في سوريا، لا يمكننا تصنيف هذه المجموعات بسهولة. في السابق، كان مصطلح “المتمردين” يُستخدم للإشارة إلى أولئك المعارضين لحكومة بشار الأسد. ولكن في الحالة الحالية، قد نحتاج إلى التفكير في مصطلحات جديدة لتوصيفهم. يمكننا تسميتهم بـ”المتمردين” أو “المضادين للثورة”، لكن في الواقع، هم غالبًا مقاتلون ينتمون إلى نظام بشار الأسد، ورجال ميليشيات سابقون، وليسوا مجرد جنود نظاميين. هؤلاء الرجال، الذين تم تسريحهم منذ نحو ثلاثة أشهر بعد انهيار النظام القديم، قد عادوا للظهور مرة أخرى بعد أن أعادوا تنظيم أنفسهم وتجهيزهم، وأطلقوا عمليات في شمال غرب سوريا. معظمهم من الطائفة العلوية.
هل هي ثورة دينية؟
بعض الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا السياق تتعلق بتوصيف هذه الحركة: هل يمكننا اعتبارها ثورة دينية؟ أم أنها ظاهرة معقدة ذات أبعاد متعددة؟ يبدو أن العنصر الطائفي ليس العامل الأكثر أهمية في هذه الحركات. على الرغم من أن هذه المجموعات تنحدر في الغالب من معاقل العلويين على الساحل السوري، إلا أن خطابهم لا يبدو مركزًا على البُعد الطائفي. بدلًا من ذلك، يركزون على معارضة السلطة الحالية التي يرونها نتاج انقلاب عسكري. يظهر أن دوافعهم تنبع من خوف حقيقي من الاضطهاد، خاصة بعد عمليات التطهير التي وقعت ضد مسؤولين في النظام السابق في ديسمبر/كانون الأول الماضي. هذا، من دون شك، لعب دورًا في دفعهم نحو اتخاذ خطوات متطرفة.
هل هم من الموالين السابقين للنظام؟
إن الإجابة واضحة؛ هؤلاء المتمردون هم في الأساس من الموالين السابقين لنظام بشار الأسد. خلال الأشهر الثلاثة الماضية، جرت العديد من عمليات الاعتقال والتفتيش ضد مسؤولين بارزين في النظام السابق. وهذا دفع هؤلاء الموالين للرد على ما يعتقدونه اعتداءً على هويتهم ومكانتهم. لكن الأحداث خرجت عن نطاق السيطرة بسرعة.
هل يشكلون تهديدًا حقيقيًا؟
إن تطور الوضع في الساعات الأربع والعشرين الماضية كان مفاجئًا، ليس فقط للمراقبين، بل أيضًا للسلطات السورية. على الرغم من أن هذه المجموعات قد نفذت بعض العمليات المتفرقة في الأشهر الأخيرة، إلا أنه لم يسبق أن شهدنا هجمات واسعة النطاق بهذا الحجم. اللافت في هذه العمليات هو التنسيق العالي بين المقاتلين الذين بدأوا في تنفيذ عملياتهم في عدة محافظات سورية في وقت واحد، مثل طرطوس، اللاذقية، وحمص. ورغم عدم اليقين بشأن قدرتهم على الاستمرار على المدى الطويل، إلا أن هذه العمليات أسفرت عن سيطرة المتمردين على أربع قواعد عسكرية على الأقل في المنطقة. وعلى الرغم من أن القواعد تم إخلاؤها، إلا أن المتمردين تمكنوا من الاستيلاء على المعدات والمركبات والذخائر والأسلحة. كما تمكنوا من نقلها إلى أماكن للاختباء في مناطق نائية. هذه العمليات تثير العديد من الأسئلة حول قدرة هؤلاء “المقاومين العلويين” على الحفاظ على مواقعهم.
هل يستطيع ” فلول النظام ” الصمود طويلًا؟
هل سيتمكن هؤلاء المتمردون من الحفاظ على هذا الوضع لفترة طويلة؟ هذا هو السؤال الأهم الذي يطرحه الوضع الحالي في سوريا. ومع نشر مزيد من القوات العسكرية في المنطقة، يبدو أن السلطات السورية تأخذ التهديد على محمل الجد، وهو ما يشير إلى أن هذا الصراع قد يطول.
هل يمكن لهؤلاء المتمردين أن يتعاونوا مع مجموعات أخرى؟
من حيث الدعم، يبرز تساؤل آخر: هل يستطيع هؤلاء المتمردون التحالف مع مجموعات أخرى، مثل الأكراد أو الدروز؟ في الواقع، الدعوة إلى الأكراد والدروز تظهر وكأنها محاولة للتواصل مع فئات أخرى للخروج من العزلة. وعلى الرغم من ذلك، لا يظهر أن الأكراد، عبر تحالفهم مع قوات سوريا الديمقراطية، لهم صلة بالمتمردين الحاليين. من جهة أخرى، فإن الدروز، الذين حصلوا مؤخرًا على ضمانات من السلطات السورية، مثل إنشاء قوات أمن محلية، من غير المحتمل أن يقدموا دعمًا للمتمردين.
وبذلك، يتبين أن الأكراد والدروز في هذه المناطق النائية من سوريا يسعون إما للحوار أو التعاون مع السلطة الحالية.
خاتمة:
الواقع السوري يتغير بسرعة، ويبدو أن مرحلة جديدة من الصراع قد بدأت بالفعل. سيكون من الصعب التنبؤ بمسار الأحداث، لكن ما هو مؤكد هو أن الأمور أصبحت أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، وأنه لا يمكن التعامل مع هذه المجموعات باعتبارها مجرد “متمردين” كما في الماضي.