وانتقلت إلى المخيم في رحلة استغرقت منها قرابة العام، بحثا عن ابنها المفقود.
احفر قبرك بيدك
وهي تخشى الآن أن يكون محمد (16 عاما) من بين آلاف الرجال والصبية الذين أجبروا على حفر قبورهم بأنفسهم قبل أن يقتلوا بأيدي المليشيات المسلحة التي غزت منطقتهم.
وتصطف النسوة بصمت لإدراج أسمائهن ضمن قائمة تضم 230 ألف سوداني “محشورين في هذا الملاذ الكئيب”، من بينهن فاطمة التي جاءت إلى المخيم وهي تحمل على ظهرها مولودتها سعيدة ذات الأربعة أشهر، وقد نال منها الهزال بسبب المجاعة المتعمدة.
تقول فاطمة “لقد أطلقوا النار وقتلوا الناس دون سبب”، وهو ما دفعها لترك منزلها في دارفور مع أطفالها الخمسة، دون أن تعرف مصير زوجها وأخيها.
ووفقا لتقرير التايمز، تقدر أعداد الوفيات من الجوع والمرض، في ولاية الخرطوم وحدها، بنحو 61 ألفا، طبقا لدراسة جديدة أجرتها مجموعة أبحاث السودان التابعة لكلية لندن للصحة والطب الاستوائي.
أكثر قسوة
يقول سكان المخيم من كبار السن إن هجمات قوات الدعم السريع هي أكثر قسوة من الهجوم العسكري الذي شنته مليشيا الجنجويد، وهي مجموعة تشكلت من القبائل البدوية العربية من منطقة الساحل الغربي الأفريقي، والتي قادت التطهير العرقي في عام 2003.
إقرأ أيضا : المهاجرون إلى أوروبا يواجهون سياسات اليمين المتطرف الجديدة
وتتمنى قسمت (21 عاما) -التي كانت طالبة جامعية في كلية التكنولوجيا في الجنينة عاصمة غرب دارفور- لو أنها قُتلت بدلا من أن يغتصبها مقاتلو قوات الدعم السريع الثلاثة الذين اقتحموا منزلها، “لقد فعلوها جميعا. لم أتمكن من المشي أو الحركة بعد ذلك”، تقول قسمت وهي تبكي.
وقد تمكنت من الهرب إلى بلدة أدري حيث رأت في طريقها جثث جيرانها تسحبها الكلاب، وهناك عثرت على شقيقتها ووالدتها الأرملة اللتين كانتا تنتظران سماع أخبار عن شقيقها الأصغر.
أزمة متجاهَلة
وفي المخيم المترامي الأطراف، حاول اللاجئون إحلال النظام، وأنشؤوا حدائق داخله، ونظموا مناوبات لتنظيف المرافق المحدودة التي تقدمها منظمات الإغاثة الدولية.
ومع ذلك، لا يمكن للتمويل أن يلبي الطلب، وأصبحت الأوضاع مزرية، كما تقول فلاناغان، مضيفة أن حربي أوكرانيا وغزة طغتا على هذه الأزمة، كما أن قادة العالم والمشاهير الذين تحدثوا عن الإبادة الجماعية عام 2003 صامتون.
وترى مراسلة التايمز أن انهيار السودان ينذر بأزمة جيوسياسية جديدة، ذلك أن انتشار العنف عبر الحدود إلى تشاد قد يربط بين الحرب في السودان وانعدام القانون في منطقة الساحل، وهو حزام قاحل أسفل الصحراء الكبرى يشكل معبرا “مضطربا” يمتد من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي يستغله “المتطرفون الإسلاميون”، على حد وصفها.