تقارير

بينها الصحة والهجرة.. 8 قضايا حقوقية في أول مناظرة بين ترامب وهاريس

بمواجهة يعتبرها مراقبون مصيرية وحاسمة، يقف المتنافسان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، دونالد ترامب وكامالا هاريس، مساء اليوم الثلاثاء في أول مناظرة تلفزيونية مرتقبة، قبيل نحو شهرين على إدلاء الأمريكيين بأصواتهم لاختيار الرئيس الـ47 في تاريخ بلادهم.

وتبرز 8 ملفات حقوقية بين سياسية واقتصادية واجتماعية وجندرية، في أول مواجهة مباشرة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب، البالغ (78 عاما) ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس، التي تبلغ من العمر (59 عاما).

وتتمثل أبرز القضايا الحقوقية التي تلاحق مناظرة ترامب، الذي تولى الرئاسة الأمريكية بين عامي 2017 و2021، وهاريس نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ نحو 4 سنوات، في التضخم والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والهجرة والرعاية الصحية والإجهاض والمثلية الجنسية، في ما تستحوذ القضية الفلسطينية على نصيب وافر من المواجهة الرئاسية.

وتحتل القضايا الحقوقية صدارة اهتمامات الناخبين ووسائل الإعلام الأمريكية في مناظرة مدتها 90 دقيقة، تبث عبر شبكة ABC News، وتعقد بين أرجاء متحف أمريكي شهد المصادقة على الدستور الأمريكي في عام 1787.

وبين الخطاب الشعبوي لترامب في الهجوم على منافسيه لمغازلة اليمينيين، والأداء الهادئ المتزن لهاريس النابغ من عملها كسياسية ومحامية، يترقب الناخبون أول المناظرة لفتح تلك الملفات الحقوقية الشائكة وسط استطلاعات رأي تميل إلى تفوق هاريس على ترامب.

“جسور بوست” ترصد في هذا التقرير أبرز الملفات الحقوقية التي ستتمحور حولها مناظرة ترامب وهاريس استعدادا للمواجهة المباشرة بينهما.

التضخم

ترتكز خطط المواجهة الحوارية بين هاريس وترامب على أبرز محاور الحقوق الاقتصادية وهو التضخم الذي يزيد من تكاليف المعيشة ويضاعف النفقات اليومية في المأكل والمسكن وغيره، لا سيما وأن تحقيق التعافي الاقتصادي يحتل صدارة اهتمامات الناخبين الأمريكيين.

ومن المتوقع أن يتخذ ترامب من قضية ارتفاع نسبة التضخم في الولايات المتحدة ركيزة لإضعاف موقف هاريس باعتبارها كانت ضمن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، حيث اعتاد المرشح الجمهوري اتهام السياسة الاقتصادية لبايدن بالغموض.

فيما يتوقع أن تقدم هاريس سياسة معاكسة لتجاوز نقطة الضعف في هذا الملف، والتي برزت في كلمتها في 5 سبتمبر الجاري والتي شددت فيها على أن الأثرياء والشركات الكبرى تدفع نصيبها العادل، وتعهدت بـ”القتال” من أجل الطبقة المتوسطة والشعبية، في مقابل اتهامها لترامب بـ”القتال من أجل أصحاب المليارات والشركات الكبرى”.

الهجرة

تعد الهجرة من القضايا الشائكة في الولايات المتحدة، لا سيما في المحاور التي تتعلق بالتعامل مع أزمة اللاجئين وتدفق المهاجرين غير الشرعيين.

وفي هذا الشأن يتخذ ترامب موقفا أكثر صرامة وحزما مع قضايا الهجرة، حيث ينتقد تسامح إدارة بايدن مع مستويات الهجرة غير الشرعية، لا سيما عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك.

وبحسب ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” في أغسطس الماضي، فإن كامالا هاريس ستحاول قلب السيناريو الخاص بالهجمات التي يشنها الجمهوريون ضد سجلها في قضية الهجرة، وتؤكد أنها تعرف القضايا التي لها علاقة بنظام الهجرة وتعرف كيف تقوم بإصلاحها.

وترتكز هاريس على تاريخها في ملاحقة العصابات العابرة للحدود والمتاجرين بالبشر، أثناء توليها منصب مدعي عام ولاية كاليفورنيا، في مقابل أن ترامب يتحدث عن هذا الملف دون إجراء أفعال تعكس ذلك.

وخلال الولاية الرئاسية لترامب (2017-2021) انتقدت منظمة العفو الدولية (غير حكومية، مقرها لندن) ما سمته بـ”ممارسات مسيئة نفذتها واشنطن على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، من خلال المعاملة العنيفة للاجئين وكأنهم مجرمون، والقيود المشددة التي فرضت على فرص النساء في الحصول على الرعاية الصحية الإنجابية وغيرها”.

العدالة الاجتماعية

وتحتل قضايا العدالة الاجتماعية مكانة كبيرة في المناظرات الأمريكية بين المرشحين، لا سيما منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008، حيث يكتسب هذا الملف شرعية وزخما لافتا في أوساط واسعة من القوى السياسية في الولايات المتحدة.

وعادة ما يطرح المرشحان سبل مواجهة التفاوتات العرقية والاجتماعية بين المواطنين في الولايات المتحدة، وخطط إصلاح نظام العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة، والتوازنَ في الفرص الاجتماعية وغيرها.

ومن المتوقع في هذا المحور أن تتفوق كامالا هاريس على دونالد ترامب، باعتبار الأخير داعما شرسا لسياسات السوق الحر، وتخفيض الضرائب على الشركات، وتقليل الإنفاق الحكومي مقابل توسيع المجال للقطاع الخاص.

فيما تسعى المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، من خلال تتبنى سياسات بزيادة الضرائب على الأثرياء لتمويل البرامج الاجتماعية، وتعزيز حقوق العمال والدفاع عن حقوق الأقليات وغيرها.

الرعاية الصحية

ومن المتوقع أيضا أن يكون نظام الرعاية الصحية طرحا محتملا بقوة في أول مناظرة بين المرشحين، خاصة في ظل تطلع الناخبين إلى التمتع بمظلة رعاية صحية شاملة تقاوم حالات الطوارئ التي تنجم عن انتشار الأمراض والأوبئة مثلما حدث مع انتشار فيروس كورونا.

ويعد ملف الرعاية الصحية رهانا كبيرا في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وركيزة حاسمة لفوز أحد المرشحين، لا سيما مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر الذي أصاب الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية.

ولا ينافس الجمهوريون في هذا الملف الحيوي، إذ واجه ترامب خلال فترة ولايته لرئاسة الولايات المتحدة برنامج “أوباما كير” وتعهد بإلغائه، لكن جهوده في هذا الشأن تعثرت في الكونغرس وأغضبت ملايين الأمريكيين.

فيما يتنافس الديمقراطيون بقوة وجدارة في ملف الرعاية الصحية الميسرة، إذ تعتمد هاريس في دعايتها الانتخابية على التعهد بدعم شرائح وطبقات عديدة وتوفير رعاية صحية شاملة والتوسع في برنامج “أوباما كير” والهجوم على سياسات ترامب في دعم الشركات والأغنياء في هذا المجال.

وأُقر قانون الرعاية الصحية الأمريكي، المعروف باسم “أوباما كير” في عام 2010 ويمثل إصلاحا لنظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، وكذلك توسيعا لنطاق التغطية منذ تأسيس ميديكير وميديكيد في عام 1965.

الحقوق السياسية والديمقراطية

رغم أن ملف ركائز الديمقراطية طالما كان مضربا للمثل في الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها قلعة الحريات في العالم، فإن مقتضيات الانتخابات المقبلة أعادت طرح هذا الملف على السطح مجددا.

وترتكز هاريس في موقفها بهذا الملف على الهجوم ضد ترامب من منطلق أنه سيفرض أجندة تهدد أسس وثوابت الديمقراطية الأمريكية وقد ينتقم من خصومه السياسيين عقب الفوز في الانتخابات.

كما تلمح المرشحة الديمقراطية إلى أن دونالد ترامب مجرم مدان يواجه أيضا اتهامات بالتآمر لقلب هزيمته في انتخابات 2020 أمام جو بايدن.

