تقرير دولي أمام الدورة 56 لمجلس حقوق الإنسان يسلط الضوء على مخاطر خطاب الكراهية الدينية
تتغذى الكراهية والعنف على نظريات المؤامرة، وكثيرا ما يروج لها سياسيون يأملون في استغلال خوف الجمهور وجعل الأقلية أكباش فداء، خاصة خلال الفترات الانتخابية، وهو ما يتطلب على الفور، اتخاذ إجراءات للتصدي لانتشار خطاب الكراهية، الذي يستخدم تنوع الأصول والمعتقدات كسلاح.
جاء ذلك في تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، عن حلقة نقاش عقدها مجلس حقوق الإنسان، ضمن الاستعراض الدوري الشامل خلال الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، بشأن التصدي للكراهية الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف.
وسلط التقرير الذي اطلع “جسور بوست” على نسخة منه، والمقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ56، الضوء على دوافع تدنيس الكتب المقدسة وأماكن العبادة والرموز الدينية، وأسبابه الجذرية وآثاره على حقوق الإنسان، باعتباره مظهرا من مظاهر الكراهية الدينية التي قد تشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف، وتدابير الردع، في الإنترنت أو خارجه، لأعمال الكراهية الدينية.
وشجع المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على اعتماد تشريعات شاملة لمكافحة التمييز تستند إلى المبادئ التوجيهية التي أصدرتها المفوضية مؤخرا.. داعيا الدول إلى أن تنفذ، من خلال تشريعاتها المحلية، الالتزام الدولي الناشئ عن المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تقضي بحظر الدعوة إلى الكراهية.
ودعا المفوض السامي إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة على صعيد مؤسسات العدالة، التي ينبغي أن تنظر بصورة أكثر منهجية في حالات التعبير عن الكراهية الدينية، بما في ذلك حالات التدنيس المزعوم للكتب المقدسة والرموز الدينية، وتعزيز مشاركة القضاة والمحامين والمدعين العامين في برامج التعلم بين الأقران وإلى تنظيم أنشطة لتدريب قوات الشرطة على تسجيل وقائع التحريض على التمييز والعداء والعنف واتخاذ إجراءات بشأنها.
وشدد المفوض السامي على أن القانون الدولي لحقوق الإنسان لا يحمي المذاهب أو المواقف الدينية في حد ذاتها، فقد أشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إلى أنه لا يحظر إبداء قلة احترام لدين عندما لا يشكل ذلك تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف.
وأوصى تورك، باتخاذ مبادرات فعالة لبناء مجتمعات تعتبر فيها أشكال التعبير عن الكراهية غير مقبولة اجتماعيا.
وهذا يتطلب التوعية بالأديان من منظور يراعي الجميع وإعمال نظرة أكثر شمولية إزاء مسألة التثقيف بحقوق الإنسان، لأن إطار الإيمان من أجل الحقوق، الذي وضعته المفوضية السامية لحقوق الإنسان في عام 2017، يهدف إلى إشراك الحكومات والسلطات الدينية ومجموعة واسعة من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في تبادل الآراء بين النظراء بشأن الجهود الملموسة على أرض الواقع.
وبحسب التقرير، فإنه لا يمكن القضاء على الكراهية بالحظر القانوني وحده؛ فالتجريم ضروري في أفظع الحالات لكن ينبغي استخدامه بحذر لأنه يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، ويجب على الدول أن تعتمد مجموعة من السياسات والبرامج الاجتماعية لتعزيز التنوع والتسامح واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.
وينبغي ممارسة الضغط على شركات وسائل التواصل الاجتماعي لمعالجة مسألة خطاب الكراهية. وكذلك تعزيز إدماج مبادئ حقوق الإنسان في إدارة المحتوى والإشراف عليه، فعلى سبيل المثال، تصاعد معاداة السامية وكراهية الإسلام في الأشهر الأخيرة كان صادما، وفقا للتقرير الذي شدد على أهمية التمييز بين معاداة السامية -التي هي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والدينية- والنقد السياسي لإسرائيل ككيان سياسي.
ونوه التقرير بأن السياسة والدين ووسائل الإعلام أهم مواطن الحسم في المجتمع، وينبغي تنفيذ إصلاحات ذكية تستند إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان في تلك المجالات. وينبغي للأمم المتحدة أن تعجل باتخاذ إجراءات لتحليل تجارب البرلمانيين والقضاة والمربين ووسائل الإعلام والجهات الفاعلة الدينية.