على مر السنين، هاجر العديد من الفلسطينيين إلى بلدان مختلفة واندمجوا في المجتمعات المحلية، ومن بين تلك البلدان أمريكا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول العربية كلبنان والأردن ومصر، وكونوا تكتلات وروابط وجالبات اندمجت في المجتمعات المحلية وأصبحوا شركاء في بناء اقتصادات هذه الدول، وأصبح صوتهم مسموعا كما ينالوا حقوقهم كاملة كمواطنين درجة أولى في هذه البلدان.
ومع تشكيل الفلسطينيون في الخارج قوة مهمة لدعم قضية وطنهم الأم، قاموا خلال الفترة الماضية بالضغظ على سلطات البلاد التي استقروا فيها خاصة مع توحش الحرب الإسرائيلية على غزة، وأصبح لهم دورا يعول عليه لدعم أخواتهم داخل الأراضي الفلسطينية ومناصرة القضية والتعبير عن الأزمة الفلسطينية في كل بلدان العالم.
يبدو أن الهجرة من غزة أصبحت حلما للعديد من الأسر خاصة مع استمرار الحرب الإسرائيلية على الشعب وإصرار الاحتلال على تنفيذ خطة الإبادة الجماعية كاملة، لذلك يفكر الأهالي في النجاة بأي وسيلة تضمن لأبنائهم الحياة والعيش في حال أفضل.
ولعل أبرز وأهم الدول التي تستقبل الفلسطينيين، وتقبل طلبات اللجوء هي الأردن ولبنان، حيث تستضيف البلدين أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين منذ عقود، كما تقدم الدعم الكامل لهم من حيث التعليم والرعاية الصحية، لذلك تعتبر وجهات مفضلة لكثير من الفلطسينيين.
وهناك دول أوروبية تحتضن الفلطسينيين، مثل تركيا التي تعتبر جسرًا بين الشرق الأوسط وأوروبا، ومنها يهاجر الفلسطينيون إلى فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى، لذلك تشكل هذه الدول وجهات عابرة للاجئين الفلسطينيين الذين يسعون للوصول لأوروبا أو مناطق أخرى لتظل هي الوجهات المحتملة لأهالي غزة.
ومع تعدد وجهات الهجرة، تظل هناك تحديات للهجرة سواء داخل غزة أو الضفة الغربية، لاسيما مع التضييق الإسرائيلي على الأهالي والحصار المطبق من كل اتجاه، فتتعذر عمليات الخروج خاصة مع غلق المعابر والسماح بالعبور للحالات الطارئة فقط، أما على صعيد تحديات الدول المستضيفة نفسها، فيقف الوضع الاقتصادي حائلا أمام استقبال مزيد من طلبات الهجرة إلى هذه الدول، فقد تتذرع بتراجع الوضع الاقتصادي الذي يكون المنفذ الوحيد لعبور مزيد من اللاجئين.
ودفعت الحرب في غزة بالشباب المتعطش للحياة ولمستقبل بعيد عن الحروب والدمار بالمغادرة لذلك يحتاج الناس في غزة فرصتهم للعيش مثلهم مثل غيرهم، لذلك ولكن إذا قارنا حياة الفلسطينيين الذين غادروا غزة قبل الحرب بحياة أولئك الذين بقوا فيها، وتمكنوا من الاندماج اقتصاديًا واجتماعيًا، خاصة فلسطينيو أوروبا الذين يعيشون كجزء من نسيج المجتمع، فحصل كثير منهم على جنسيات أمريكا وفرنسا وكندا وفرنسا وإيطاليا وغيرها، فتحسنت أحوالهم المعيشة واندمجوا في اقتصاد هذه البلدان واصبحوا يحصلون على كل حقوقهم من مرتبات وإعانة من الدولة وحرية في التعبير عن رأيهم وغيرها من المزايا والمكتسبات لذلك نراهم يدعمون وطنهم من خلال حمالات الإغاثة المادية القادمة من أوروبا، وكذلك تنظيم مسيرات في ساحات الميادين الأوربية تندد بجرائم الاحتلال في حق أخواتهم في غزة.
وبسبب هذه المزايا التي حصل عليها فلسطينيو الخارج، أصبح التفكير في الخروج من غزة أملا لكثير من الأسر الذين يعيشون مآلات الحرب والضياع وتفتك بهم المجاعة والأمراض المنتشرة في مخيمات الإيواء.
ولكن هناك خطوات مطلوبة للهجرة لمن يحق له المغادرة، والتي أهمها التقديم على طلب الهجرة على البرنامج المطروح على المواقع الرسمية للبلد التي يرغب الاستقرار بها، ومن بعد ذلك عليك دفع مبلغ مالي خاصة بك ويعدد أفراد العائلة المرافقين لك، وكذلك للمقاطعة التي تخطط للاستقرار فيها، وظروفك، ومن هنا تقوم سلطات الهجرة في هذه البلد بالتأكد من وجود أموال كافية لدعم أنفسهم وأسرهم عند وصولكم، وبعد وقت محدد يتم البت في الطلب، بعدها يمكن السفر واللجوء وبناء مستقبل آخر بعيد عن الحرب والدمار.