أمريكا

ترمب والسيناريو الأسوأ

تمثل هذه الحالة سيناريو يمكن أن يخرج فيه ترمب منتصراً من الناحية العملية، على رغم النكسات التقنية المحتملة. ومع ذلك، قبل الخوض في ذلك، كانت هناك لحظة لافتة للنظر عندما أشار القاضي صامويل أليتو، وهو عضو محافظ في المحكمة خدم لفترة طويلة وتم تعيينه خلال رئاسة جورج دبليو بوش.

لا شيء أسوأ من اضطرار دونالد ترمب إلى قضاء يوم كامل في قاعة محكمة قاتمة وباردة في المبنى “100 سنتر ستريت” وسط مانهاتن. هنا في الطابق الـ15، كان يغلي طوال الأسبوعين الماضيين. ومع ذلك، أثناء إجراءات المحكمة، فهو غير قادر على التنفيس عن غضبه. القاضي خوان ميرشان هو من يتولى السلطة هنا، وليس الرئيس السابق. في المحكمة، على ترمب أن يمتثل للأوامر.

بالنسبة إلى شخص لا تقوم شخصيته المصممة بدقة حول تولي المسؤولية فحسب، بل أيضاً على امتلاكه التحكم المطلق، فإن هذا الموقف يمثل تحدياً خاصاً. يلتزم ترمب، المتهم، جدول المحكمة، في الوصول والمغادرة حسب التعليمات. وفي هذا الصدد، لا يعامل بطريقة مختلفة عن أي متهم آخر يواجه المحاكمة. ومع ذلك، في عديد من الجوانب الأخرى، تعتبر هذه التجربة غير مسبوقة على الإطلاق.

نظراً إلى كونه أول رئيس سابق يواجه محاكمة جنائية على الإطلاق، فإن الإجراءات الأمنية صارمة – إذ تم نقل جميع القضايا الروتينية الأخرى المقرر عقدها في الطابق الـ15 إلى مباني بلدية مختلفة. الرئيس يخاطب الكاميرات عند الوصول والمغادرة. ويتبع كل يوم نمطاً مماثلاً: يتهم القاضي بالتحيز، في حين يزعم ترمب أن كل شيء يتم تنسيقه من قبل وزارة العدل الفاسدة في عهد جو بايدن وبأن أميركا لم تشهد شيئاً مماثلاً من قبل.

استهدف ترمب أيضاً الشهود وموظفي المحكمة، مما أدى إلى إصدار أمر حظر نشر مجريات المحاكمة الذي يبدو أنه عازم على انتهاكه، مما يعرضه لخطر السجن المحتمل إذا رأى القاضي ميرشان أنه تجاوز الحدود. الأجواء متوترة، وعلى رغم التوقعات بأن هذا من شأنه أن يوفر فرصة مثالية لحملة ترمب الانتخابية، فإن الواقع قد يكون مختلفاً تماماً.

يلاحظ المراسلون داخل قاعة المحكمة حالات بدا فيها ترمب وكأنه يغفو وأن عينيه مغلقتان ورأسه متدل وفمه مفتوح. وبدأ الوسم “SleepyDon#” (#دونالد_النعسان) ينتشر على “تويتر”/ “إكس”. كم هذا مؤلم.

يحتاج المرء فقط إلى إلقاء نظرة على سمرته المزيفة وتسريحة شعره غير العادية لمعرفة مقدار ما تعنيه هذه الصورة بالنسبة إلى ترمب. إن تصويره على أنه مجرد رجل مسن آخر، يكافح من أجل التركيز ويغفو عن غير قصد، هو أبعد ما يكون عن الصورة التي يريد الرئيس السابق نقلها.

ومع ذلك، فإن بعضاً مما يجري يشي كثيراً بترمب. كان يشعر بالقلق من أن هذه التهمة “الملفقة” التي يواجهها في شأن دفع 130 ألف دولار إلى النجمة الإباحية السابقة، ستورمي دانييلز [في مقابل صمتها عن علاقتها المفترضة به] قبل انتخابات 2016 وعدم الإعلان عنها، قد تعوق قدرته على القيام بحملته الانتخابية. ذلك كله جزء من المؤامرة التي حاكها بايدن. تهمة غير منصفة في صورة صارخة. الأربعاء، لم تعقد المحكمة جلسة. لذلك، أخيراً، سنحت له الفرصة لمواصلة الحملة الانتخابية وتعويض الوقت الضائع. لمصافحة الناخبين المترددين. أم هل كانت بدلاً من ذلك فرصة للعب الغولف في ملعبه الخاص بنيو جيرسي؟ عذراً، عليَّ الإسراع في هذا.

عادة ما تكون الحكومات هي التي تدير برامج لخلق فرص العمل، لكن دونالد ترمب وحده يولد وظائف للقطاع القانوني. إن التحديات القانونية التي يواجهها في مانهاتن هي مجرد قمة جبل الجليد. تعمل قضايا أخرى لا حصر لها وجزء كبير من الأموال المخصصة لحملة ترمب 2024 على تعزيز توظيف عديد من المحامين الأثرياء، والحفاظ على عضوياتهم في الأندية الريفية.

يمكن القول إن أهم الإجراءات القانونية هذا الأسبوع لم تكن تجرى في مباني المحكمة الجنائية في الطابق الـ15 من “سنتر ستريت”، بل في المحكمة العليا في واشنطن العاصمة. وهناك، كان فريق مختلف من محامي ترمب يدافع أمام القضاة التسعة عن وجوب تمتع الرئيس السابق بالحصانة من الملاحقة القضائية في ما يتعلق بأحداث السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

تمثل هذه الحالة سيناريو يمكن أن يخرج فيه ترمب منتصراً من الناحية العملية، على رغم النكسات التقنية المحتملة. ومع ذلك، قبل الخوض في ذلك، كانت هناك لحظة لافتة للنظر عندما أشار القاضي صامويل أليتو، وهو عضو محافظ في المحكمة خدم لفترة طويلة وتم تعيينه خلال رئاسة جورج دبليو بوش، إلى أنه من دون الحصانة من الملاحقة القضائية أثناء وجوده في منصبه، قد يميل الرئيس إلى الاحتفاظ بالسلطة بصورة غير قانونية خوفاً من الملاحقة القضائية بعد الانتخابات الرئاسية.

يا لها من حجة غير عادية ومفلسة أخلاقياً. بعبارة أخرى، فإن الطريقة الوحيدة لمنع الرؤساء الحاليين من محاولة قلب الانتخابات التي يخسرونها هي منحهم الحصانة لمحاولتهم قلب الانتخابات. غريب. لكن الحجة كانت مؤشراً إلى الطريقة التي كان يفكر بها الأعضاء المحافظون الستة في المحكمة. كان المحقق الخاص الذي يسعى إلى ملاحقة دونالد ترمب بتهمة محاولة التمرد في السادس من يناير يأمل في أن تحكم المحكمة في صورة حاسمة بأنه لا يتمتع بالحصانة، مما يمهد الطريق لبدء المحاكمة قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني).

يريد دونالد ترمب إبطاء الإجراءات، وهناك سببان وجيهان للغاية للرغبة في القيام بذلك. الأول هو أنه لا يريد قضاء مزيد من الأسابيع جالساً وغاضباً في قاعة محكمة باردة. وثانياً، إذا فاز في انتخابات نوفمبر، سيوقف ذلك مسارات المحاكمات.

لذلك، لا يحتاج النصر في المحكمة العليا إلى حكم بأنه يتمتع بالحصانة. يكفي أن يقرر القضاة أنهم في حاجة إلى مزيد من المعلومات، أن يحيلوا القضية مرة أخرى على محكمة أدنى للنظر فيها قبل أن تعاود المحكمة العليا النظر فيها. المماطلة هي العنوان العريض. ومن مسار الاستجواب الذي تتبعه الغالبية الواضحة في المحكمة العليا، يبدو أن هذا هو ما سيحدث.

ربما لا يزال ترمب غاضباً لكونه عالقاً، يوماً بعد يوم، في مانهاتن – ومن المرجح أن تستمر المحاكمة هناك من ستة إلى ثمانية أسابيع – لكن الصورة الكبرى هي أن أكثر اللوائح الاتهامية خطورة باتت أشبه بعلب يبدو أن فريقه القانوني قد تمكن من ركلها بعيداً على الطريق.

جون سوبيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى