حماس

تحديات معقدة بين حماس وإسرائيل 

حدث سابقًا، تعكس محاولة إسرائيل لتحقيق مكاسب تكتيكية دون تقديم تنازلات استراتيجية كبيرة. نتنياهو، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة في الشارع السرائيلي الذي بدأ بالغليان ضد هذه الحكومة وتوترات مع إدارة بايدن، يسعى إلى تهدئة الشارع الإسرائيلي من خلال هذه الصفقات المتقطعة.

تتصاعد الأحداث في الساحة الفلسطينية مع استمرار النقاشات حول صفقة التبادل المقترحة بين حركة حماس وإسرائيل، والتي تحظى باهتمام كبير من الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطة الوطنية الفلسطينية والإدارة الأمريكية. يظل موقف حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، حاسمًا في تحديد مصير الصفقة، حيث قدمت الحركة تعديلات على الورقة الإسرائيلية، تتعلق بإنهاء الحصار ووقف دائم للحرب والبدء بمرحلة تبادل الأسرى وعودة النازحين إلى منازلهم.

تسعى حركة حماس، من خلال تعديلاتها المقترحة، إلى تحقيق أهداف استراتيجية تضمن حقوق الفلسطينيين، وخاصة في قطاع غزة. رفض الحركة للمقترح الأمريكي بتسليم القطاع لقوات عربية من دول التطبيع مثل الاردن، المغرب، مصر والامارات يعكس موقفها الصارم ضد أي تدخل خارجي قد يؤثر على سيادتها على غزة.

حماس تعي تمامًا أن أي تنازل في هذا السياق قد يُضعف موقفها أمام جمهورها وأمام الفصائل الفلسطينية الأخرى. ومن هنا جاء تمسكها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا، الذي يمثل شريان الحياة الرئيسي لغزة عبر معبر رفح. سيطرة إسرائيل على هذا المحور لأكثر من شهرين أثرت بشكل كبير على تدفق المساعدات والمواد الأساسية إلى غزة، مما جعل هذا البند أحد الخطوط الحمراء لحماس في أي مفاوضات.

على الجانب الآخر، يأتي موقف السلطة الوطنية الفلسطينية وسط تحديات سياسية داخلية وخارجية. رفض السلطة للمقترح الأمريكي والإسرائيلي حول تسليم غزة لقوات عربية يعكس تمسكها بموقفها التقليدي بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. ومع ذلك، فإن ردود فعل السلطة كانت متواضعة ولم تحقق تأثيرًا كبيرًا على الأطراف الدولية.

هذه المواقف المتواضعة قد تعكس ضعف السلطة في مواجهة التحديات الداخلية المتزايدة، بما في ذلك الانقسام الداخلي والضغوط الاقتصادية والسياسية. من جهة أخرى، قد تكون السلطة تسعى للحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، على أمل تحقيق تقدم مستقبلي في العملية السياسية.

من الجانب الإسرائيلي، تظهر الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو في موقف معقد. على الرغم من أن الورقة الإسرائيلية تنص على إطلاق سراح 32 أسيرًا إسرائيليًا لدى المقاومة في المرحلة الاولى من الصفقة، إلا أن الحكومة تظل حذرة في تقديم تنازلات كبيرة في هذه المرحلة. سياسة الإفراج عن الأسرى على دفعات، كما حدث سابقًا، تعكس محاولة إسرائيل لتحقيق مكاسب تكتيكية دون تقديم تنازلات استراتيجية كبيرة.

نتنياهو، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة في الشارع السرائيلي الذي بدأ بالغليان ضد هذه الحكومة وتوترات مع إدارة بايدن، يسعى إلى تهدئة الشارع الإسرائيلي من خلال هذه الصفقات المتقطعة، بينما يحاول كسب الوقت والمناورة لتحقيق أهدافه السياسية. العلاقة المتوترة مع إدارة بايدن، والدعم الامريكي الغير محدود في فترة ادارة بايدن الحالية التي لم تكن على نفس مستوى الدعم الذي قد يقدمه ترامب من وجه نظر نتياهو في حال فوزه في الانتخابات الامريكية المقبلة، تجعل نتنياهو أكثر حذرًا في التعامل مع الملف الفلسطيني.

الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن تجد نفسها في موقف دقيق. من جهة، تواصل دعمها التقليدي لإسرائيل، ولكنها تحاول في الوقت نفسه الحفاظ على نوع من التوازن في التعاطي مع الملف الفلسطيني. المقترح الأمريكي بتسليم غزة لقوات عربية يعكس محاولة لتجاوز الجمود في العملية السياسية، ولكنه قوبل بالرفض من الأطراف الرئيسية، مما يبرز التحديات التي تواجهها واشنطن في هذا السياق.

بايدن يسعى إلى تحقيق تقدم ملموس في ملف السلام دون إثارة المزيد من التوترات في المنطقة. ومع ذلك، يبدو أن الإدارة الأمريكية غير قادرة حتى الآن على تقديم مقترحات تلبي احتياجات وتطلعات جميع الأطراف بشكل متوازن، مما يعكس الصعوبات التي تواجهها في التأثير على مجريات الأمور.

الوضع الراهن يعكس تباين المواقف وتداخل المصالح بين الأطراف المختلفة. حركة حماس تسعى لتعزيز موقفها الداخلي والحفاظ على سيادتها على غزة، بينما تجد السلطة الفلسطينية نفسها في موقف ضعيف مع ردود فعل محدودة. إسرائيل تحاول تحقيق مكاسب مرحلية دون تقديم تنازلات كبيرة، في حين تسعى الولايات المتحدة لإيجاد حلول وسطى ترضي جميع الأطراف.

من الواضح أن تحقيق تقدم حقيقي في هذا الملف يتطلب تغييرًا جذريًا في مواقف الأطراف الرئيسية وتقديم تنازلات متبادلة. التحدي الأكبر يكمن في تحقيق توازن بين احتياجات الأمن الإسرائيلي وتطلعات الفلسطينيين للحرية والكرامة. في ظل هذه التعقيدات، تبقى الأوضاع مرشحة لمزيد من التصعيد أو الجمود ما لم يتم إيجاد حلول خلاقة ومبتكرة يمكن أن تُرضي جميع الأطراف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى