ملفات فلسطينية

بعد 300 يوم من حرب غزة.. أهالي الضفة في قلب المعاناة

غياب المسيرات الحاشدة تعبيرا عن مقتل إسماعيل هنية في الضفة الغربية، كشفت أنه وبالرغم من التعاطف الشعبي مع حادثة مقتل قيادي حماس إلا أن الغالبية لا تؤيد المسار الذي سلكته حماس في غزة لأنه ارتد بنتائج سلبية أكبر من أي شيئ آخر

أكثر من 300 يوم على حرب غزة ومازال الاحتلال الإسرائيلي يرتكب أبشع جرائم التاريخ على أرض فلسطين، فلم يكفيه اغتيال القطاع بل حول مدفعيته للضفة الغربية هي الأخرى، ليرتكب مجازر بها، ويغلق اقتصادها ويحولها إلى أرض معركة هي الأخرى.
إن سياسات الاحتلال في الضفة الغربية خلال الفترة الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، أن إسرائيل لا تحارب حماس بل تحارب الشعب الفلسطيني ذاته، فتريد أن تبيده من الوجود أيا كانت الحسابات وأيا كان ما يقال عنها من دولة سادية.
وعلى صعيد حركة حماس، فقد كفر الشعب الفلسطيني بها حكومة وحركة، خاصة بعد أن استفزت تل أبيب وجعلتها تشغل آلة القتل على كل جنس فلسطيني داخل الأراضي، فرصيد حماس لدى الشعب أصبح صفرا ولاسيما الغزيين الذي خرجوا من بيوتهم وفقدوا أبناءهم وأبائهم وسكان المخيمات، وأيضا الأطفال الذين يبنى عليهم مستقبل القضية الفلسطينية، فكيف لحركة سياسية أن تتسبب في واحدة من أبشع حروب العالم ضد شعب مظلوم على أرضه.
ومنذ أيام، استوقفني استطلاع أجراه مركز العالم العربي للبحوث والتنمية” (أوراد) ومقره رام الله، والذي أكد أن تقييم أداء حركة حماس قد انخفض من 76% في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى 55% في مايو/أيار الماضي، وهذا الاستطلاع قد كشف عن نوايا الشعب الغزاوي للفظ حماس تماما والبعد عن وجودها سياسيا أو ميدانيا، والتفكير جديا في كيفية تحقيق السلام الذي سينعم عليهم بحياة عادية لكنها خالية من القذائف والنيران التي تتناثر في كل شبر ينزحون إليه.
أيضا غياب المسيرات الحاشدة تعبيرا عن مقتل إسماعيل هنية في الضفة الغربية، كشفت أنه وبالرغم من التعاطف الشعبي مع حادثة مقتل قيادي حماس إلا أن الغالبية لا تؤيد المسار الذي سلكته حماس في غزة لأنه ارتد بنتائج سلبية أكبر من أي شيئ آخر، فيبدوا أن الحل في عودة السلطة الفلسطينية في غزة لاتباع سياسة الهدوء والسلام واللاحرب، تلك الأمنية التي يتمناها الفلسطينيون الآن.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فواقعيا كانت غزة نقطة تحول مؤلمة في حياة الكثيرين من سكان الضفة الغربية، فالعمال الذين كانوا يعملون داخل إسرائيل فقدوا مصدر دخلهم الوحيد، وتحولت الحواجز والتعقيدات اليومية إلى عوائق تحول دون حركة الناس وتجارتهم، كما نظم التجار إضرابا، وسرعان ما عاد الناس إلى الحياة الطبيعية المثقلة بالحصار والغلاء والبطالة والمشاكل الاقتصادية التي تضاعفت ما بعد حرب 7 أكتوبر.
ومازالت الضفة الغربية المحتلة تواجه تدهورا متواصلا في الوضع المالي منذ اندلاع الحرب، فأوقفت إسرائيل تسليم السلطة الفلسطينية كامل عائدات الرسوم الجمركية التي تقوم بجبايتها لصالحها، كما ارتفعت نسبة البطالة مع الاقتحامات الإسرائيلية اليومية للمدن والقرى الفلسطينية، فانكمش اقتصاد الضفة 6% خلال السنة الحالية 2024، وفقد الفلسطينيون 32% من الوظائف في الضفة الغربية، أي ما يعادل 276 ألف وظيفة بسبب تداعيات الحرب، فضلا عن غلق المحلات التجارية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما تفاقمت الأزمة بسحب 130 ألف تصريح عمل من الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتركتهم من دون دخل، فمن الواضح أن إسرائيل تمارس حربا اقتصادية على الضفة الغربية كالحرب العسكرية على غزة.
ورغم كل ما سبق، تستمر المعاناة على أرض فلسطين دون حل حتى كتابة هذه السطور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى