ويعتمد المستخدمون على منصة “لينكد إن” بوصفها أداة استثنائية لبناء شبكة علاقات مهنية، والبحث عن وظائف في مجال تخصصهم، والتفاعل مع زملائهم في العمل، والاستفادة من المجموعات المتخصصة التي تنشر أدوات تساعد مستخدمي المنصة على تطوير خبراتهم العملية.
ولكن لا تبدو هذه الاستفادة من طرف واحد، فالمنصة أيضا تريد الاستفادة من المستخدمين، إذ أضافت الشبكة المهنية الكبرى “لينكد إن” في سبتمبر/أيلول الماضي إعدادا جديدا لخصوصية البيانات يسمى “بيانات تعزيز الذكاء الاصطناعي التوليدي” يسمح بتوظيف بيانات المستخدمين افتراضيا لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
◄ خصوصية البيانات
يتمتع مستخدمو “لينكد إن” في الولايات المتحدة، بعكس الاتحاد الأوروبي، أو المنطقة الاقتصادية الأوروبية، أو سويسرا بخيار إلغاء الاشتراك في شاشة الإعدادات الخاصة بهم، إذ يتم الإفصاح عن أن “لينكد إن” تقوم بجمع البيانات الشخصية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي لإنشاء المحتوى، ويعود هذا على الأرجح لقواعد خصوصية البيانات في تلك المناطق. حسب تقرير نشره موقع “تيك كرانش”.
وتعتبر منصة “لينكد إن” المملوكة لشركة “مايكروسوفت” المنصة الاجتماعية المهنية الأشهر، إذ تضم أكثر من مليار عضو في أكثر من 200 بلد وإقليم في جميع أنحاء العالم، وهي مقصد أي شخص يرغب في التعريف عن نفسه من الجانب المهني، وإبراز خبراته في مجال تخصصه.
بالطبع هذا الخيار ليس جديدا، ولكن تقريرا صدر عن موقع “ميديا 404” أفاد بأن بعض مستخدمي “لينكد إن” قد تفاجؤوا بظهور إعداد جديد يكشف أن المنصة تستخدم بياناتهم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المولد من دون موافقة مسبقة، حيث ذكر التقرير أن “لينكد إن” لم تقم بتحديث سياسة الخصوصية الخاصة بها لتعكس استخدام البيانات قبل بداية عملية التدريب.
◄ بيانات المستخدمين
وقد تمّ تحديث شروط الخدمة الآن، لكن عادة ما يحدث ذلك قبل فترة طويلة من تغيير كبير مثل استخدام بيانات المستخدمين لغرض جديد، كتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، الأمر الذي يمنح المستخدمين خيارا لإجراء تغييرات على حساباتهم، أو مغادرة المنصة إذا لم تعجبهم التغييرات، وهو ما لم يحدث هذه المرة. حسب الجزيرة.
تقوم “لينكد إن” بتدريب نماذج تشمل اقتراحات الكتابة وتوصيات المنشورات، وأشارت أيضا إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية على منصتها قد يتم تدريبها بواسطة مزوّد آخر مثل الشركة الأم لها “مايكروسوفت”.
وقالت: “كما هي الحال مع معظم الميزات على (لينكد إن)، عندما تتفاعل مع منصتنا يتم جمع واستخدام أو معالجة البيانات حول استخدامك للمنصة، بما في ذلك البيانات الشخصية”.
وأضافت: “قد تشمل هذه البيانات استخدامك للذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم استخدامه لإنشاء المحتوى، أو نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، منشوراتك ومقالاتك، ومدى تكرار استخدامك للينكد إن، وتفضيلاتك اللغوية، وأي ملاحظات قد تكون قدمتها لفرقنا. نستخدم هذه البيانات بما يتماشى مع سياسة الخصوصية الخاصة بنا لتحسين وتطوير خدمات لينكد إن”.
◄ خلق فرص اقتصادية
وأكد غريغ سنابر المدير التنفيذي للتواصل المؤسسي في “لينكد إن” أن المنصة تستخدم بيانات الأشخاص لتدريب الذكاء الاصطناعي من أجل مساعدة الناس في جميع أنحاء العالم على خلق فرص اقتصادية من خلال تطوير أدوات تساعدهم في العثور على وظائف جديدة وتعلم مهارات جديدة، وقال: “إذا نجحنا في ذلك يمكننا مساعدة كثير من الناس على نطاق واسع”.
اقرأ أيضا| خطط «أبل» لتطوير أجهزة آيفون في 2025
وكانت “لينكد إن” قد نشرت يوم 18 سبتمبر/أيلول الماضي مدونة على موقعها الرسمي، وضحت فيها أنه في اتفاقية المستخدم، ستتضمن التحديثات أحكاما جديدة تتعلق بالميزات الخاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي التي تقدمها، وأن هذه التحديثات ستدخل حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني لهذا العام.
وفي المدونة نفسها، قال بلاك لاويت نائب الرئيس والمستشار العام في المنصة: “في سياسة الخصوصية لدينا، أضفنا لغة لتوضيح كيفية استخدامنا للمعلومات التي تشاركها معنا لتطوير المنتجات والخدمات الخاصة بلينكد إن وشركاتها التابعة، بما في ذلك من خلال تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المستخدمة في توليد المحتوى (الذكاء الاصطناعي التوليدي) ومن خلال تدابير الأمان والسلامة”.
◄ الشبكات الاجتماعية
واجهت المنصة عدة انتقادات إثر التحديثات الجديدة، إذ اعتبر كثيرون أن الشركة لم تكن شفافة وواضحة بشأن كيفية جمع واستخدام البيانات، حيث دعت منظمة “مجموعة الحقوق المفتوحة” غير الربحية مكتب مفوض المعلومات -الجهة المنظمة المستقلة في المملكة المتحدة المعنية بحقوق حماية البيانات- إلى التحقيق في “لينكد إن” وغيرها من الشبكات الاجتماعية التي تعتمد على بيانات المستخدمين بشكل افتراضي.
وقال المسؤول القانوني والسياسي في المنظمة ماريانو ديلي سانتي في بيان: “لينكد إن هي أحدث شبكة وسائط اجتماعية تُكتشفُ أنها تعالج بياناتنا دون طلب الموافقة”.
وأضاف: “يثبت نموذج الانسحاب مرة أخرى أنه غير كافٍ تماما لحماية حقوقنا. لا يمكن توقع أن يراقب الجمهور ويتعقب كل شركة عبر الإنترنت تقرر استخدام بياناتنا لتجريب الذكاء الاصطناعي. إن الموافقة المسبقة ليست فقط مطلبا قانونيا، بل هي أيضا متطلب منطقي”.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست -في تقرير لها- أنّ “لينكد إن” منحت نفسها بشكل افتراضي إذنا لاستخدام المعلومات التي شاركها مستخدمو المنصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وما لم يقم المستخدم بإيقاف هذا الإعداد الجديد، فإن المنصة تعتبر كل بيانات المستخدمين متاحة، كالمنشورات، والمقالات، وحتى الفيديوهات الخاصة بهم، وهو ما فاجأ كثيرين.
وفي التقرير نفسه، قالت واشنطن بوست: “من الواضح أن (لينكد إن) ترغب بشدة في أن تؤدي ميزاتها الذكية إلى حصولك على وظيفة تقدر فيها جودة عملك بشكل عادل، لكن من الصعب التفكير في الأمر من منظور آخر أيضا، هل تقدر (لينكد إن) العمل الذي ساهمت من خلاله في تحسين ذكائها الاصطناعي بشكل عادل؟ عمل لم تتلق عنه تعويضا مباشرا، أو ربما لا تكون قد أخبرت أنهم يستخدمونه”.