إن الحديث عن النصر في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتجاوز مجرد إيقاف الحرب أو القتال، إذ يتطلب الأمر رؤية أعمق وأكثر شمولية؛ النصر الحقيقي – كما يراه كثيرون- هو أن نتمكن من الصلاة في المسجد الأقصى، ملبين ومكبّرين، حامدين المولى عز وجل. إن إيقاف الحرب ليس سوى هدنة مؤقتة، لا ينبغي أن تنسينا هدفنا الأساسي وقضيتنا المقدسة.
عملية “طوفان الأقصى” مثّلت تحولًا نوعيًا في ساحة المعركة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي؛ لم تكن مجرد تصعيد عسكري عادي، بل كشفت عن تطور كبير في قدرات المقاومة
أولًا: ما هو النصر؟
النصر في هذا السياق لا يعني فقط تحقيق انتصارات عسكرية أو سياسية، بل يتجاوز ذلك ليشمل تحقيق الأهداف الروحية والدينية. المسجد الأقصى ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو رمز للهوية الفلسطينية والإسلامية، والصلاة فيه تعني استعادة الهوية والكرامة، وهي تعبير عن الإصرار على الحق في الوجود، والعبادة في أرض مقدسة.
إيقاف الحرب: هدنة أم انتصار؟
عندما نتحدث عن إيقاف الحرب، يجب أن ندرك أنه في كثير من الأحيان مجرد وقف لإطلاق النار، وليس حلًا جذريًا للصراع؛ هذه الهدن قد تُستخدم كوسيلة لإعادة ترتيب الأوضاع، ولكنها لا تعني بالضرورة تحقيق السلام أو العدالة. لذا، يجب أن نكون واعين بأن أي هدنة لا تعني انتهاء المعاناة أو تحقيق الأهداف الوطنية، بل قد تكون مجرد فترة من الهدوء قبل تجدد الصراع.
اقرأ أيضا… صدمة العودة.. وعودة الصدمة !!
لا شك أن بقاء الطرف الأضعف في الحرب هو انتصار بحد ذاته، لكن 50 ألف شهيد لن تمر دماؤهم مرور الكرام، والهدنة اليوم بالنسبة لي ليست إلا استراحة محارب، وغدًا ستخرج من الصخور جبال للفداء، وعصا السنوار سيخرج من لدنها من يصنع النصر.
هل انتهى طوفان الأقصى؟
شهدنا عملية من كبرى العمليات، وهي “طوفان الأقصى”، التي تعكس إستراتيجية جديدة في الصراع. هذه العمليات تستند إلى مفهوم المقاومة الشعبية، حيث يتم استخدام تكتيكات غير تقليدية لمواجهة القوة العسكرية الإسرائيلية. من خلال هذه العمليات، يتم تعزيز الروح المعنوية لدى الفلسطينيين، ما يساهم في تعزيز الهوية والانتماء.
بدأت العملية بشكل مفاجئ، ما قلل من فاعلية أنظمة الإنذار المبكر الإسرائيلية. اختيار التوقيت، تزامنًا مع أحداث داخلية إسرائيلية قد تكون شغلت انتباه الجيش، ساهم في تعزيز عنصر المفاجأة. هذا سمح للمقاومة بتوجيه ضربات مركزة، قبل أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من نشر قواته بشكل كامل، أو تفعيل دفاعاته بشكل فعال.
إن النصر ليس مجرد إيقاف الحرب أو تحقيق انتصارات عسكرية، بل هو تجسيد للحق والعدالة، وهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقدرة على الصلاة في المسجد الأقصى
عملية “طوفان الأقصى” مثّلت تحولًا نوعيًا في ساحة المعركة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي؛ لم تكن مجرد تصعيد عسكري عادي، بل كشفت عن تطور كبير في قدرات المقاومة، وخاصة في مجال الصواريخ طويلة المدى ودقة إصابتها، بالإضافة إلى إستراتيجية غير متوقعة أربكت حسابات الجيش الإسرائيلي.
إن هذه العملية كانت مدروسة بدقة من قبل المقاومة الفلسطينية، حيث تم تحديد الأهداف ووضع الخطط بعناية لضمان تحقيق النجاح. تم تنسيق الهجمات والتصدي للقوات الإسرائيلية بشكل محكم، ما أدى إلى فوز المقاومة في المعركة العسكرية.
وبعد أن تم إيقاف الحرب يبقى الشعب الفلسطيني مستمرًا في نضاله من أجل تحرير أرضه واستعادة كرامته. الفكرة التي تجسدت في هذه العملية الباسمة هي فكرة الصمود والاستمرارية، حيث يعلم الجميع أن النصر الحقيقي لا يأتي بسهولة، وإنما يتطلب تضحيات كبيرة وصبرًا جميلًا.
ختامًا:
إن النصر ليس مجرد إيقاف الحرب أو تحقيق انتصارات عسكرية، بل هو تجسيد للحق والعدالة، وهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقدرة على الصلاة في المسجد الأقصى.
إن إيقاف الحرب يجب أن يُنظر إليه كفرصة للتفكير في الأهداف الحقيقية، والعمل على تحقيقها من خلال الوحدة والتضامن، مع الاستفادة من التجارب السابقة مثل “طوفان الأقصى” لبناء مستقبل أفضل.
إن القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع عسكري، بل هي قضية إنسانية ودينية تتطلب منا جميعًا العمل من أجل تحقيق العدالة والسلام.