دولة الإحتلال

جيش الاحتلال يستفرد بالأسرى محاولا كسر إرادتهم

تقوم مصلحة السجون الإسرائيلية بالاستفراد بالأسرى الفلسطينيين، فتنكل بهم وتفرض عليهم شتى أنواع العقوبات والإجراءات القاسية

تصاعدت في الشهور الأخيرة تحذيرات المؤسسات المتخصصة بمتابعة أوضاع الأسرى الفلسطينيين ومعها منظمات وهيئات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وسائر الهيئات الرسمية والأهلية، حول خطورة أوضاع الأسرى في داخل الزنازين والمعتقلات الإسرائيلية، في الوقت الذي تستمر إسرائيل بحربها الوحشية على قطاع غزة وأهله.

حيث تقوم مصلحة السجون الإسرائيلية بالاستفراد بالأسرى الفلسطينيين، فتنكل بهم وتفرض عليهم شتى أنواع العقوبات والإجراءات القاسية، ثم تواصل التعتيم على أوضاعهم وظروفهم، وتمنع التواصل معهم من المؤسسات والهيئات المعنية بالدفاع عن الأسرى، وقد وصلت عمليات التنكيل الوحشية ضد الأسرى إلى حد القتل والتصفية لبعضهم تحت التعذيب.

وانتهاك كل المعاهدات والمواثيق الدولية، واستخدام أكثر الأساليب وحشية ولاإنسانية بتعذيب الأسرى.

حيث وصلت حالات الاعتقال من مختلف المدن والبلدات الفلسطينية، بعد السابع من أكتوبر وفقا لهيئة شؤون الأسرى، إلى أكثر من سبعة آلاف فلسطيني وفلسطينية من الضفة وحدها، إلى عدة آلاف من قطاع غزة ليصل عدد الأسرى الفلسطينيين إلى أكثر من اثني عشر ألف أسير بينهم مئات الأطفال ومئات السيرات، إلى احتجاز جثامين أكثر من عشرين شهيدا من الأسرى الذين استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي وعمليات القمع والتنكيل.

تتصاعد أساليب الانتقام ووسائل القمع الجنونية وكافة أشكال التعدي على الأسرى الفلسطينيين، من الضرب المبرح، وسحب الأغطية والملابس والأمتعة والأغراض الشخصية والجماعية بما فيها وأجهزة التلفاز والراديو والكتب والصحف، وتقليص كميات الطعام، واقتصار الوجبات على النوعيات الرديئة والإهمال الطبي ووقف إدخال الأدوية الضرورية اللازمة لعلاج العديد من الأسرى، ومنع زيارات الأهل، والحرمان من الخروج من الزنازين والغرامات المالية، والعزل عن العالم الخارجي تماما. وبقاء شبابيك الزنازين مفتوحة طوال الوقت على الرغم من البرد القارس ليلا، وسوء الأحوال الجوية والاقتحامات المتكررة للزنازين، والقمع وحرمانهم من المياه الصالحة للشرب والحرمان من زيارة المحامين، والتعذيب الذي يصل حتى القتل، وإصدار أحكام لم يرد مثلها في التاريخ تصل في كثير من الأحيان إلى قرون من الزمن.

من المعروف أن إسرائيل، ومنذ العام 1967، تتبع أبشع الوسائل وأسوأ أنماط المعاملة للأسرى الفلسطينيين منذ اللحظة الأولى للاعتقال، لكن ازدادت الأساليب وحشية مع جنوح إسرائيل نحو مزيد من التطرف والفاشية، ووصول أكثر الحكومات تطرفا ويمينية في تاريخ هذه الدولة، وازداد التصعيد بعد أن أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي في دعايته الانتخابية أنه يسعى للتضييق على الأسرى الفلسطينيين، وإلى الضغط على الكنيست للمصادقة على عقوبة الإعدام بحق الأسرى.

وكان آخر الإجراءات الانتقامية اللاإنسانية وأكثرها تعبيرا عن النزعة العنصرية التوحشية لدى الاحتلال الإسرائيلي، مصادقة الكنيست الإسرائيلي، على سلب معتقلي غزة حق التمثيل القانوني أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية في الثامن من شهر شباط الحالي. حيث قَدم المشروع رئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست “سيمحا روتمان” من حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف، بالإضافة الى أعضاء آخرين في الكنيست.

ما تمارسه إسرائيل من انتهاكات صارخة للإنسانية وللمعاهدات الدولية بحق الأسرى الفلسطينيين، وصمت العالم على ذلك، يظهر مدى ازدواجية المعايير الدولية والتمييز بين البشر والدول.

ويظهر هذا الإجحاف الدولي بحق القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، أن تستنفر الدول الغربية، والدولة العظمى بالعالم، وتبذل أقصى جهودها لدعم إسرائيل في حربها الإجرامية وارتكاب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، تحت ذريعة إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.

ويستنفر الإعلام الغربي لإثارة تعاطف العالم مع المحتجزين الإسرائيليين، في حين لا يتم الاكتراث بآلاف الأسرى الفلسطينيين وبينهم نساء وأطفال، لديهم أيضا أحباؤهم وذووهم، الذين لم يكلوا أو ييأسوا من الاعتصام بالشوارع، والميادين، وخيم الاعتصام، منذ عقود من الزمن، لإطلاق سراح أبنائهم، لكن العالم لم يبال بهم، ولم يسمع لصرخاتهم وحسراتهم على أبنائهم أولئك الذين يتشدقون بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ولم يتحرك لأجلهم جفن من رؤساء العالم وبخاصة قوى الغرب، الذين حركوا حاملات الطائرات والبوارج الحربية من أجل هؤلاء المحتجزين الإسرائيليين، وهو ما يدل على أن العالم اليوم أصبح بقبضة مجموعة من المتطرفين العنصريين الذين لا يبالون إلا بمصالحهم ونفوذهم بالمنطقة على حساب حقوق الشعوب وكرامتها.

أخيرا، لطالما كانت الحركة الأسيرة، دعامة أساسية من دعائم ومقومات النضال الفلسطيني ورافدا مهما من روافده، في كل مراحل النضال والمواجهة مع الاحتلال والحركة الصهيونية، وهذه الهجمة والحرب الشرسة على الأسرى الفلسطينيين، هي لكسر إرادة الحركة الأسيرة ونضالاتها وإنجازاتها العظيمة، باستهدافها بكافة أشكال القمع والتعذيب، كجزء من مخططات إسرائيل لتقويض صمود الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على كافة أشكال المقاومة للاحتلال الإسرائيلي. وهو ما يتطلب الحراك على كافة المستويات الإقليمية والدولية لوقف الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين، وإنقاذ الأسرى وإطلاق سراحهم والإسراع بالوحدة الوطنية ورص الصفوف الفلسطينية من أجل القضية الفلسطينية ووفاء للشهداء ولتضحيات الأسرى البواسل.

نهى نعيم الطوباسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى