إيران

انتخابات إيران.. ومخاوف المقاطعة الشعبية

أغلبية المواطنين الإيرانيين المؤهلين للمشاركة في الانتخابات لن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، وهو أمر ليس من السهل أبداً عدم أخذه في الاعتبار والأهمية.

عندما يبادر حسن سلامي، القائد العام للحرس الثوري التابع للنظام الحاکم في إيران باتهام من يصفهم بـ”العدو” بمحاولتهم جاهدين منع الناس من التوجه إلى صناديق الاقتراع، وعندما يضيف خلال مشارکته في تجمع أقیم في محافظة فارس جنوب إيران يوم الجمعة الماضي، زاعماً أن “وصية الشهداء وإمام الشهداء لنا هي التوجه إلى صناديق الاقتراع”، فإن ذلك يٶکد أن النظام الإيراني صار يتخوف کثيراً من تزايد المقاطعة الشعبية غیر المسبوقة للانتخابات في الأول من آذار (مارس) 2024.

قبل سلامي، حث کل من خامنئي ورئيسي الشعب الإيراني على ضرورة المشارکة في تلك الانتخابات التي سعيا لوصفها بتعابير تغلب عليها التعابير العقائدية المعروفة للنظام، والتي صار واضحاً أن الشعب لم يعد يرغب بسماعها والتصرف على أساسها، لا سيما أن توقعات استطلاعات الرأي الحكومية وغير الحكومية تشير إلى أن تبلغ نسبة عدم المشاركة 70-77%. وإذا تحققت هذه التوقعات، فإن أغلبية المواطنين الإيرانيين المؤهلين للمشاركة في الانتخابات لن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، وهو أمر ليس من السهل أبداً عدم أخذه في الاعتبار والأهمية، خصوصاً أن التحذيرات النوعية واللافتة للنظر لمسٶولين وخبراء في النظام تنظر هي الأخرى بتشاٶم واضح، ليس إلى هذه الانتخابات فحسب، بل حتى إلى مستقبل النظام.

أکثر ما يمکن أن يلفت النظر أن هذه التحذيرات تتزامن مع تصريح غير عادي لرئيس التحرير السابق لصحيفة “کيهان” المقربة من خامنئي مهدي نصیري، يشير فيه إلى أن وجهة نظر خامنئي بخصوص تنصيب ابنه مجتبى خلفاً له کوليّ فقيه ستواجه برفض شعبي، وأن الشعب الإيراني لن يقبل به، ويمکن أن نفهم مغزى هذا التصريح وعمقه إذا ما أخذنا في الاعتبار والأهمية ما جاء في موقع “آذر قلم” الإخباري من “توقع استطلاع أجراه مركز حكومي مشاركة 30% فقط في انتخابات آذار 2024″، ما يعني أن 70% من المؤهلين لن يشاركوا في التصويت. وعندما نضيف تصريح نصيري إلى هذا الاستطلاع “الحکومي”، فإننا حينئذ نعلم أن الأوضاع ليست أبداً على ما يرام، وأن النظام يقف أمام مرحلة حساسة وبالغة الخطورة.

من المفيد جداً هنا أن نشير إلى أنه في هذا الاستطلاع المنسوب إلى مؤسسة حكومية إيرانية، رد الذين أعلنوا عدم المشاركة في الانتخابات، على سؤال حول أسباب عدم مشاركتهم فأشاروا إلى التالي:

1- البرلمان والانتخابات ليسا مؤثرين.

2- الفساد تسبب في عدم المشاركة.

3- الشعور بخيبة أمل من مستقبل البلاد.

ولا ريب أننا عندما ننظر إلى هذه النقاط الثلاث والتي قامت دوائر النظام الخاصة بانتقائها بدقة من أجل الإشارة إلى أن الحرية متاحة، وأن نقد النظام ممکن، لکن ذلك لا يمکن أبداً أن ينفع وينطلي على الشعب ويجعله يهرع إلى صناديق الاقتراع علی أمل حدوث تغيير إيجابي لمصلحته، فتغيير كهذا وکما صار واضحاً عند معظم شرائح الشعب الإيراني وطبقاته وأطيافه هو المستحيل، وليس هناك أي أمل من حدوث التغيير الإيجابي إلا بتغير النظام نفسه وبصورة جذرية!

والیوم وإثر النجاح الباهر الذي‌ حققه المجتمع الإیراني في معتركة انتفاضة 2022، فإن رفضه مسرحیة الانتخابات الزائفة للملالي هذه لا ولم یقتصر على مقاطعته الشعبیة الواسعه لها، بل إن وحدات المقاومة باشرت بتنفيذ حملة ضد الانتخابات المزيفة في العديد من المدن الإیرانیة، حیث قامت بتفكيك مظاهر الدعاية لنظام الملالي وأنصاره الذين ينتمون جميعهم إلى السلطة الحاكمة الغاصبة لحكم شعب إيران. وقامت وحدات المقاومة بتمزيق الملصقات والإعلانات الدعائية للموالين لنظام الملالي.

وفي السیاق نفسه، قامت وحدات المقاومة بتفكيك حملات المرشحين لهذه المسرحية في العديد من نقاط طهران والعديد من مدن إيران، بما في ذلك رشت وگرگان في شمال إيران وحتى بندر عباس في الجنوب، وهمدان وكرمانشاه في الغرب، وتبريز في شمال غربي إيران، وحتى مدینة مشهد في الشمال الشرقي والأهواز في جنوب غربي إيران. وتجدر الإشارة إلی أن حملة وحدات المقاومة ضد الانتخابات المزيفة تتم في ظروف قام فيها نظام الملالي باستنفار كل قواته وأجهزته الاستخبارية والعسكرية والأمنية لاعتقال أعضاء وحدات المقاومة، عشية الانتخابات خوفاً من غضب الشعب الإيراني ونشاطات وحدات المقاومة.

موسى أفشار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى