تزايدت حملات الاعتقالات الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة ضد الفلسطينين بالضفة الغربية، بذريعة التحريض، في الوقت الذي كثرت فيه عمليات الاقتحامات وعادت ظاهرة “زوار الفجر”، لتكشف عن وجه إسرائيل القبيح ضد أبناء الشعب المسكين.
وطالعتنا وسائل الإعلام، بمقاطع فيديو تظهر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي، منطقة المخفية وحارة الياسمينة ومفترق الشهداء في البلدة القديمة بمدينة نابلس وقرية عقربا جنوب شرق المدينة، وتنفيذها حملة اعتقالات طالت عددا من الشبان، هذا غير مداهمة مدينتي حلحول وبلدات بني نعيم وبيت كاحل في محافظة الخليل وبناية سكنية في بلدة سلواد شرق المدينة.
وباستقراء المشهد، ندرك أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تخشى انتقال رقعة العنف داخل الضفة وتمددها في الداخل المحتل، ما يفسر تصاعد وتيرة الإعتقالات في الفترة الأخيرة، في محاولة لوأد حالة النضال والمقاومة خاصة في شمال الضفة، وهذا يعكس رعب الاحتلال ونيته في إسكات صوت المعارض لوجودهم.
و تعيش الضفة الغربية منذ سنوات على واقع اعتداءات واعتقالات سياسية متكررة من قبل المستوطنين الإسرائيليين، وزادت تلك الهجمات في الفترة الأخيرة، وكثرت الانتهاكات ضد أصحاب الأرض، بسبب غياب القانون الدولي والإنساني عن إنصاف الشعب الفلسطيني وإعادة لهم حقوقهم المسلوبة على يد الاحتلال الإسرائيلي.
يستند الاحتلال عند إدانته سكانَ القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948، إلى المادة 144 البنود (ب) و(د) (2) من قانون العقوبات للعام (1977) “التحريض على العنف والإرهاب”،حيث تنص المادة 144 (د) (2) (أ) على أنه “من يقوم بنشر منشورات لارتكاب عمل من أعمال العنف أو الإرهاب، أو الأمور التي يتخللها تعاطف أو تشجيع لعمل من أعمال العنف أو الإرهاب، أو يقوم بإظهار الدعم أو التعاطف مع مثل هذه الأعمال (في هذا البند – منشور تحريضي) ووفقاً لمحتويات المنشور والظروف المصاحبة لنشره، بأن هناك إمكانية فعلية بأن يؤدي هذا المنشور إلى ارتكاب أعمال عنف أو إرهاب، عقوبته تصل إلى حبس لمدة خمس سنوات”.
ووفقا لإحصائية للمركز الفلسطيني للإعلام ونادي الأسرى في الساعات الأخيرة، فقد ارتفعت عدد حالات الاعتقال بالضفة الغربية بما فيها القدس منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023 حتى الآن، إلى 10700 حالة، ووصلت حصيلة اعتقالات الأمس فقط إلى 40 حالة من الضفة الغربية، وارتكزت في محافظتي الخليل، وطوباس، فيما توزعت بقية الاعتقالات على غالبية محافظات الضّفة، وتبين أن بين هؤلاء الأسرى الذين اعتقلوا اليوم، مريض كان يعالج في المستشفى، بالإضافة إلى أسرى سابقين.
ولعل أبرز هذه الحالات وأكثرها إثارة للقلق هي حالة فضيلة الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك، الذي استدعي للتحقيق ومنع من دخول المسجد بعد أن رثى أحد قادة حماس قبل أسابيع وبينما تستمر الإجراءات القانونية ضد الشيخ، خرج محاميه في مقابلة علنية ليحذر شعبنا من مخاطر ما تعتبره السلطات “تصريحات خطيرة”. وأوضح المحامي أنه على الرغم من حق الشيخ الشرعي في رثاء أي مسلم، واستخدامه لمصطلحات موجودة في كل الكتب الإسلامية، إلا أنه تعرض للتحقيق والمنع. وأضاف: “هذه ليست الحالة الوحيدة التي أعرفها من المنع والمحاكمة بسبب مثل هذه التصريحات، وأنصح كل مواطن في القدس الشرقية أن يكون حذراً في كلامه حتى لا يجد نفسه في موقف مماثل”. علينا أن نكون يقظين وحذرين في التعبير عن آرائنا، مع الحفاظ على حقنا في التعبير والدفاع عن قضيتنا العادلة.
إقرأ أيضا : تركيا في “بريكس”: موسم الهجرة إلى جنوب
وتنوع قمع الاحتلال ما بين حملات اقتحام وتنكيل واعتقالات واسعة، واعتداءات بالضرب المبرّح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، فأين المنادون بحقوق الإنسان وتطبيق القانون الإنساني من سلوكيات الاحتلال الإجرامية داخل الأراضي الفلسطينية؟.
ان إستراتيجية الاحتلال بملاحقة الفلسطينيين، بما يتعلق بمنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يتجاوز مفهوم “الرقابة”، فالحكومة الإسرائيلية قد أنشأت منذ العام 2015 وحدة “سايبر” بالعربية، واستحدثوا على إثرها خوارزميات تقوم بالبحث عن مصطلحات معينة، وذلك بهدف الكشف عن منشورات قد تنذر بحسب تعبيرهم باحتمال القيام بعمليات ضد الاحتلال، لذلك ينبغي أن يحرص الجميع على عدم الوقوع في الفخ .