اتفاقية وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ألقت بظلالها على المكون السياسي والمجتمعي الإسرائيلي ومن تداعياتها استقالة وزير الأمن الداخلي “إيتمار بن غفير” ووزراء حزبه وتهديد وزير المالية الإسرائيلي “بتسلئيل سموتريتش” بالاستقالة من الحكومة إذا لم تعد الحكومة لمواصلة الحرب على غزه .
تقرير لشبكة «سي إن إن» الأميركية كشف عن انقسامات عميقة في السياسة الإسرائيلية يمكن أن تهدد طول عمر صفقة وقف إطلاق النار في غزة، رغم موافقة إسرائيل على دخولها حيز التنفيذ غداً (الأحد).
اقرأ أيضا.. استقالة “بن غفير” وانهيار التكتل العنصري.. ماذا يحدث في إسرائيل؟
بحسب الاتفاق، فإنه من المقرر أن يستمر وقف إطلاق النار لمدة 42 يوماً. ومن المتوقع خلال هذه الفترة إطلاق سراح 33 رهينة إسرائيلية مقابل مئات السجناء الفلسطينيين، وسيكون هناك انسحاب بطيء للجيش الإسرائيلي من المراكز الحضرية في غزة وزيادة في المساعدات الإنسانية. لكن ” سي إن إن” رأت أن ” هذا ليس نهاية دائمة للحرب، ولا يضمن الحرية للرهائن الخمسة والستين الذين سيبقون في غزة في نهاية هذه المرحلة الأولى – والذين من المرجح أن يموت العديد منهم” ، وأشارت إلى أنه ” لم يتم التفاوض على ذلك بعد؛ إذ سيحدث التفاوض بدءاً من اليوم السادس عشر من الهدنة” ووفقاً للشبكة، قد تملي تقلبات السياسة الإسرائيلية ما إذا كان أي من ذلك سيحدث والعودة للقتال مرة أخرى.
ويدور في كواليس الصالونات السياسية الإسرائيلية التي يغلب عليها انتقاد سياسة نتنياهو وتحميله مسؤولية تداعيات إطالة الحرب لأسباب محض شخصيه وحزبيه ضيقه مما ترك انعكاسات وتداعيات على إسرائيل وأمنها القومي ، وأن الصفقة التي وافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشبه إلى حد كبير الاقتراح الذي عارضه لمدة عام تقريباً. كان الاقتراح الذي انتقده يتضمن وقف إطلاق النار على مراحل متعددة، والانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية، وإطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين، وهذا هو بالضبط ما وافق عليه نتنياهو الآن.
ويكاد يكون هناك إجماع إسرائيلي ، رغم طول مدة الحرب ، فإن إسرائيل لم تحقق ” النصر الكامل” الذي وعد به نتنياهو منذ فترة طويلة وان خرجت حماس ضعيفة لكنها لم تهزم ، ويشعر حلفاء نتنياهو المتطرفون في الحكومة بالارتباك إزاء هذا التحول المفاجئ.
وقال إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، في بيان صباح الجمعة: ” أنا أحب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسأحرص على استمراره في منصب رئيس الوزراء. لكنني سأترك (الحكومة)؛ لأن الصفقة التي تم توقيعها كارثية”. ولكن ما قد يطيح بالحكومة هو أن ينضم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى بن غفير في الانسحاب من ائتلاف نتنياهو. ويريد سموتريتش، وهو قومي يميني متطرف أيضاً، التأكد من أن السلام في غزة ليس دائماً، وأن إسرائيل ستعود إلى الحرب بعد وقف إطلاق النار، والذي من المتوقع أن يشهد إطلاق سراح 33 رهينة.
وفي حال قرر نتنياهو المضي في الصفقة إلى نهايتها فان رحيل سموتريتش من شأنه أن يكسر ائتلاف نتنياهو، لكن هناك من ينقذ حكومة نتنياهو من السقوط منافسه يائير لابيد من حزب المعارضة ” يوجد مستقبل” الذي عرض على رئيس الوزراء طوق نجاة سياسياً من خلال دعمه في الهيئة التشريعية، بحسب «سي إن إن».
وأوضحت الشبكة أن هذا معناه أن لابيد سيضع سيفاً على رقبة نتنياهو، ويمكنه أن يؤدي إلى انهيار الحكومة وإلى انتخابات في أي وقت يختاره – وهو التهديد الذي يحاول رئيس الوزراء بالتأكيد تجنبه
من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو قد أعطى سموتريتش أي وعود لتأمين دعمه، لكن الواضح أنه حريص على حل الأزمة، بعد أن التقى سموتريتش مرتين في الساعات التي سبقت إعلان وقف إطلاق النار في قطر.
ولا شك أن نتني اهو الذي قبل بصفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى قبلها تحت ضغوط مستشار ترمب ، ومن المؤكد أن صورته كرئيس أميركي ينهي الحروب الخارجية ستجلب قدراً هائلاً من الضغط على نتنياهو للبقاء في الاتفاق الذي استحق ترمب الفضل فيه ووصفه بأنه ” ملحمي” والتقديرات أن نتنياهو الذي سبق وتمكن من تجاهل مبادرات الرئيس جو بايدن، أما الآن فليس لديه مثل هذه الرفاهية، على حد وصف ” سي إن إن ”
ويرى المعارضون أن ألصفقه بمضمونها تعد تنازلاً يضعف موقف إسرائيل. ويحاول نتنياهو تعزيز شعبيته بين أقصى اليمين. ومن جهة أخرى، يلعب الدور الأميركي دورًا محوريًا في الضغوط التي أدت إلى الهدنة. والإدارة الأميركية، تسعى لاستقرار المنطقة ودعم حل الدولتين.