images 7 3

النخبة المثقفة للمعارضة العراقية خير ضمان لمستقبل مزدهر!

وصل الينا النموذج الثقافي الكوني من الصين، والاسلام له بعض النظائر في الغرب يتصدرها الاديب الالماني جوته، ذلك الشاعر الحكيم ببعده الاممي وقلبه القروي، البعد الأممي الذي يتسع للشعوب والثقافات المنبوذة في حساب الغربيين – اما القلب القروي الذي يضم في جناحيه عوام بلده فيتدامج فيهم كما يفعل الحكيم الشرقي مع الخلق وهم غاية الفناء عند الصوفي والعزلة عند الصيني والحب عند جوته.

كان أهل وايمار – وهي محافظة المانية – يقولون ان جوته كان بركة عليهم جميعا – وهكذا كان شأن شاو الصيني، حيث يحذر الاهالي من الوقوع في الخطأ – لان الحكيم شاو يعلم بهم فيغضب عليهم – – لم يكن لهم إله يخافونه، فرادعهم، هو المثقف – – وهم كذلك لا يخافون الامبراطور لانه لا يعلم بهم – – وكان شاو في عزلته اقرب اليهم من الامبراطور وشرطته الذين يخالطونهم ويحصون انفاسهم – – والمعري في عزلته انقذ بلدته من الاجتياح – – اما في بغداد زمن العباسيين، كان للخليفة شرطته وللحكيم الجيلي اهل بغداد كلهم.

وكان الاشد باسا بين اهالي بغداد اهل الحي واسمه اليوم باب الشيخ، نسبة الى الشيخ عبد القادر الكيلاني – – ولا يزال اهل ذلك الحي وامتداداته في احياء شارع الكفاح التاريخي على حالهم من مقت السلطان والاجنبي والانتمار بامر الشيخ ولم ينفضوا عنه حين وقف ليخاطب انبيائهم : ( معاشر الانبياء اوتيتم اللقب واوتينا ما لم تؤثروه) وثنى عليهم في ختام بائيته العذبة :

غربت شموس الاولين وشمسنا ابدا على فلك العلى لا تغرب

فقد جاءهم بالنبوة البديلة التي تسعدهم في الدنيا وتغنيهم عن الاخرة وتذلل لهم السلطان فتكون الدولة تحت تصرفهم في موعد مضروب يستولي فيه الخلف المشاعي على الاموال فيوزعها عليهم.

إن مثقفية المعارضة في تجربة الصين والاسلام هي مخاضة سياسية – والمعارضة بمعناها العام تحرك منظم لإسقاط سلطة غير فاضلة – يعني سلطة غير وطنية والبلاد تواجه تحديا اجنبيا – او سلطة غير شعبية والشعب جائع ومحروم من حقوقه الاساسية – ولا يسع مثقفيه المعارضة ان تتمهوى خارج هذا الخط فهي تدعمه بوسائلها الخاصة بها. وقد ينزل المثقف بنفسه الى ساحة المعارضة السياسية او العسكرية كما فعل الحلاج قديما والبلاشفة في هذا العصر – – وهؤلاء البلاشفة كانوا في جملتهم من المثقفين الى الحد الذي يجيز لنا وصف الثورة الاشتراكية عام 1917 ثورة المثقفين.

إن الضرورات والاعتبارات التي أوجدت مثقفية المعارضة في عصر الاسلام والذي يتكثف حضورها في ايامنا هذه وتملك نفس الضغط الباعث على الفعل. – والدولة التي تجب معارضتها هي الدولة الفاسدة ومثالها جامعة الدول العربية في مجموعها الكلي.

هذه الدول معادية للشعب وحقوقه وللوطن وسيادته فهي جزء ملحق بالمعسكر الغربي.

الا ترون كيف أخذت العلاقات مجراها الطبيعي بين دول الجامعة العربية وبين هذا المعسكر ؟

المثقف يعارض هذ الدول ولا يعاديها – وقد يجد حاجة للدفاع عنها ضد التامر عليها من الخارج الا انه لا يندمج فيها – لان اندماج المثقف في الدولة يجلب الضرر عليه وعلى الدولة الوطنية – لانه يفقدها مثقفية الذين يفيدونها اعلاميا.

ومن النادر أن يكون مثقف الدولة قادرا على الإبداع – فالدولة نقيض الفكر الحر، حتى لو كانت دولة طوبائية – – وفي جميع أطوارها لم تخرج الثقافة الرسمية عن اهازيج المدح، شعرا او نثرا.

واذا كان الاديب الذي يمدح الحاكم الفاسد في حكم المرتزق، فان الاديب الذي يمدح الحاكم الوطني في حكم الذيل الملحق بجسد الدولة الشعبية.

وهكذا ايضا كان المثقفون في الانظمة الشيوعية الراحلة اذنابا للقيادة – وهكذا ايضا خف ابداعهم، فالانتاج الفكري والادبي للمثقفين اليساريين كان اصيلا وعميقا في فترة النضال، لكنه انحط الى فكر اعلامي وادب تقليدي في فترة السلطة – فلم يظهر في الاتحاد السوفيتي اديب كبير او مفكر لامع بعد جيل الرواد المخضرمين من امثال الكتاب العمالقة تولستوي وديستفسكي.في العصر القيصري.

اترك تعليقا