اقتربت الحرب على غزة من العام، ومع غياب الحل السياسي في القطاع وفي ظل تعنت الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس عن الارتضاء بحل وسطي أو هدنة صغيرة تضمد جراح الملايين، يعيش أهالي غزة واحدة من أكبر المآسي التاريخية.
إن الوضع في غزة مازال مزري للغاية، فأهالي القطاع مازالوا متناثرين ما بين مخيمات رفح ومناطق الإيواء، ورغم افتقار أبسط الوسائل التي تعينهم على الحياة بل والنجاة من الموت، مازالت سلطات الاحتلال تغرس أشواكا على طريق المساعدات الإنسانية التي تستهدف القطاع.
أكثر من 1.5 مليون فلسطيني محشورين في غزة ما بين نيران الحرب وتهديد الموت من المجاعة والمرض وكذلك جراح الحرب، فالوضع الحالي للمساعدات الإنسانية في غزة، مليء بالعقبات التي تواجه المنظمات واحتياجات السكان، لذلك لابد من حل سياسي مستدام لوقف المعاناة.
مع الفشل في التوصل الى اتفاق سياسي أصبحت الحاجة لهدن إنسانية ضرورة ملحة، وبات الوصول الإنساني للمساعدات دون عوائق أمرا طارئا خاصة مع انهيار الخدمات الأساسية، بما فيها الرعاية الصحية والتعليم، خاصة مع خروج 625 ألف طفل من المدرسة، الذين يحتاجون للتطعيم ضد الأمراض.
ورغم تردي الأوضاع، إلا أن إسرائيل مازالت تمارس سياسة التجويع في غزة بتعقيد الأوضاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية سواء القادمة من الأمم المتحدة أو منظمات الإغاثات الدولية أو حتى الدول العربية والأوروبية، فمن المهم أن ترفع إسرائيل يدها عن معابر غزة، وأن تسمح بدخول وتسريع تدفق الإمدادات إلى القطاع بشكل مستدام وشفاف، وكذلك الوقود لإعادة تشغيل المستشفيات وتضميد جراح مصابي الحرب والأطفال والنساء المرضى.
لاننسى أيضا ما حصل من استغلال تجار الأزمات لشحنات المواد الغدائية التي دخلت عبر معبر كرم أبو سالم حيث تعرضت العديد من شاحنات المساعدات الإنسانية للنهب من قبل مجموعة لصوص أين تم تفريغ حمولة ثم عرضها بالسوق الشعبية وبأسعار خيالية.
ولا يخفي أيضا أن المركز الوطني لحقوق الإنسان في غزة، وثق العديد من حالات إطلاق النار على أقدام النازحين الراغبين في الحصول على الطعام، والهجمات المتكررة على مراكز الإيواء ومنع وصول المساعدات ارتكبها عناصر من حركة حماس بالرغم من أن هذه الأخيرة تبرأت من تلك الأفعال ووصفتها الأفعال الفردية المعزولة .
وأفاد تقارير أخرى بأن ميليشيات “حماس” وعلى الملأ، بررت جرائمها بتهم باطلة أبرزها “السرقة” حيث تتهم النازحين بمحاولة الحصول على المساعدات والغذاء بطريقة غير رسمية عبر الدخول إلى مراكز التموين أو المخازن للحصول على ما يسد جوعهم، أو بحجة “توزيعها بشكل عادل على جميع النازحين” ، حيث تقوم بسرقة المساعدات والطعام الذي يصل للنازحين “لأن المقاومة أولى بها” كما تدعي.
إن الوضع الحالي للمساعدات في غزة يحتاج إلى بعض الفرص، والتي من أهمها تدخل الدول الأوروبية ومجلس الأمن والأمم المتحدة وإصدار قرارت عاجلة وملزمة على إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية من طعام وشراب ووقود ومستلزمات طبية، وكذلك ملابس وغيرها عدم تأخير الدخول وتخفيف إجراءات التفتيش وإعادة التحميل، وكذلك إعادة توفير الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان والوقود الذي يحتاجه القطاع بطاقة ما بين 1.4 و1.8 مليون لتر من شهرياً لاستكمال أنشطة المؤسسات الصحية والشركاء الآخرين، وهذا مطلوب بشكل عاجل.
ومن أهم آليات الحل، هو تنفيذ إسرائيل الآلية الأممية التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2720، بدعم الجهود الإنسانية في غزة، بتنسيق تسليم المساعدات الإنسانية من خلال طرق إمداد متكاملة، وتحسين وضع الشفافية والكفاءة، وتيسيير قوفل مساعدات إنسانية بطلبات للحصول على الموافقة من خلال قاعدة بيانات آلية.
جميع ما سبق يؤكد على حل واحد، وهو الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار، والوصول الإنساني دون عوائق، وحماية المدنيين والبنية التحتية في غزة، ولكن في ظل غياب حل سياسي مستدام، فمن المتوقع أن تستمر المعاناة، وتظل الجهود المبذولة لتوفير الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار.
ربما من المهم أيضا عودة الدور الحيوي للأونروا، لكونها العمود الفقري للعمليات الإنسانية في القطاع، لكن هذا قد يشكل تحدي آخر أمام إسرائيل بشأن تيسير وتسريع تدفق الإمدادات إلى غزة.
ولعل من أهم التحديات أيضا، ما تنفذه سلطان الاحتلال في تعقيد العمليات اللوجستية واللوائح التي تسمح بفتح طرق الإمدادات من أو عبر مصر والأردن وقبرص والضفة الغربية، وهذا بالتأكيد يعيق العمليات الإنسانية الفعالة، وبالتالي يظل هناك نقصا في السلع المتنوعة، بما فيها الوقود ومستلزمات النظافة وألبان وحفاضات الأطفال وغيرها من وسائل الحياة.
ربما من أهم الفرص المتاحة لدخول المساعدات بالشكل الطبيعي هو أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية الدعوة إلى السلام الدائم ودعم إعادة بناء غزة، وهو ما يشمل إشراك المجتمع المدني الفلسطيني وتعزيز التنمية الاقتصادية، لذلك فيبدو أن الحل السياسي وحده قادر على