دعا كبار مسؤولي الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق دولي في مزاعم وجود مقابر جماعية في مستشفيات غزة، في أعقاب تقارير تفيد بانتشال مئات الجثث من موقع في خان يونس بعد مغادرة القوات الإسرائيلية.
وقال فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء: “بالنظر إلى مناخ الإفلات من العقاب السائد، ينبغي أن يشمل ذلك محققين دوليين”. “يحق للمستشفيات الحصول على حماية خاصة للغاية بموجب القانون الإنساني الدولي. والقتل المتعمد للمدنيين والمحتجزين وغيرهم من العاجزين عن القتال يعد جريمة حرب”.
الأمم المتحدة تطالب بالمصداقية
وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه على علم بالتقارير وإن هناك حاجة إلى إجراء تحقيق “ذي مصداقية ومستقل”. وقال ستيفان دوجاريك في مؤتمر صحفي يوم الاثنين إن التقارير “مثيرة للقلق للغاية، على أقل تقدير”.
تم اكتشاف المقبرة الجماعية في مجمع ناصر الطبي في خان يونس بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي في 7 أبريل/نيسان، وفقا لروايات هيئة الدفاع المدني في غزة والمكتب الإعلامي لحكومة غزة. وقال مسؤولون في غزة إنه تم انتشال أكثر من 200 جثة في المستشفى، وهو الأكبر في جنوب غزة.
ولم تتمكن صحيفة واشنطن بوست من التأكد بشكل مستقل من تفاصيل المقابر الجماعية. ولم يتضح متى تم حفر قبر ناصر ومن دفن هناك.
أكاذيب الاحتلال
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء إن قواته لم تقم ببناء القبور وأن “الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي دفن جثثا فلسطينية لا أساس له من الصحة ولا أساس له من الصحة”. لكنها قالت إن القوات الإسرائيلية قامت بفحص الجثث في القبور الموجودة في أراضي المستشفى أثناء البحث عن الرهائن والمفقودين.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان له: “تم إجراء الفحص … بكل احترام مع الحفاظ على كرامة المتوفى”. وأضاف أن “الجثث التي تم فحصها والتي لا تعود للرهائن الإسرائيليين أعيدت إلى مكانها”.
وأضاف: “بعضهم لم يكن يرتدي ملابس، وبعضهم كان يرتدي ملابس، وبعضهم كان مقيد الأيدي، وبعضهم وُضع في أكياس جثث إسرائيلية”. وكان لدى آخرين أكفان موت إسلامية – “يعني الجثث القديمة”، على حد قوله – و”كانت بعض الجثث متحللة، والبعض الآخر بدأ في التحلل”.
ناقوس الخطر
وقالت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، للصحفيين يوم الثلاثاء، إن المفوضة اضطرت إلى “دق ناقوس الخطر لأنه من الواضح أنه تم اكتشاف عدة جثث”. وأضافت أن التقارير عن مقيدي الأيدي تشير إلى “انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ويجب إخضاعها لمزيد من التحقيقات”.
وكان مجمع الناصر الطبي مسرحا لقتال عنيف في فبراير/شباط عندما داهمت القوات الإسرائيلية المجمع بدعوى وجود نشاط مسلح هناك، قبل أن تنسحب هذا الشهر. وقال الجيش الإسرائيلي إن عمليته هناك كانت “دقيقة وموجهة” و”تم تنفيذها بطريقة مستهدفة ودون الإضرار بالمستشفى والمرضى والطاقم الطبي”. وتم اعتقال العشرات من الأشخاص في المستشفى، بما في ذلك المرضى والأطباء، في اعتقالات واسعة النطاق، وفقًا للروايات في ذلك الوقت.
أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن هناك مزيداً من الجثث تنتشر في كافة أرجاء قطاع غزة، وهذا ما يدلل على أن الفاجعة لا تزال مستمرة وتتكشف جراء تلك الحرب المأساوية والتي لا بد أن تتوقف، ويجب وقف شلال الدم في القطاع والسماح بالعمل بكل حرية للمؤسسات الدولية والإغاثية والإنسانية.
الجرائم المروعة
قالت حركة حماس من جانبها في بيان لها، إن ما وصفته بـ”الجرائم المروعة التي يقترفها الجيش المجرم، وعمليات القتل بالجُملة للمدنيين العزل، من أطفال ونساء وشيوخ، في المستشفيات، ومراكز وخيام الإيواء والنزوح، والأحياء السكنية؛ ما كانت لتتواصَل، لولا الدعم السياسي والعسكري اللا محدود، والغطاء الذي تمنحه إدارة الرئيس الأمريكي بايدن، لهذا الكيان الفاشي”.
وأضافت الحركة أن “المقبرة الجماعية الجديدة التي تم اكتشافها في مجمّع ناصر الطبي، وتضم جثامين أكثر من خمسين شهيداً من مختلف الأعمار، والذين تم إعدامهم بدم بارد، ومواراتهم بالجرافات العسكرية تحت تراب باحات المجمّع، والتي تُضاف إلى العديد من المقابر الجماعية التي تم العثور عليها، خصوصاً في باحات المستشفيات؛ تؤكّد من جديد حجم الجرائم والفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني”.
وتابع البيان “وتطرح التساؤلات حول مصير آلاف الفلسطينيين الذين ما زالوا مفقودين بعد انسحاب جيش الاحتلال الفاشي من مناطق في قطاع غزة”.
اكتشاف مقابر جماعية أخرى
اكتشاف المقبرتين في خان يونس ليس الأول من نوعه، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية قبل عدة أيام فقط عن تفاصيل ما وصفته بـ”أفظع مجزرة” ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، بعد انتشال جثامين 30 شخصا دفنوا في مقبرتين بمجمع الشفاء الطبي، وتحدثت الصحة عن جرائم بحق الإنسانية تكاد تكون الأبشع في التاريخ بحق مجمع طبي.
وقالت الوزارة في بيان سابق إن إحدى المقبرتين أمام قسم الطوارئ والأخرى أمام قسم الكلى، وإنه تم اكتشافهما بعد عدة أيام من عمل الطواقم الحكومية المختصة، بحثاً عن جثامين الضحايا التي أخفاها الجيش في زوايا مجمع الشفاء الطبي، وتحت بقايا ركامه وأنقاضه.
وتم التعرف على جثامين 12 شخصاً فقط، فيما لم يتم التعرف على البقية، حيث تقول مصادر وزارة الصحة إن الجيش الإسرائيلي تعمّد إخفاء الجثامين ودفنها عميقاً بالرمال وإلقاء النفايات عليها.
هذا وقد تكرر نفس المشهد تقريباً في مستشفى كمال عدوان الواقع في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة في فبراير/شباط الماضي، حين تحدث أطباء في حينها عن قيام القوات الإسرائيلية التي اقتحمت المستشفى بحفر القبور وسحب الجثث ثم سحقوها بالجرافات، ورصدت وكالة أنباء فرانس برس ما حدث في باحة مستشفى كمال عدوان وقالت إنها استحالت في حينه ركاماً، حيث سار فلسطينيون وسط الأنقاض لانتشال الجثث.