غزة

المشهد المعقد بعد عملية تحرير الرهائن في غزة

لم تصدر المقاومة بالمطلق أي تبرير لوجود الرهائن في منطقة سكنية مكتظة بالسكان، على الرغم من أن الاحتلال ظل وعلى مدار أشهر مضت يقتل في مجازره بالقطاع يومياً أعداداً من الفلسطينيين.

خلال الساعات الماضية عصفت الكثير من التطورات على المشهد الفلسطيني، بداية من قيام عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي بتحرير أربعة من الأسرى، ثم القيام بضربات وصفها الإعلام الإسرائيلي بأنها «دقيقة» (!) في قلب سوق مخيم النصيرات حيث وجد الأسرى، الأمر الذي أسفر عن وقوع أكثر من 274 شهيداً ونحو 700 جريح معظمهم من النساء والأطفال حسب البيانات التي وزعها المكتب الإعلامي في القطاع.

لاحقاً، تم تسريب صور الأسرى الإسرائيليين وهم يركبون طائرة هليكوبتر عسكرية، انطلقت من منطقة مجاورة لمنطقة الميناء العائم الذي دشنته القوات الأميركية لإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

إن ما حصل كان له الكثير من التداعيات الداخلية والخارجية، منها مثلاً استفسار الكثير من النشطاء الفلسطينيين عن مصداقية رواية الاحتلال، وهل الأسرى بالفعل كانوا في بناية سكنية؟ ولماذا وضع الأسرى في منطقة سوق مخيم النصيرات المكتظة بالسكان؟ ولماذا لم يتم مراعاة حالة الاكتظاظ المعتادة بالأسواق في غزة يوم السبت؟ وهو ما تسبب مثلاً في مضاعفة أعداد الشهداء والمصابين.

إضافة إلى ذلك كان هناك نفي سريع من الاحتلال والولايات المتحدة باستخدام منطقة الميناء في هذه العملية، وهو نفي لاحظت أنه توسع ليشمل قنوات «الجزيرة» و«العربي» القطريتين، فضلاً عن العديد من المنصات العالمية مثل «CBS» أو «CNN»، أو غيرها من القنوات العالمية والدولية الأخرى.

ومن هنا فقط أود التأكيد على قضية إستراتيجية مهمة، وهي الإجابة والتفاعل مع الجمهور في وقت الحرب، حيث لم تصدر المقاومة بالمطلق أي تبرير لوجود الرهائن في منطقة سكنية مكتظة بالسكان، على الرغم من أن الاحتلال ظل وعلى مدار أشهر مضت يقتل في مجازره بالقطاع يومياً أعداداً من الفلسطينيين لا تقل عن شهداء الأمس، والادعاء بأن المقاومة تخبئ الأسرى عندها بين المدنيين هو ادعاء أقرب من الروايات الإسرائيلية التي عمدت قواته لتدمير المشافي ومراكز «أونروا» بالحجة ذاتها.

لقد جاءت كلمة المتحدث الرئيس باسم المقاومة أبو عبيدة بعد العملية من دون التطرق لهذا الأمر، وركز على نقاط أخرى تتمثل في:

1- أن هناك أسرى آخرين من الاحتلال قتلوا أثناء العملية.

2- الانتقاد السافر لعملية الاحتلال التي لم تراع تماماً المدنيين الفلسطينيين.

باعتقادي الشخصي أن الشعب الفلسطيني بحاجة لتوضيح المشهد إستراتيجياً أكثر من ذلك، وأعرف أن الكثير من التحديات واجهتها حركة حماس عقب السابع من تشرين الأول، ومن أبرزها صعوبة توفير مواقع وأماكن للأسرى في ظل تزايد أعدادهم، الأمر الذي دفع ربما بالمقاومة إلى الذهاب ببعضهم إلى شقق سكنية وليس عبر الأنفاق، وقد يكون اللجوء إلى هذا الأسلوب مرده سياسة الأرض المحروقة التي تتبعها قوات الاحتلال، ولو كان على حساب تصفية أسراها لدى المقاومة.

لكن ما حصل يوم السبت الماضي يتطلب توضيحاً من المقاومة، ولا خلاف على وحشيه الاحتلال وبطشه وتعامله اللاإنساني مع الشعب الفلسطيني وحقارة أساليبه، ولا يوجد أي خلاف على ذلك، لكن أيضاً في الوقت نفسه يجب الحذر الآن في ظل هذا البطش من الاحتلال من وضع الأسرى أو أي مكون يبحث عنه الاحتلال بين المدنيين.

فضلاً عن هذا اعتقادي أن التعامل الأميركي الإسرائيلي السريع مع التأكيدات التي تتعلق باستخدام منطقة الميناء الأميركي في تحرير الرهائن، ثم عدم تطرق المقاومة لتوضيح الموقف لشعبها حيال وجود أسرى الاحتلال في قلب سوق مخيم النصيرات جميعها تتطلب توضيحاً مباشراً وسريعاً، والأهم حديث شامل يوضح تفاصيل هذه الأزمة.

اعتقادي وأنا كاتب مصري، أن هناك دوماً أزمة إعلامية مزمنة في منطقتنا، تتعلق بعدم الحديث بشفافية من القيادة السياسية للشعب، والاكتفاء فقط بحديث كبار المسؤولين للإعلام، ومن هنا فإن الموقف دقيق ومهم، ويفرض على المقاومة التفاعل بقوة وسرعة من أجل توضيح المشهد بصورة جلية، بدلاً من طرح تصورات متعددة في ظل غياب المعلومة الدقيقة.

إن المقاومة ستظل طالما ظل الاحتلال البغيض، ومهما كان حجم الاختلاف أو الاتفاق، فستبقى عملية السابع من تشرين الأول خالدة في الذاكرة الفلسطينية، وليس فقط لنجاحها، ولكن لأنها أثبتت أن عدالة قضية الحرية كافية لكسر هيبة أي احتلال مغرور.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى