ثلث الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر
يتناقض هذا الوضع بشكل صارخ مع ادعاءات بعض مسؤولي النظام، الذين قللوا مرارًا وتكرارًا من تأثير العقوبات على حياة الناس
في كشف مذهل، أعلن أحد أعضاء قسم البحوث الاقتصادية المساعد في غرفة تجارة طهران عن القضاء شبه الكامل على الطبقة المتوسطة في إيران. وقد شهد هذا التحول الدرامي انحدار أفراد من الطبقة المتوسطة الدنيا إلى شرائح الدخل الأدنى، مما يرسم صورة قاتمة للمشهد الاقتصادي في البلاد.
ويعزو حسين أشرفي، الباحث الذي وراء هذه النتائج، هذه الظاهرة بشكل مباشر إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران منذ عام 2012. وقد كانت هذه العقوبات، التي جاءت رداً على أنشطة النظام المثيرة للجدل وإصراره على مواصلة البرامج النووية والصاروخية، ذات تأثير مدمر على الطبقة المتوسطة. وتشير أبحاث أشرفي إلى انكماش سنوي متوسط بنسبة 11 بالمئة في هذه الفئة السكانية، وقد بلغت ذروتها في انخفاض مذهل بنسبة 88 بالمئة على مدى السنوات الثماني الماضية.
تكشف الدراسة، التي تهدف إلى تقييم الظروف الاقتصادية لإيران دون عقوبات، عن حقيقة صارخة: لم تتضاءل الطبقة المتوسطة مقارنة بمستويات ما قبل عام 2012 فحسب، بل انكمشت أيضًا بشكل أكثر حدة من التوقعات لفترة خالية من العقوبات بين عامي 2012-2019. ويتجلى تأثير العقوبات أيضًا في التباطؤ المؤقت في تآكل الطبقة المتوسطة خلال اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة بين عامي 2015-2016، تلاه انحدار متسارع بعد فشله في عام 2017.
يتناقض هذا الوضع بشكل صارخ مع ادعاءات بعض مسؤولي النظام، الذين قللوا مرارًا وتكرارًا من تأثير العقوبات على حياة الناس. ويصف الخبير الاقتصادي مسعود نيلي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بأنه عقد من انخفاض حصة الدخل للمجتمع، بالتوازي مع تدهور مؤشرات التوزيع، مما ساهم في إضعاف الطبقة المتوسطة.
ترسم الإحصاءات الأخيرة صورة مقلقة للمشهد الاجتماعي والاقتصادي في إيران. وبحسب خبراء الاقتصاد، يعيش 35 بالمئة من السكان في فقر مدقع، و57 بالمئة على خط الفقر، و8 بالمئة فقط ينتمون إلى الطبقة المتميزة والثرية. وتوضح هذه الأرقام بوضوح الانقسام الطبقي العميق والتفاوت في الدخل بين الإيرانيين.
شهد دخل الفرد من المواطنين الإيرانيين بالدولار تقلبات كبيرة، حيث لا تزال مستويات عام 2022 أقل بكثير من مستويات عامي 2013 و2014. ويتجلى تأثير العقوبات في الانخفاض الحاد من 5500 دولار في عام 2017 إلى 2800 دولار في عام 2020. وبحلول النصف الأول من عام 2023، انخفض هذا الرقم إلى 2082 دولارًا، مما يسلط الضوء على الارتباط المباشر بين العقوبات ومستويات الدخل الفردي.
وبالإضافة إلى هذه المصاعب الاقتصادية، فرضت سياسات الضرائب الحالية للحكومة ضغوطًا إضافية على الطبقة المتوسطة. ويقترح مشروع قانون الموازنة لعام 2024 زيادة بنسبة 50 بالمئة في عائدات الضرائب مقارنة بعام 2023، مستهدفًا النقابات والشركات التي تنتمي في الغالب إلى الطبقة المتوسطة. يُنظر إلى هذا النهج على أنه محاولة للتعويض عن خسارة عائدات النفط بسبب العقوبات.
يحذر علماء الاجتماع من أن الاستمرار في تنفيذ مثل هذه البرامج الاقتصادية، كما هو موضح في خطة التنمية السابعة، قد يؤدي إلى أضرار اجتماعية وثقافية لا يمكن إصلاحها. ويتوقع الخبير الاقتصادي وحيد شقاقي حدوث أزمة إذا استمرت الطبقة المتوسطة في الانكماش بمعدلها الحالي، مما يؤدي إلى زيادة فقر السكان بشكل تدريجي.
حتى في حالة رفع العقوبات، يقدر خبراء الاقتصاد أن الأمر سيستغرق سنوات حتى تتعافى الطبقة المتوسطة المدمرة. ويعتبر تحقيق النمو المستمر الضروري بنسبة 8 بالمئة والتضخم أحادي الرقم خلال فترة السنوات الخمس لخطة التنمية السابعة أمرًا شبه مستحيل من قبل العديد من الخبراء.
مع صراع إيران مع هذه التحديات الاقتصادية، يظل مصير الطبقة المتوسطة غير مؤكد، مع عواقب بعيدة المدى على النسيج الاجتماعي للبلاد وازدهارها المستقبلي.