على الرغم من فداحة الخسائر التي يتعرض لها “حزب الله” في حرب “المشاغلة” مع إسرائيل، فإن قرار توسيع الحرب لم يتخذ بعد من قبل المحور الذي تقوده طهران ويلتزم به “حزب الله” من دون نقاش. لكن التوجه في إسرائيل مختلف تماما.
والأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله ورفاقه يرفضون أن يروا أن الوضع ينزلق بهم نحو حرب واسعة مع إسرائيل. كما يرفضون أخذ العلم أن المستوى السياسي الإسرائيلي الحالي الذي اعتادوا التعامل معه أكان في حرب عناقيد الغضب عام 1996، أو حرب تموز عام 2006 تغير تماماً.
بداية بشكل تدريجي في الأعوام العشرة الأخيرة، وبشكل حاسم بعد عملية “طوفان الأقصى”. فحكومة الحرب، والكابينت يمثلان منتهى التطرف في التعامل مع احتمالات نشوب حرب واسعة مع “حزب الله”. الرأي العام الإسرائيلي يزداد اقتناعاً بضرورة شن حرب على “حزب الله” في لبنان. واستطلاع صحيفة “معاريف” صباح يوم امس كشف ان 71 في المئة من الإسرائيليين مع حرب واسعة ضد “حزب الله. هذا معطى جديد. والأخطر من ذلك كله أن الإسرائيليين وبسبب عملية “طوفان الأقصى” ونتائجها أصبحوا اكثر استعداداً لتقبل الخسائر من أي وقت مضى.
من هنا يرتكب “حزب الله” خطأ فادحاً كلما اصر على مواصلة حرب “المشاغلة” من الأراضي اللبنانية. فقد كسرت قواعد الاشتباك. لا بل قواعد اللعبة. ومنذ يوم الأربعاء الماضي صار المدنيون في دائرة الاستهداف القاتل. وواضح أن الإسرائيلي لا يعبأ برد “حزب الله” حتى لو تطور الى اطلاق صواريخ دقيقة ومؤذية جداً على الداخل.
في هذا الاطار، يخطئ السيد حسن نصر الله في تقييم حركة الموفدين الدوليين والمقترحات التي تهدف الى منع توسيع نطاق الحرب الى لبنان. فهو يعتبر أنهم موفدون إسرائيليون ويعكسون الخوف الإسرائيلي من توسيع الحرب. هذا ليس صحيحاً بالضرورة. فالمؤشرات تدل على أن تل أبيب تسعى الى الحرب. وهي تبحث عما يكفي من ذرائع لشن حرب لتصفية حساب قديم مع “حزب الله”. وبالتالي المسألة لا تنم عن خوف من مواجهة مع الحزب المذكور، بل عن محاولة لإثبات مقولة ان “حزب الله” يسيطر على الدولة في لبنان ويتحمل مسؤولية رفض وقف حرب على الشمال الإسرائيلي، ورفض تطبيق القرار1701، ورفض أي مقترح لإعادة الاستقرار الى الحدود بين لبنان وإسرائيل.
في هذه الأثناء، ترتفع فاتورة حرب “حزب الله” من حيث خسائره البشرية، وترتفع الكلفة على المواطن في جنوب لبنان من حيث الخسائر البشرية والمادية. وتوازياً يشعر المواطن اللبناني بأن مصير البلاد معلق ونتائج التفرد بقرار الحرب ينعكس سلبا على كل البلاد.
لذلك نقول إن التلويح بقصف إيلات أو غيرها انتقاماً لسقوط مدنيين بغارة إسرائيلية ليس الجواب الذي يحتاجه لبنان اليوم. الجواب هو النزول من الشجرة التي علق فوقها “حزب الله” ودخل في دائرة التصعيد المقفلة. وقد لا يخرج منها إلا بعد حرب واسعة ستكون كارثية بنتائجها على لبنان واللبنانيين. المطلوب الان وليس غداً تحريك الوساطات الدولية لتنفيذ القرار 1701 ووقف الانزلاق نحو الحرب فوراً ومن دون مكابرة وتنظير على طريقة المرحوم أحمد سعيد!.