القضية الفلسطينية

تتصدر الحرب على غزة رأس قائمة أبرز الملفات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، خاصة مع أهمية أصوات الناخبين من الجاليات العربية والإسلامية.

يواجه مرشح الحزب الديمقراطي إشكالية تأييد الناخبين الكامل لا سيما في ولاية ميشيغان المهمة التي يوجد بها واحدة من أكبر تجمعات المسلمين والعرب الأمريكيين، بينما هناك استبعاد لتصويت الناخبين المؤيدين لغزة لصالح ترامب مع مواقفه الداعمة لإسرائيل ضد الحق الفلسطيني وفق تصوراتهم.

ويروج ترامب لخطر فوز هاريس قائلا إن “عدم وصوله للبيت الأبيض سيكون له تداعيات كارثية، خاصة على منطقة الشرق الأوسط، وقد نجد أنفسنا أمام حرب عالمية ثالثة”، كما يروج أنه سيوقف حربي غزة وأوكرانيا فور وصوله، وذلك في خطاب شعبوي يعتمد على جذب شرائح من الناخبين تخشى أن تهدد مصالح الولايات المتحدة بالخارج وتؤثر على النفقات المعيشية بالداخل.

بينما تتخذ هاريس محورا يرتكز على الموازنة بين دعم حقوق إسرائيل مع السعي لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، في محاولة لجذب أصوات الكتلة التصويتية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة.

الإجهاض

وعادة ما تمثل قضية الإجهاض بؤرة شائكة في المعادلة الرئاسية الأمريكية، وكانت موضوعا ساخنا في مناظرة ترامب وبايدن قبل انسحاب الأخير، وتركز هاريس على تلك القضية باعتبارها مناصرة قوية لها تخاطب بها الناخبين التقدميين الداعمين لحماية لحقوق المرأة مع احترام حق الأديان.

بينما يعد هذا الملف نقطة ضعف في برنامج ترامب الذي يقف بجوار حزبه الجمهوري في مربع عدائي من القضية ويعد داعما لقرار المحكمة العليا الأمريكية لعام 2020 الذي تسبب في إلغاء حق الإجهاض على المستوى الفيدرالي.

وهذه القضية تعد موضوعا ساخنا في مناظرة ترامب وبايدن قبل انسحاب الأخير، إذ دافع الأول عن قيود الإجهاض، متهما الديمقراطيين بدعم قتل الأطفال، بينما وصف الثاني إنهاء الحماية الفيدرالية للإجهاض بأنه “فظيع”.

وتقدم هاريس نفسها باعتبارها من أشد الداعمين لحق المرأة في الإجهاض ومنع القيود الفيدرالية أو المحلية على هذا الحق، بينما يواصل ترامب التمسك برفضه لجذب قاعدة الناخبين المحافظين وأصحاب الميول الدينية.

في عام 2023، قررت المحكمة العليا الأمريكية إلغاء الحماية الفيدرالية على حق الإجهاض، وسجل نظام الرعاية الصحية نحو مليون حالة إجهاض في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، في أعلى معدل منذ أكثر من عقد، وفق بيانات إحصائية لمعهد غوتماكر (غير حكومي، يدعم الحق في الإجهاض).

المثلية الجنسية

ويمثل ملف المثلية الجنسية وازدواجية الميول الجنسانية أولوية ضمن ملفات الاهتمام الأمريكي في الانتخابات الرئاسية، وتتبنى هاريس بثبات المذكرة الرئاسية بشأن النهوض بحقوق الإنسان للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والمثليين وثنائيي الجنس والعابرين جنسياً (مجتمع الميم) في جميع أنحاء العالم.

كما تتعهد المرشحة الديمقراطية بأن تعمل الدبلوماسية الأمريكية والمساعدات الخارجية على تعزيز وحماية حقوق الإنسان لمجتمع الميم، بما يتماشى مع المجالات المختلفة، وذلك لمناهضة رهاب المثلية الجنسية ورهاب العابرين جنسياً وثنائيي الميل الجنسي.

في المقابل، يهاجم ترامب الجهات التي تدعم المثلية الجنسية، والمتحولين جنسيا، ويتعهد مرارا بمحاربة بعض أفكار الحزب الديمقراطي والأيديولوجيات التي يتبناها في هذا الملف الشائك، إذ قال في كلمته خلال قمة “Concerned Women for America” بواشنطن: “في البداية الرب خلق جنسين فقط، الذكر والأنثى”.

ويسعى المرشح الجمهوري إلى تقليص حقوق مجتمع الميم في الولايات المتحدة، معبرا عن ذلك بقوله: “سنهزم طائفة أيديولوجية النوع الاجتماعي، ونؤكد بأن الله خلق نوعين اجتماعيين فقط”.

رؤى الديمقراطيين

بدوره، قال عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، إن ملف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سيكون له حظ وافر في المناظرة بين المرشحين ترامب وهاريس، نظرا لكونه نقطة خلاف جوهرية بين الديمقراطيين والجمهوريين.

وأوضح عفيفي في تصريح لـ”جسور بوست” أن هاريس تملك نقاط قوة على نظيرها ترامب في ما يتعلق بالدفاع عن الطبقة البسيطة والمتوسطة ودعم الديمقراطية ومناصرة الأقليات.

وبشأن القضية الفلسطينية، يرى عفيفي أن الدعم المطلق لإسرائيل في الحرب على غزة أصبح لا يرضي الأمريكيين واليهود المعتدلين وليس العرب والمسلمين وحدهم.

وأضاف: “هاريس تدعم الحقوق الاجتماعية، وتقدم رؤى تقدمية في ملف الإجهاض بالتوازي مع احترام المعتقدات الدينية، وتنحاز لحقوق اللاجئين والمهاجرين، وتتعهد باستكمال نظام الرعاية الصحية، مقابل تجاهل ترامب لهذه الملف والانحياز الصريح لرجال الأعمال وأصحاب الشركات الداعمين لحملته الانتخابية”.

ورجح عضو الحزب الديمقراطي انتصار مرشحته في المناظرة انطلاقا من كونها محامية محنكة لديها قناعات إنسانية منضبطة ولا تميل للشعبوية، قائلا: “الموقف من القضية الفلسطينية والحرب على غزة يمكن أن يقلب موازين الانتخابات الأمريكية المقبلة”.

رؤى الجمهوريين

ومن جانبه، قال أستاذ القانون الدولي وعضو حملة المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، جبريال صوما، إن تلك المسائل الحقوقية ستكون محل طرح بالمناظرة، لا سيما المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والإجهاض وحقوق المثليين والهجرة.

وأوضح صوما في تصريحه لـ”جسور بوست” أن هناك غلاء فاحشا يسجل 3 بالمئة بعد أن كان في عهد الرئيس السابق 1.4 بالمئة، والبنزين صار 4 دولارات للتر بدلا من دولارين سابقا، قائلا: “فائدة قروض شراء المنازل في عهد ترامب كانت 2.7 بالمئة واليوم أصبحت 8 بالمئة”.

وبشأن موقف ترامب المحافظ من عدة قضايا، أكد صوما أن “كل الأديان ترفض الإجهاض لأنها مشاركة في جريمة قتل، والجمهوريون يريدون ضوابط للهجرة وليست قيودا دون الحصول على حوافز صحية وتعليمية مجانية دون شروط، إلى جانب تيسير حصول الأمريكيين على خدمات الرعاية الصحية”.

وأضاف: “يجتمع الحزبان الديمقراطي والجمهوري في ضمان حق دفاع إسرائيل عن نفسها بنسبة 100%، الفارق أن ترامب قادر في اللحظة التي يصل بها إلى البيت الأبيض أن يوقف حرب غزة فورا، لكن الحزب الديمقراطي فشل في ذلك حتى الآن”.

ويرجح صوما أن ترامب سيرتكز على خبرته الكبيرة في المناظرات والمؤتمرات الصحفية لهزيمة منافسته هاريس، معتمدا على شعبيته الجارفة ودعم الناخبين لسياساته وبرنامجه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى