تعيش المنطقة الشرقية من سوريا اليوم في إحدى أكثر مراحلها اضطرابًا، حيث تتداخل فيها الصراعات المحلية مع الأجندات الإقليمية والدولية.
ففي الوقت الذي تسيطر فيه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على أجزاء واسعة من المنطقة، برزت مقاومة شعبية متصاعدة ضد هذه الهيمنة، بدعم من تركيا والجيش الوطني السوري، سعيًا لتحرير المنطقة من سياسات (قسد) القمعية، وإعادة بناء سوريا جديدة تقوم على العدالة والشراكة الوطنية.
فنجد (قسد) منذ أن بسطت سيطرتها على المنطقة الشرقية بدعم من التحالف الدولي، فرضت واقعًا سياسيًّا واجتماعيًا قائمًا على الهيمنة والإقصاء. استغلت (قسد) شعار “الإدارة الذاتية”؛ لتبرير تفردها بالحكم، لكنها في الواقع مارست سياسات قمعية ضد المكونات العربية التي تشكل الغالبية في المنطقة.
العديد من التقارير والشهادات تشير إلى الانتهاكات التي ارتكبتها (قسد)، بدءًا من حملات الاعتقال التعسفي ضد العشائر العربية، وصولًا إلى فرض التجنيد الإجباري على الشباب، ما خلق حالة من الغضب الشعبي.
كما أدت سياساتها إلى استغلال الموارد النفطية في المنطقة لخدمة مشروعها الانفصالي، في وقت يعيش فيه السكان المحليون تحت وطأة الفقر والحرمان من الخدمات الأساسية.
وفي مواجهة سياسات (قسد)، برز الدور التركي كعامل مهم لدعم الجهود الرامية إلى تحرير المنطقة الشرقية. تركيا ترى في مشروع (قسد) تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، خاصة مع ارتباطها الوثيق بحزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف كتنظيم إرهابي.
نحو طريقة تعددية ومتدرجة لإعادة بناء الدولة السورية
لذلك، دعمت تركيا الجيش الوطني السوري لتنفيذ عمليات عسكرية، تهدف إلى إنهاء سيطرة (قسد) على مناطق واسعة من شمالي وشرقي سوريا. هذه العمليات، مثل “نبع السلام”، ساهمت في تحرير العديد من المناطق وعودة آلاف العائلات المهجرة إلى ديارها، مع العمل على تحسين الأوضاع الإنسانية في المناطق المحررة، من خلال إعادة الإعمار وتأمين الخدمات الأساسية.
فالجيش الوطني السوري، الذي تشكل كامتداد لفصائل المعارضة السورية، يؤدي دورًا محوريًّا في مقاومة (قسد). ويعتبر الجيش الوطني الحامل الحقيقي لآمال الشعب السوري في تحقيق الحرية والكرامة، خاصة في المناطق الشرقية التي عانت طويلًا من التهميش.
بدعم تركي، يسعى الجيش الوطني إلى استعادة السيطرة على المناطق الشرقية، بما يضمن عودة سكانها المهجرين وإعادة إعمارها وفق رؤية وطنية شاملة. هذا الدعم يشمل أيضًا تأهيل الكوادر المحلية لقيادة المنطقة ضمن إطار مشروع الدولة السورية الجديدة، التي تعزز التشاركية بين جميع مكونات الشعب السوري.
وكذلك نأمل أن نسير نحو دولة سورية جديدة تحكمها العدالة والشراكة الوطنية؛ فالمشروع الوطني، الذي يسعى الجيش الوطني السوري والحكومة السورية الجديدة لتحقيقه، يركز على بناء دولة قائمة على العدالة والمساواة بين جميع مكونات الشعب السوري.
هذه الدولة، المدعومة من الحلفاء الإقليميين والدوليين، ستكون قادرة على مواجهة المشاريع الانفصالية التي تسعى إلى تقسيم سوريا ونهب مواردها.
إن إنهاء سيطرة قسد هو خطوة أولى نحو تحقيق هذا الهدف؛ فاستعادة السيطرة على المناطق الشرقية تعني توحيد الجغرافيا السورية وقطع الطريق أمام القوى الخارجية التي تستغل حالة الفوضى لتمرير أجنداتها.
كما أن التركيز على إعادة بناء الثقة بين المكونات المحلية من خلال إشراك الجميع في صناعة القرار سيؤدي إلى تعزيز الاستقرار والتنمية.
وختامًا: نؤكد أن المنطقة الشرقية هي مفتاح الحل للأزمة السورية، وما يجري فيها سيحدد مستقبل البلاد ككل.
اليوم، يقف السكان أمام خيارين: إما البقاء تحت هيمنة (قسد) ومشروعها الذي يهدد وحدة سوريا، أو دعم مشروع وطني جامع يقوده الجيش الوطني السوري والحكومة الجديدة بدعم تركيا وحلفائها.
إن الآمال معقودة على تحرير المنطقة الشرقية وإعادتها إلى حضن الوطن السوري، لتكون جزءًا من مشروع بناء دولة حرة عادلة وقوية، قادرة على تلبية تطلعات شعبها وتحقيق استقلالها الكامل.