انسحاب منظمات الإغاثة.. ومصير شمال غزة
حصار وقصف «جباليا»، يدفع ثمنه المدنيين، ويزيد من المأساة الإنسانية، في ظل رفض الاحتلال السماح بدخول المساعدات، ولم نعد نسمح بوجود إي أنباء عن وجود مفاوضات لوقف إطلاق النار، وه ما يعكس استمرار الوضع الكارثي.
الوضع في غزة أصبح «كارثي»، بعد تدهور الأوضاع الإنسانية، في ظل التعنت الإسرائيلي، والحصار المفروض على المساعدات ورفض إدخالها، فأصبح المدنيين محاصرون، فمن لم يمت من غارات الاحتلال، مات من شدة الجوع.
وأدى تعقد المشهد، وعدم إيجاد حل لوقف إطلاق النار، إلى قيام العديد من المنظمات الإغاثية غير الحكومية، لتعليق المساعدات الإنسانية، خصوصًا شمال قطاع غزة، تحديدًا في منطقة «جباليا»، بعد تعرض موظفيها للقتل برصاص الاحتلال، الذي يستهدف أيضًا قوافل المساعدات، ويمنعها من أداء دورها، والوصول إلى المدنيين.
وخرج جيش الاحتلال، بتصريحات على لسان مسؤوليه، بأن الحصار المفروض على «جباليا» والهجوم عليها، وإجبار السكان على إخلاء المنطقة، جاء بعد ورود معلومات بأن حركة حماس، تتخذ من المنطقة مكانًا لإعداد كوادرها واختبائهم بين المدنيين، وهو تبرير لجرائم الإبادة الجماعية، التي تستهدف أكبر عدد من المدنيين، في مشاهد مأساوية، وسط عجز تام من المجتمع الدولي، وكافة الأطراف التي عجزت عن إيجاد صيغة حقيقية لوقف إطلاق النار.
وجاء إعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بأنه أوقف حركة موظفيه في قطاع غزة «حتى إشعار آخر»، بعد تعرض فريقه لإطلاق نار بالقرب من نقطة تفتيش إسرائيلية، بالقرب من جسر وادي غزة، على الرغم من وضع علامات واضحة على القافلة وحصولها على تصاريح متعددة من إسرائيل.
هذا لم يكن الحادث الأمني الأول خلال الحرب، إلا أنها كانت المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق النار مباشرة على سيارة برنامج الأغذية العالمي، بالقرب من نقطة تفتيش، على الرغم من الحصول على التصاريح اللازمة. الحادث هو تذكير صارخ بالمساحة الإنسانية المتقلصة بسرعة ومستمرة في قطاع غزة، ويؤدي تزايد العنف إلى تقويض القدرة على تقديم المساعدة المنقذة للحياة.
واضطر موظفو الأمم المتحدة إلى الانتقال بسرعة بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء يغطي جزءًا من المنطقة الإنسانية المخصصة لإسرائيل، حول مدينة دير البلح بوسط البلاد، حيث يوجد مركز عمليات الأمم المتحدة الرئيسي. وسط استمرار أكاذيب جيش الاحتلال، بإنه تحرك لحماية المدنيين أثناء عملياته ضد عناصر حماس في المنطقة.
ووضع ما يصل إلى 88.5% من سكان غزة، تحت أوامر الإخلاء، منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، وفقًا للأمم المتحدة، وهي المزود والموزع الرئيسي للمساعدات الإنسانية في القطاع، يعد أمرًا كارثيًا من الناحية الإنسانية، وقد أجبر ذلك ما يقدر بنحو 1.8 مليون شخص على الاحتماء داخل المنطقة الإنسانية، التي تمتد حاليًا على حوالي 41 كيلومترًا مربعًا فقط، وتفتقر إلى البنية التحتية الحيوية والخدمات الأساسية.
ما يحدث في شمال غزة وخاصة «جباليا»، هو جريمة ضد الإنسانية، ولم يستجب جيش الاحتلال، ولا حركة حماس، لمناشدات الأمم المتحدة بتنفيذ هدنة إنسانية للسماح بتنفيذ عمليات التطعيم بنجاح.
ومع اقتراب موسم الأمطار، ستتفاقم الظروف المعيشية المتردية بالفعل في غزة أكثر فأكثر، مما يعرّض مئات الآلاف من السكان لخطر التعرض لمزيد من النزوح وفقدان الأصول والمخاطر الصحية ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وقد وضعت الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني خطة للاستعداد لفصل الشتاء، والتي تهدف إلى تلبية الاحتياجات الماسة لأكثر من 2.1 مليون نسمة في غزة خلال أشهر الشتاء، بما في ذلك أكثر من 850,000 شخص في 49 حيًا يقطنون في المناطق المعرّضة للفيضانات.
وتتطلب الخطة، التي تشكل مجموعة فرعية من النداء العاجل للأرض الفلسطينية المحتلّة، مبلغ قدره 242 مليون دولار لتنفيذ مجموعة واسعة من التدخلات العاجلة، مع التركيز بشكل خاص على الفئات المستضعفة بمن فيهم الأسر التي تعيلها نساء، والأطفال، والأشخاص المعرضين لخطر العنف بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بأمراض مزمنة.
حصار وقصف «جباليا»، يدفع ثمنه المدنيين، ويزيد من المأساة الإنسانية، في ظل رفض الاحتلال السماح بدخول المساعدات، ولم نعد نسمح بوجود إي أنباء عن وجود مفاوضات لوقف إطلاق النار، وه ما يعكس استمرار الوضع الكارثي، فنتنياهو يرغب في استمرار الحرب مهما كان الثمن، وحماس أعلنت أنها لن تستسلم، وفي النهاية المدنيين هم ضحايا الطرفين.