جحيم الحرب وتفاقم المعاناة الفلسطينية
الأطفال في غزة يُهجرون مرارًا وتكرارًا بسبب العنف وأوامر الإخلاء المتكررة، حتى في وقت يسود فيه الحرمان والجوع والعطش، وينتشر الموت ليغطي قطاع غزة بأكمله.
بعد مرور أكثر من عام على الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، يظل الأطفال يعانون أذى يوميًا بشكل يصعب وصفه، حيث ترك الاحتلال مأساة حقيقية نتجت عن الدمار وحجم الجحيم الذي يعايشه السكان. في تجسيد للمعاناة الإنسانية، يعيش أكثر من مليون طفل في قطاع غزة جحيمًا على الأرض. وقد استشهد نحو 40 طفلًا هناك يوميًا خلال العام الماضي، وحُرِم الأطفال من حقهم في التعليم وممارسة حياتهم الطبيعية.
تجسد غزة المعاناة وجحيمها على الأرض بالنسبة لمليون طفل فيها، والوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. التقديرات تشير إلى أن حصيلة الشهداء بين الأطفال في غزة تجاوزت 14,100، وهذا يعني أن ما بين 35 إلى 40 فتاة وصبيًّا يُقتلون يوميًا في غزة.
الأرقام المتوفرة التي تنشرها المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، والتي قدّرت إجمالي عدد الشهداء بأكثر من 42,400، موثوقة، وهناك الكثير تحت الأنقاض. وأولئك الذين نجوا من الغارات الجوية اليومية والعمليات العسكرية واجهوا في كثير من الأحيان ظروفًا مروعة.
الأطفال في غزة يُهجرون مرارًا وتكرارًا بسبب العنف وأوامر الإخلاء المتكررة، حتى في وقت يسود فيه الحرمان والجوع والعطش، وينتشر الموت ليغطي قطاع غزة بأكمله. فأين يذهب الأطفال وأسرهم؟ إنهم ليسوا آمنين في المدارس ولا في مراكز النزوح، وليسوا آمنين في المستشفيات وبالتأكيد ليسوا آمنين في المخيمات المكتظة.
هذا الواقع المأساوي لم يمنح الأطفال والسكان الأمان، بل منحهم الموت والمعاناة في مشهد لم يشهده أي مكان في العالم من قبل. إسرائيل تمارس حرب الإبادة ضاربة عرض الحائط بكل القيم والأخلاق ونداءات المجتمع الدولي، ولا تقيم وزناً للمشاعر الإنسانية. هذا الإجرام لا يستطيع أي إنسان عاقل استيعابه أو تحمل نتائجه.
يستمر الاحتلال في ممارسة العدوان على شمال غزة، ويقصف المستشفيات بشكل مباشر، ويقطع الإنترنت ويعزل المنطقة عن التواصل مع العالم. إن هذا العدوان الذي يمارسه جيش الاحتلال وقصفه لثلاثة مستشفيات في قطاع غزة يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وخصوصًا اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949، وهو استمرار في ارتكاب جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني.
اقرأ أيضا| صمود الفلسطينيين.. وعار الصمت
الاحتلال يستهدف مستشفيات غزة مرارًا وتكرارًا ضمن هجماته المركزة على المستشفى الإندونيسي والعودة والشفاء الطبي، ويستهدف جميع المؤسسات الخدمية. يقوم بالتدمير الممنهج للمرافق المدنية التي تقدم خدماتها الأساسية للسكان. يتحمل جيش الاحتلال المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة التي يرتكبها، ولا يمكن أن تستمر هذه الجرائم دون محاكمة أو تفلت من العقاب. حكومة الاحتلال تتحمل المسؤولية عن سلامة المدنيين والطواقم الطبية العاملة في المستشفيات.
العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري للشعب الفلسطيني في غزة، وكذلك في الضفة الغربية والقدس المحتلة، اللتين تتعرضان لعدوان إسرائيلي متواصل، وحملة استيطان شرسة وهمجية، وإرهاب من عصابات المستوطنين التي ترعاها وتدعمها حكومة الاحتلال. هذه الحكومة ترفض الإصغاء لصوت العقل، واستغلت ما حدث في يوم السابع من أكتوبر 2023 لشن حرب إبادة جماعية شاملة، ولا تزال ترتكب جرائم حرب باعتراف المجتمع الدولي. لا يمكن أن تمر المذابح والجرائم والإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني منذ قيام إسرائيل دون حساب، ولن تسقط بالتقادم. وعلى المجتمع الدولي أن يشرع فورًا في فرض العقوبات عليها.