دولة الإحتلال

بعد الخطاب في الكونغرس ..صفقة تبادل بعيدة حتى نهاية العام..!

الحقيقة أن نتنياهو يعاني من عدة مشاكل داخلية وخارجية، أولهما شركاؤه اليمينيون المتطرفون الذين لا يتوقفون عن التهديد بحل الحكومة لو أوقف الحرب على غزة، وهو ما زال يرضخ لهم ولاستفزازاتهم، لأنه ببساطة لو أتم الصفقة وحل المتطرفون الحكومة، فإنه ذاهب الى تحقيقات وملفات فساد لها أول وليس لها آخر

منذ بداية جولة المفاوضات بين إسرائيل وحماس لوقف حرب الإبادة على قطاع غزة واتمام صفقة تبادل، يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عائقا لإحباط كل تلك الجهود، بذريعة “النصر المطلق” والذي اعترف الرئيس الأمريكي بايدن شخصيا بأنه لا يوجد نصر مطلق في أي معارك أو حروب، لكن نتنياهو مصر على تحقيق كل مطالب وأهداف الحرب المعلنة، وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه على أرض الواقع رغم وقوف الوزيرين المتطرفين ايتمار بن غفير وسموتريتش خلفه.
وعلى الرغم من أن الجولة الأخيرة من المفاوضات، والتي وجدت زخما سياسيا كبيرا أكسبها الكثير من الجدية اهتمام الرئيس بايدن وتقديمه اقتراحا جديدا قبل أيام، ومفاوضات روما غير المباشرة إلا أن المشاورات ظلت عالقة عند عدد من القضايا رغم شهور من التفاوض، وذلك نتيجة إصرار نتنياهو على بعض الشروط.

وتوقف مفاوضات روما عند قضايا منها المدى الذي ستبقى فيه القوات الإسرائيلية في غزة أثناء الهدنة، وما إذا كانت ستغادر محور فيلادلفيا، ووضع نقاط تفتيش لمنع عودة من تصفهم بـ”المسلحين” إلى شمال القطاع.

واللافت في خطاب نتنياهو بالكونغرس الأمريكي أنه استبق مباحثات روما وسارع في إعلان لاءاته للصفقة، وهي أمور كفيلة بنسف الصفقة سواء بقراره البقاء في ممر فيلادلفيا أو محور نتساريم، أو فيما يتعلق بخطوط “حمراء” تضمن له العودة للقتال..إذن ماذا يريد نتنياهو الذي مازال يضع العصي في دواليب المحادثات، رغم أن الاقتراحات المقدمة كانت باتفاق طاقمه التفاوضي وهو ليس بعيداً عن التفاصيل، لكنه دوماً يراهن على معارضة الحركة “الطرف الآخر” في المفاوضات.

للإجابة عن هذا التساؤل، كتب الصحفي الإسرائيلي عاموس هرئيل في صحيفة “هآرتس” العبرية، قائلا: “عندما يكون نتنياهو بين صفقة تؤدي إلى إسقاط حكومته وبين تظاهرات لا تؤدي إلى إسقاطها سيختار التظاهرات لأنها أقل كلفة”، مبينا أن دوافع صفقة تبادل الأسرى كبيرة في إسرائيل وجيشها ولدى حماس والوسطاء المصريين والقطريين والأمريكيين، لكن كوابحها أكثر لدى نتنياهو ومصالحه السياسية والشخصية، وهذا ما يفشل الصفقة في كل مرة، نظرا لأن القرار النهائي بيد نتنياهو.
صحيح أن الكثير من مما يسمى “المصادر رفيعة المستوى” قد أشاعت الكثير من الأجواء المتفائلة حول الصفقة، وأنها تحتاج عدة أسابيع لاتمامها بشكل نهائي، لكن نخب إسرائيلية وكتاب سياسيين يرون أن هذه الأخبار إنما هي مراوغة من نتنياهو شخصيا للوصول الى دخول الكنيست عطلتها الصيفية في أكتوبر المقبل، الأمر الذي يضمن له تلاشي أي تهديدات على حكومته، وأخشى ما أخشاه أنه يراوغ حتى وصول ترامب الى سدة الحكم في الولايات المتحدة.

إقرأ أيضا : مجزرة مدرسة خديجة وممارسات الجيش الفاشي

الحقيقة أن نتنياهو يعاني من عدة مشاكل داخلية وخارجية، أولهما شركاؤه اليمينيون المتطرفون الذين لا يتوقفون عن التهديد بحل الحكومة لو أوقف الحرب على غزة، وهو ما زال يرضخ لهم ولاستفزازاتهم، لأنه ببساطة لو أتم الصفقة وحل المتطرفون الحكومة، فإنه ذاهب الى تحقيقات وملفات فساد لها أول وليس لها آخر، بالإضافة الى تحقيق الفشل في السابع من أكتوبر، إذن لماذا يذهب الى صفقة تبادل نتائجها معروفة ومحسومة له شخصيا؟ فيما يعاني من مشكلة أخرى هي العلاقة مع الرئيس الأمريكي بايدن الذي انسحب حاليا من السباق الرئاسي وبات من الصعب على كامالا هاريس الفوز أصلا في نتائج الانتخابات، إذن هو يحاول أن يقدم أكبر إهداء لصديقه دونالد ترامب فور نجاحه في الانتخابات المقبلة، لإظهاره بأنه من يسيطر فعليا على الشرق الأوسط وهو القادر على إرساء الهدوء هناك.

إذن، بالمنطق لدى تفكير نتنياهو المشهور بالمراوغة السياسية، أن يطيل أمد المفاوضات حتى شهر نوفمبر “تشرين الثاني” المقبل حيث نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن نجح صديقه ترمب، فإن إتمام صفقة تبادل ستكون أول هدية للرئيس المنتخب لإرساء الهدوء في الشرق الأوسط، وإذا نجحت هاريس فإن ذلك سيكون دافعا قويا لإرضائها خصوصا وأنها انتقدته علنا قبل أيام بعد لقائها به في البيت الأبيض، حول الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى