ملفات فلسطينية

تخبط وتوهان في قطاع الإعلام الفلسطيني 

يحتاج القطاع الإعلامي والصحافي في فلسطين إلى جهود متكاملة تستهدف تعزيز التنسيق والتنظيم، بما في ذلك تعزيز الهياكل التنظيمية، وتعزيز الاتصال بين الأطراف المعنية، ولكن قبل ذلك التشخيص ومعرفة المرض وما هوالاحتياج الحقيقي.

بعد أسابيع على تشكيل الحكومة التاسعة عشرة برئاسة د. محمد مصطفى، وقرار إلغاء وزارة الاعلام، وحالة التيه والتخبط لدى وسائل الإعلام في فلسطين جراء هذا القرار المفاجئ ، جاء في بيان حكومي إنه تم تكليف مكتب رئيس الوزراء ، بتسيير بعض المهام العاجلة، التي كانت ضمن اختصاصات وزارة الإعلام سابقًا، وتشكيل لجنة خاصة لوضع مقترح متكامل لمآل اختصاصات وزارة الإعلام.

حالة التوهان والتخبط في قطاع الإعلام والصحافة في فلسطين تعكس العديد من التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي. من بين العوامل التي تؤثر على هذه الحالة يمكن ذكر:

1. الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة: تعاني فلسطين من هجمة حقيقية من الاحتلال الاسرائيلي تستهدف وجوده البشري وارضه، كما يعاني الفلسطينيون من ظروف سياسية واقتصادية صعبة، مما يؤثر بشكل كبير على القطاع الإعلامي والصحفي. القيود على حرية التعبير والصحافة، بالإضافة إلى الظروف المالية الصعبة التي تواجه وسائل الإعلام، تسهم في خلق بيئة غير مستقرة.

2. انقسامات المجتمع الفلسطيني: الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل المجتمع الفلسطيني انعكست بشكل كبير ومؤثر.

3. ضغوطات العمل اليومية: الصحافة والإعلام تتعرض لضغوطات كبيرة في ظل الظروف الراهنة، مما قد يؤدي إلى نزاعات.

4. تحديات الحرية الصحافية: تواجه الصحافة في فلسطين تحديات كبيرة في ما يتعلق بحرية التعبير وحرية الصحافة، مما يؤثر على تقديم تغطية مستقلة وموضوعية.لا سيما غياب القوانين الضمنة للحريات والوصول للمعلومات.

هذه العوامل تدمج معًا لتشكل تحديات كبيرة أمام الإعلام والصحافة في فلسطين، مما يؤدي إلى حالة من التوهان والتخبط والى غياب التنسيق والتنظيم في قطاع الاعلام والصحافة في فلسطين الذي يعد أحد التحديات الرئيسية التي تؤثر سلباً على أداء هذا القطاع الحيوي. بعض الأسباب والتأثيرات لهذا الغياب تشمل:

1. تشتت الجهود والموارد: نقص التنسيق يمكن أن يؤدي إلى تشتت الجهود بين مختلف وسائل الإعلام والصحافة، مما يعرقل الجهود المشتركة لتحقيق تغطية شاملة ومتوازنة للأحداث.

2. نقص الهياكل التنظيمية الفعالة: قد يكون هناك نقص في الهياكل التنظيمية الفعالة على المستويات الرسمية (لا سيما بعد قرار إلغاء وزارة الاعلام) والخاصة والاهلية ، وايضا داخل المؤسسات الإعلامية والصحفية، مما يؤثر على القدرة على التخطيط الاستراتيجي لتدخل اعلامي فلسطيني داعم على المستوى الدولي وتنويري على المستوى المحلي وإدارة الموارد بشكل أكثر فعالية.

3. انعدام الاتصال بين الأطراف المعنية: في بعض الأحيان، يعاني القطاع من انعدام الاتصال الفعال والمنتظم بين الصحافيين والإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، مما يجعل من الصعب تبادل المعلومات والخبرات بشكل مؤسسي.وربما تعتبر الخطوة التي قامت بها نقابة الصحفيين بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين وممثلي بعض وسائل في الثالث من أيار، هو خطوة ايجابية ولكنها ليس كافية في هذا الاتجاه.

4. تأثيرات الانقسام السياسي: الانقسامات السياسية داخل الفلسطينيين قد تنعكس أيضًا على الإعلام والصحافة، مما يؤدي إلى تشتت الجهود والتباين في الرؤى والأجندات الإعلامية.

5. إلغاء وزارة الإعلام وتقولات حول تشكيل المجلس الأعلى للإعلام، ولكن هل سيكون هذا المجلس الأعلى ممثلا لكافة أطياف العاملين في الإعلام، ام سيكون جسما مترهلا بيروقراطيا يخلوا من الكفاءات كما كانت وزارة الاعلام؟

6. حالة تؤدي الى انتشار الاخبار الكاذبة والى غياب الاحساس بالامان من قبل الافراد العاملين في قطاع الاعلام الى جانب عدد من التحديات الاخرى ليست اقل اهمية.  مثل اليات بناء ثقافة قائمة على الدقة والمصداقية في التعامل مع المعلومات،   وطرق تشجيع ثقافة النقد الإعلامي المسؤول، وتمكين الأفراد من تحليل وتقييم الأخبار والمعلومات بشكل نقدي بناء، والمساهمة في رفع مستوى الوعي العام وتعزيز الديمقراطية الإعلامية والرقمية للشباب. وتعزيز الشفافية والمصداقية الإعلامية من خلال دعم جهود  مراقبة وتقييم أداء وسائل الإعلام، وتوجيه التوصيات للوصول لأفضل ممارسات لها.

ان التدخل الحقيقي العلمي لمشكلة الاطر التنظمية الاعلامية في فلسطين، واسوة بكافة القطاعات الاخرى، تحتاج الى واحدة من خطوات العمل الاداري المعترف به والذي يدرس في كافة اكاديميات المعمورة في علم الادارة ، وهي مرحلة (التقييم ) والتي “كما يبدو” نحن كفلسطينيين عموما لا نؤمن باهميتها.

الا يتطلب اي تدخل من اجل التخطيط لاجسام جديدة تنسيقية او تنفيذية او سمها ما تريد ، ان يتم تحليل الواقع وتحديد المشكلات الحقيقية استنادا الى البيانات والمعلومات، وتحليها؟

الا يتطلب الامر تقييما عاما للحالة الاعلامية الفلسطينية بابعداها ووتحلياتها واولوياتها، ورؤاها المستقبلية لا سيما بعد ما حل بنا ولا زال؟

لتحسين الوضع، يحتاج القطاع الإعلامي والصحافي في فلسطين إلى جهود متكاملة تستهدف تعزيز التنسيق والتنظيم، بما في ذلك تعزيز الهياكل التنظيمية، وتعزيز الاتصال بين الأطراف المعنية، ولكن قبل ذلك التشخيص ومعرفة المرض وما هوالاحتياج الحقيقي. نحتاج الى الاجابة على مجموعة من الاسئلة مثل: هل نحن نحتاج لوزارة اعلام ام ان الوزارة هي شكل من اشكال التدخل في الفضاء الاعلامي ، ومعيق للحريات والحقوق بشكل او باخر؟ هل سيبقى مجموعة من الافراد متواجدين في المركز ” رام الله وبيت لحم ” هم من يقودون محاولات الاصلاح في قطاع الاعلام ، اليس هناك في محافظات الشمال والوسط والجنوب صحفيين واعلاميين، وباحثين في الاعلام، وجامعات وكليات ومراكز متخصصة بالاعلام، غير تلك الموجودة في رام الله ؟ متى سنبدا كفلسطينيين نؤمن بان العمل التشاركي والتخطيط التشاركي المستند الى اعطاء الفرص لمن يرغب ولديه القدرة والخبرة وكل من يستطيع تقديم جهد مفيد للعملية التظيمية الادارية ككل من اجل تنظيم انفسنا بحق؟

ربما نحتاج لبحث اكثر وجمع معلومات اكثر وعمليات ديمقراطية تشاركية اكثر من اجل الوصول الى قرارات أكثر توازناً وشمولية ومهنية للأحداث والقضايا في فلسطين، اولها الاعلام القوي الممارس لدوره الرقابي على السلطات الثلاث ودوره التنويري .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى