تقارير

المقابر الجماعية بفلسطين.. صرخة إنسانية في وجه العنف وانتهاكات حقوق الإنسان

مثل هذه الأحداث تشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، فالمقابر الجماعية تعكس حجم العنف والقتل الذي يشهده الشعب الفلسطيني، وتدعو إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة

في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، تجدد الأحداث المأساوية في غزة التذكير بأهمية العمل المشترك لحماية حقوق الإنسان وإنهاء العنف، وفي هذا السياق، تم اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مجمع الشفاء بغزة، حيث تعكس هذه الأحداث المؤلمة حجم المأساة التي يمر بها الشعب الفلسطيني.

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة يوم الأربعاء الماضي، عن اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مجمع مستشفى الشفاء الطبي، حيث تم انتشال 44 جثة حتى اللحظة، ومع استمرار عمليات البحث، فإن الخوف يسود أن يكون هناك عدد آخر من الضحايا في انتظار العثور عليهم.

ويعود تاريخ المقابر الجماعية في غزة إلى العديد من النزاعات والحروب التي شهدتها المنطقة على مر السنين، وتعد هذه المقبرة الثالثة في مجمع الشفاء بغزة بمثابة تذكير بالمأساة التي يمر بها الشعب الفلسطيني منذ سنوات طويلة.

مثل هذه الأحداث تشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، فالمقابر الجماعية تعكس حجم العنف والقتل الذي يشهده الشعب الفلسطيني، وتدعو إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة.

ووفقًا لبيان صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، لا تزال الطواقم الحكومية تستمر في عمليات انتشال الجثث، متوقعة العثور على عشرات الجثث الجديدة.

وتم نشر مقطع فيديو من قبل الوزارة يُظهر عملية انتشال الرفات من داخل أرض المستشفى، ما أكدته الوزارة بأنها المقبرة الجماعية الثالثة التي يتم اكتشافها في مستشفى الشفاء والسابعة داخل مستشفيات غزة.

بالإضافة إلى الجثث التي جرى اكتشافها في مستشفى الشفاء، عُثر على واحدة في مستشفى كمال عدوان وثلاثة داخل مجمع ناصر الطبي، وبهذا، يصل إجمالي الجثث التي تم انتشالها إلى 520 جثة، وفقًا لبيان وزارة الصحة.

وفي تصريحاتها، أدانت الوزارة بأشد العبارات جرائم الإبادة الجماعية والقتل المستمر التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، داخل وخارج المستشفيات، داعيةً كافة المنظمات الأممية والدولية إلى إدانة هذه الجريمة النكراء.

وفي ختام بيانها، حملت الوزارة الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه المقابر الجماعية وهذا العدوان السافر على الإنسانية، مؤكدةً تفاقم الأزمة الإنسانية في ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي.

ويرى حقوقيون أن مثل هذه الأحداث تظل تذكيرًا قويًا بضرورة العمل المشترك لوضع حد للعنف وتحقيق السلام في فلسطين. إن استمرار مثل هذه الكوارث الإنسانية يجب أن يدفع المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لحماية حقوق الإنسان وضمان عدم تكرارها في المستقبل.

جرائم حرب

أدان الحقوقي الأردني كمال مشرقي، الأمر معتبرًا إياه جريمة في حق الإنسانية قائلًا: يتجلى أمامنا الجانب المروع من النزاعات المسلحة وانتهاكات حقوق الإنسان في تلك الاكتشافات التي هي عار على البشرية، ويثير اكتشاف مقبرة جماعية في غزة صدمة عميقة ويجلب معه دعوات العدالة والتحقيق، وهذا الحدث يؤكد وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

وأضاف مشرقي، في تصريحات لـ”جسور بوست”، ما يحدث يشكل واقعًا مريرًا يجب مواجهته بجدية، وتعتبر هذه الاكتشافات انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان وتندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني، مؤكدًا ضرورة محاسبة المسؤولين على تلك الجرائم وألا يقف العالم صامتًا كما يحدث الآن، هناك تكميم للحقائق لصالح إسرائيل.

وتابع، يجب على المجتمع الدولي الضغط لإجراء تحقيق دولي مستقل وشامل لتحديد المسؤوليات وتحقيق العدالة والمحاسبة القانونية، يجب محاسبة جميع الأطراف المسؤولة عن هذه الانتهاكات وتقديمها للعدالة أمام المحاكم الدولية.

وأتم، ينبغي تقديم الدعم والرعاية اللازمين لأسر الضحايا وضمان حقوقهم المادية والمعنوية، كما يجب على المجتمع الدولي زيادة الوعي بأوضاع حقوق الإنسان في غزة وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحمايتها.

موقف القانون الدولي

من جانبه، قال خبير القانون الدولي، نبيل حلمي، إنه عندما يتم اكتشاف مقبرة جماعية، تثير هذه الحالة تساؤلات حول مدى توافقها مع القانون الدولي وحقوق الإنسان، ووفقًا للقانون الدولي الإنساني، يُعتبر العثور على مقبرة جماعية في غزة جريمة حرب إذا كانت تتعلق بمدنيين أو معتقلين، ويلزم القانون الدولي الإنساني الأطراف المتصارعة بحماية حقوق الإنسان والحياة الإنسانية، ويحظر بشكل صريح جرائم القتل والتعذيب والاختفاء القسري ومحاولة إخفاء الجرائم القتلية.

وأضاف حلمي، في تصريحات لـ”جسور بوست”، من الضروري فتح تحقيق دولي مستقل للتحقيق في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في هذه المقبرة الجماعية، وينص القانون الدولي الجنائي على أن الأفراد المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب يجب أن يحاكموا أمام المحاكم الجنائية الدولية، وينبغي على المجتمع الدولي التحرك بسرعة لفتح تحقيق دولي مستقل لتحديد المسؤوليات وتحقيق العدالة.

وأكد حلمي، ضرورة أن يكون التحقيق شاملاً ومستقلًا ومنصفًا، مع مراعاة إشراك الجهات المعنية وحماية الشهود وضمان الشفافية التامة، كما يجب محاكمة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية أمام المحاكم الجنائية الدولية أو المحاكم الوطنية المختصة، كما يجب تقديم الدعم اللازم والرعاية لأسر الضحايا وضمان حقوقهم وحمايتهم من أية انتهاكات أخرى.

وأتم، باختصار تحمل القضية المتعلقة بالعثور على مقبرة جماعية في غزة تداعيات قانونية خطيرة تتطلب استجابة فورية وتحركا دوليا لضمان تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم.

تبعات خطيرة

وقال الخبير النفسي الشهير، جمال فرويز، إن اكتشاف مقبرة جماعية يمثل تهديداً كبيراً للأمن والاستقرار في غزة على جميع المستويات، وقد يؤدي الخوف والقلق الناجمان عن العثور على المقبرة الجماعية إلى زيادة التوتر والانقسام في المجتمع المحلي، قد تؤدي المقبرة الجماعية إلى زيادة التوتر بين الأطراف المتصارعة وتصعيد العنف في المنطقة، ويمكن أن تستغل الجماعات المتطرفة اكتشاف المقبرة لزعزعة الاستقرار وزيادة التوتر السياسي، كل ما سبق يؤثر وبشكل مباشر على الصحة النفسية للمجتمع المحلي، ما يزيد من معاناة السكان المحليين.

وتابع فرويز، في تصريحات لـ”جسور بوست”، قد يعاني الأفراد من الصدمة والضغط النفسي نتيجة للأحداث القاسية، ولذا من الضروري ضمان حقوق الضحايا وأسرهم وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، كما يجب على السلطات المحلية والمجتمع الدولي التعاون لتقديم المساعدة اللازمة للضحايا وضمان عدالة المسؤولين.

وتابع، ينبغي تعزيز التوعية بأهمية الحفاظ على السلامة الشخصية واتخاذ التدابير الوقائية، مع وجوب توفير المعلومات الصحيحة والموثوقة للمجتمع حول الخطر وكيفية التصرف في ظل الظروف الحالية، وعلى الأفراد اتخاذ إجراءات أمنية لحماية أنفسهم وعائلاتهم، مثل تجنب المناطق الخطرة والتبليغ عن النشاطات المشبوهة.

وأتم، يجب التعامل بجدية مع الوضع الأمني والإنساني المرتبط بالعثور على مقبرة جماعية في غزة، وتوفير الحماية اللازمة للسكان المحليين والتعاون لضمان عدالة الضحايا ومحاسبة المسؤولين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى