يبدو العنوان معبرًا عن واقع حال اليمن ولا الحوثيين بعد أن عصفت الطائرات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية بمواقعهم، خاصة في صنعاء والحديدة.
في وقت أطلق عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي لنفسه العنان في مقابلة مصورة ومن مجمع العرضي الذي استهدفته الضربات الأميركية للخوض بكل شيء يهم اليمن وشعبه وكأنه لا يهمه، معبرًا عن حرصه على الأمن القومي العربي وقدرة الحوثيين على المجابهة وتحقيق الانتصارات.
فلماذا كان محمد علي الحوثي سعيدًا إلى هذه الدرجة وهل هو واثق ومقتنع بما قال في هذه المقابلة؟
كان حديث محمد علي الحوثي غريبًا حتى عن مدى قدرة أميركا وإسرائيل في الوصول لأهدافها في اليمن وقال: “إن استطاعوا الوصول للشمس، سيصلون لصنعاء”، وإنه بقواته وإمكاناته التي ذكر أنها وصلت ليافا واستطاعت هزيمة حاملات الطائرات والمدمرات والفرقاطات الغربية، ستصعد الموقف وتدحر العدوان كما يقول.
وأضاف أن لدى الحوثيين من التكتيكات والأساليب القتالية ما ليس لدى أميركا نفسها، ومهما كانت الرسالة من أميركا، فهو لا يأبه بها حتى وإن كانت رسالة تهديد وحرب.
هل وصل الغرور الحوثي لهذه الدرجة من العجب بالنفس وبما يملك من أسلحة وتقنيات وبلده تحت خط الفقر ويعاني شعبه من ويلات اقتتال طال أمده منذ 2015؟
وهل سيبقى أتباعه صامدين كما يدعي في حالة التصعيد، وهم منذ 2004 يزج بهم الحوثي في مواجهات غير متكافئة دفعوا ثمنها دماءً وتهجيرًا وتشريدًا وفقراً، وهذا حال كل أبناء اليمن الشقيق منذ ابتلوا بالحوثيين، ممن اقترنت سيطرتهم بإزهاق أرواح اليمنيين وسلب ثرواتهم ومصادرة أموالهم وأرزاقهم والاعتداء على مساكنهم وتفجير مساجدهم وقتل شيوخهم وعلمائهم، إلا من استطاع الهرب والفرار منهم.
وذكر محمد علي الحوثي أن الشعب اليمني لا يمكنه القيام بأي ثورة ضد الحوثيين. فهل بقي مؤيد أو متعاطف مع الحوثيين من الشعب اليمني؟
ويدعي الحوثيون مناصرتهم لأهل غزة وهم من أوغلوا في الدم والخراب اليمني وبكل وحشية، ولو لا وجود وجهود المملكة العربية السعودية ودول التحالف في الدفاع عن الأشقاء باليمن وردع العدوان الحوثي عنهم، واستقبال الملايين من الأشقاء اليمنيين وتمكينهم من العمل والتجارة والدراسة والعلاج وتسيير قوافل الإغاثة ومشاريع البناء، لكانت المجازر والجرائم والإبادة الحوثية مشابهة لما يحدث في غزة من قبل الكيان الصهيوني الغاشم. وما حدث في دماج وتعز وعدن وغيرها أكبر دليل على استهانة الحوثيين بالدم اليمني. فكيف بدماء العرب الآخرين كالفلسطينيين في غزة؟
إذا كان الحوثي متعاطفًا مع أهل غزة، فأهل اليمن أولى بالتعاطف والرحمة، إما أن أمر مناصرة غزة واستهداف إسرائيل وجلب الشر لليمن أمر إيراني لأجل مصلحة طهران، نسي من أصدر الأمر إيقافه.
اقرأ أيضا| هل يستفيد الحوثيون من سقوط نظام بشار الأسد؟
بناء على ما سبق، متى يعي الحوثيون الواقع الجيوسياسي المتجدد في المنطقة والعالم؟ إن إعطاء أميركا وإسرائيل الذريعة تلو الذريعة لا يخدم اليمن ولا الشعب اليمني. وهل استهداف الملاحة البحرية في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن يصب في مصلحة اليمن؟
من الواضح أن الحوثيين لم يستوعبوا الدرس أو يتعظوا مما حدث لحزب الله ونظام الأسد وما حدث لإيران من انتكاسة وهزيمة سياسية وعسكرية ونفسية في جبهات غزة ولبنان وسوريا، حتى انكفأت على نفسها ولم يتبق لها في الخارج من الأتباع إلا الميليشيات العراقية وجماعة أنصار الله الحوثية في اليمن.
هل ما زالت إيران جادة أو قادرة على مواصلة الدعم للحوثيين البعيدين نسبيًا عن الجوار الإيراني؟ ويعلم القاصي والداني أن الحوثيين مجرد أداة بيد إيران. فهل حان الوقت للتخلص منهم؟
ومن المفاهيم المتعارف عليها أن درء المفاسد يقدم على جلب المصالح. فكيف بأمر لا يدرأ مفسدة ولا يجلب مصلحة، ومع ذلك يظهر محمد علي الحوثي فرحًا بمواجهة أميركا وإسرائيل حتى لو تم تدمير اليمن السعيد ومقدرات شعبه.
فهل كان الحوثي سعيدًا ومطمئنًا بما وصلت إليه جماعة أنصار الله الحوثية من قدرات للمحافظة على بقائها أم أن استهداف مجمع العرضي هو أول مسمار يدق في نعش الجماعة؟