فشلت الجهود حتى الآن في إنهاء الصراع المستمر، منذ عشرة أشهر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وقتل آلاف الأشخاص وأجبر أكثر من ستة ملايين على الفرار من منازلهم، الأمر الذي يعني أن السودان أصبح به أكبر عدد من السكان النازحين في العالم.
وقررت الولايات المتحدة رسميا بالفعل أن الطرفين المتحاربين ارتكبا جرائم حرب، وقالت إن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها متورطة في عمليات تطهير عرقي في غرب دارفور. وقال الجانبان إنهما سيحققان في التقارير المتعلقة بعمليات القتل والانتهاكات وسيحاكمان أي مقاتلين يثبت تورطهم.
الحرب الأهلية
وذكر مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن طرفي الحرب الأهلية في السودان ارتكبا انتهاكات قد تصل إلى حد جرائم حرب، تشمل هجمات عشوائية على مواقع مدنية مثل مستشفيات وأسواق وحتى مخيمات النازحين.
وقال فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في بيان مصاحب للتقرير “بعض هذه الانتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم حرب.. يجب إسكات الأسلحة وحماية المدنيين”.
ويغطي تقرير الأمم المتحدة الفترة من أبريل نيسان إلى ديسمبر كانون الأول، ويستند إلى مقابلات مع أكثر من 300 ضحية وشاهد، بالإضافة إلى لقطات وصور من الأقمار الصناعية.
ويقول إنه في بعض الأحيان أصبح أولئك الذين يفرون للنجاة بحياتهم أو النازحين بسبب العنف ضحايا لهجمات بمتفجرات.
وذكر التقرير أنه في إحدى الحوادث، قتل عشرات النازحين عندما تعرض مخيمهم في زالنجي بدارفور للقصف من قبل قوات الدعم السريع في الفترة من 14 إلى 17 سبتمبر أيلول. وقتل نحو 26 مدنيا، معظمهم من النساء والأطفال في 22 أغسطس آب بقذائف قيل إن القوات المسلحة السودانية أطلقتها بينما كانوا يحتمون تحت أحد الجسور.
حالات عنف جنسي
ويقول التقرير أيضا إن قوات الدعم السريع اعتمدت استراتيجية عسكرية تتمثل في استخدام الدروع البشرية، مستشهدا بشهادات الضحايا المعنيين.
ويصف التقرير الحوادث التي وقعت في العاصمة الخرطوم حيث تم القبض على عشرات الأفراد ووضعهم في الخارج بالقرب من المواقع العسكرية لقوات الدعم السريع لردع الضربات الجوية التي تشنها الطائرات المقاتلة السودانية.
ووثق محققو الأمم المتحدة حتى الآن حالات عنف جنسي طالت 118 شخصا، من بينهم امرأة اعتقلت وتعرضت للاغتصاب الجماعي بشكل متكرر لأسابيع. وأضاف التقرير أن عددا من عمليات الاغتصاب ارتكبها أفراد من قوات الدعم السريع.
من جانبه، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا، يتحدث عن تصعيد الدعم السريع خلال الأيام الماضية وعن “اعتداءات على المدنيين في أجزاء مختلفة من البلاد”، وعن “انتهاكات”.
إتلاف آلاف الأفدنة
وأكدت الوزارة على “ضرورة اتخاذ خطوات صارمة من المجتمع الدولي والحكومات والهيئات التشريعية بالدول المعنية بتحقيق السلام والاستقرار في السودان والإقليم”.
وجاء في البيان أن قوات الدعم السريع “صعدت خلال الأيام الماضية اعتداءاتها على المدنيين والقرى والبلدات الآمنة في أجزاء مختلفة من البلاد”.
وقالت الوزارة إن “الدعم السريع” هجامت هذا الأسبوع “عددا من القرى في ولاية جنوب كردفان في مناطق هبيلا والدلنج ولقاو، وأحرقت خمس قرى، كما قتلت أكثر من 60 شخصا من القرويين العزل، واختطفت عددا آخر منهم. إلي جانب إتلاف آلاف الأفدنة المزروعة بالمحاصيل الغذائية”.
وأضافت “وظفت (قوات الدعم السريع) التعتيم الإعلامي الذي فرضته بسبب قطعها لشبكات الاتصالات خاصة في ولايتي الخرطوم والجزيرة لتصعيد عملياتها الإرهابية ضد المدنيين وسكان القرى في مناطق غرب سنار وولاية الجزيرة، إذ قتلت خلال الأيام الماضية 20 مواطنا َمن قرية ود العزيز، غرب سنار، وأكثر من 17 مواطنا من قرية ود البليلة، غرب ولاية الجزيرة، و12 مدنيا من قرية معيجنة و7 من قرية العقدة المغاربة”.
وتابعت “قامت أيضا بالهجوم على قرية أم دوانة ريفي طابت، وقرية أبوعدار وغيرها من القري الآمنة التي لا توجد بها حتي أقسام للشرطة أو مكاتب حكومية”.
ولفتت الوزارة إلى أن قوات الدعم السريع “تفرض حصارا على مدينة طابت الشيخ عبد المحمود، المركز الديني المعروف بولاية الجزيرة، وتمنع خروج أو دخول المواطنين او وصول البضائع والإمدادات إليها. وإلى جانب قتل الأبرياء من المدنيين، تقوم بإذلال المواطنين واختطاف بعضهم ونهب ممتلكاتهم خاصة السيارات والآليات الزراعية”.
وذكرت تقارير إعلامية أن قوات الدعم السريع اختطفت خلال الأيام الماضية عشرات النساء من إحدى مناطق الخرطوم بحري، وعرضتهم للعنف الجنسي، مما دفع حوالي مائة أسرة للنزوح من المنطقة.
ووثقت شبكة “صيحة” النسائية حوالي 180 حالة اغتصاب في تلك المناطق، وفقا لمراسل “راديو سوا” في السودان.
انتهاكات تجاه المدنيين
بدورها قالت قوات الدعم السريع إنها “تتعامل مع البلاغات والشكاوى الواردة بشأن تعرض بعض القرى بمحلية الحصاحيصا بولاية الجزيرة إلى انتهاكات بحق المدنيين من قبل متفلتين بالجدية والحسم اللازمين”، وفقا للمصدر ذاته.
وأكدت أن “قيادة القوات وجهت فور تلقيها تلك البلاغات، لجنة حسم التفلتات والظواهر السالبة وقيادة القوات بولاية الجزيرة، بالتحرك الفوري إلى تلك القرى والتعامل الحاسم مع المتفلتين واستخدام كافة الوسائل التي تضمن أمن وسلامة المواطنين والوقوف على الشكاوى ومعالجتها فورا”.
وقالت إن “قوات الدعم السريع لن تتهاون مع أي ممارسات أو تصرفات تنتهك حقوق المواطنين سواء كانت من أفراد من القوات أو مجرمين يسعون بتلك الأعمال إلى إشاعة الفوضى وعدم الطمأنينة لقرى الجزيرة الآمنة”.
ولفتت إلى أن “جميع شكاوى المواطنين في قرى غرب الحصاحيصا وطابت الشيخ عبد المحمود ومنطقة العقدة وتنوب وود البلة والفرجاب والقرى المجاورة، تمثل أولوية”، ووعدت بـ”ملاحقة والقبض على مرتكبي تلك الجرائم ومحاسبتهم”.