قال خبير قانوني إسرائيلي إن توجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لفرض عقوبات على كتيبة نيتساح يهودا التابعة للجيش الإسرائيلي قد تكون له عواقب بعيدة المدى وربما تجعل إسرائيل عُرضة للملاحقة القضائية الدولية وفقا لصحيفة يديعوت أحرونوت.
وأضاف المحامي والمحلل القانوني، الدكتور ماتان غوتمان، في مقال نشره الموقع الإلكتروني للصحيفة العبرية، أن من الصعب تفسير التداعيات الخطرة والآثار البعيدة لفرض عقوبات أمريكية محتملة على كتيبة نيتساح يهودا إذا تأكدت صحة التقارير الإخبارية حول هذا الموضوع.
واعتبر أن إقدام الإدارة الأمريكية على مثل هذه الخطوة -لو حدث- سيكون إيذانا بنهاية العلاقة الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وثغرة يمكن أن تغري دولا ومنظمات عالمية على فرض عقوبات دولية وسياسية وشخصية على أي كيان متورط في النشاط الإسرائيلي في الضفة الغربية، من مسؤولين وجنود إلى إسرائيليين يعيشون في المستوطنات.
وكان المراسل الدبلوماسي لموقع “والا” الإلكتروني، باراك رافيد قد نقل، مساء السبت، عن 3 مصادر أمريكية -لم يسمها- أنه من المتوقع أن يعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال الأيام المقبلة عن عقوبات ضد كتيبة نيتساح يهودا الإسرائيلية، على خلفية انتهاك حقوق الإنسان في الضفة الغربية.
وستكون هذه المرة الأولى على الإطلاق التي تفرض فيها إدارة أمريكية عقوبات على وحدة عسكرية إسرائيلية بسبب أنشطتها في الضفة، وفق المصادر ذاتها التي نقل عنها موقع والا.
ومن شأن تلك العقوبات أن تكون لها تأثيرات كبيرة على الجيش والاقتصاد، وعلى إنفاذ القانون الإسرائيلي في الضفة الغربية، ومكانة إسرائيل الدولية، وفق غوتمان.
وأشار المحلل القانوني إلى أن العقوبات على كتيبة نيتساح يهودا ستُفرض بموجب قانون ليهي الذي صدر عام 1997. وينص هذا القانون على أنه لا يجوز للولايات المتحدة تقديم أي مساعدة أو إجراء أي تعاملات مع قوة عسكرية متهمة بارتكاب انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان ما لم يثبت أن الدولة المعنية تتخذ خطوات فعالة لمحاكمة المسؤولين في الوحدة العسكرية المتهمين بارتكاب تلك الانتهاكات.
وبحسب قانون ليهي، فليس كل انتهاك لحقوق الإنسان يبرر فرض عقوبات، بل يقتصر ذلك على الانتهاكات الخطرة مثل جرائم القتل العمد للمدنيين، والتعذيب، وإخفاء الأشخاص، والاغتصاب التي تستخدم سلاحا في الحرب، على حد قول غوتمان.
وأوضح الخبير القانوني في مقاله أن أهمية فرض هذه العقوبات هي في الأساس تعبير علني عن عدم ثقة الولايات المتحدة في النظام القضائي العسكري للجيش الإسرائيلي وقدرته على فرض القانون على جنوده.
وبفرضها تلك العقوبات، تكون الولايات المتحدة –برأي الكاتب- قد قوضت حجة الدفاع عن النفس التي تتذرع بها إسرائيل على الساحة الدولية.
ومضى غوتمان إلى القول إن التبعات المترتبة على السياسة الأمريكية الجديدة ستكون وخيمة، مضيفا أن الولايات المتحدة قررت على ما يبدو استخدام أدوات قانونية قاسية لإحداث تغيير جذري في سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين.
وتقتضي هذه الفرضية من إسرائيل بحسب الكاتب أن تبذل ما في وسعها لمنع واشنطن من فرض عقوباتها على الجيش الإسرائيلي.
ما كتيبة “نتساح يهودا”؟
كانت كتيبة “نتساح يهودا” محور العديد من الخلافات المرتبطة بالتطرف اليميني والعنف ضد الفلسطينيين، لا سيما وفاة المسن عمر أسعد، وهو فلسطيني أميركي يبلغ من العمر 78 عاما، حيث توفي بعد اعتقاله عند حاجز تفتيش، تم تكبيل يديه وكمم فمه وتركه الجنود على الأرض في منتصف الليل في ليلة برد قارس، وبعد ساعات قليلة عثروا عليه ميتا.
وبعد التحقيق في الحادث، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه كان هناك “فشل أخلاقي للقوات وخطأ في الحكم، مع الإضرار بشكل خطير بقيمة الكرامة الإنسانية”.
وفي أعقاب الحادثة، تم توبيخ قائد كتيبة نيتساح يهودا، كما تم طرد قائد السرية وقائد فصيلة الجنود على الفور، ليغلق التحقيق الجنائي الذي فُتح ضد الجنود دون أي محاكمة.
فنقلت إسرائيل الوحدة من الضفة الغربية في ديسمبر 2022، رغم أنها نفت أنها فعلت ذلك بسبب سلوك الجنود، ومنذ ذلك الحين خدمت الكتيبة في الغالب في شمال البلاد.
تم إنشاء “نيتساح يهودا” حتى يتمكن المتدينون المتشددون وغيرهم من الجنود الإسرائيليين من الخدمة دون الشعور بأنهم يعرضون معتقداتهم للخطر.
وكانت تعمل كوحدة في الضفة، وتتكون بشكل رئيسي من رجال حريديم وشباب متطرفين لديهم آراء يمينية متطرفة، ولم يتم تضمينهم في وحدات قتالية أخرى في الجيش الإسرائيلي.
كما لا يتفاعل الجنود مع القوات النسائية بنفس القدر الذي يتفاعل به مع الجنود الذكور، كما يتم منحهم وقتا إضافيا للصلاة والدراسة الدينية، وفقا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
كما يقال إن وحدة “نيتسح يهودا” العسكرية، أصبحت وجهة للمستوطنين اليمينيين المتطرفين الذين لم يتم قبولهم في أي وحدة قتالية أخرى في الجيش الإسرائيلي.