أوروبا

الكوكايين ساعد في تأجيج الشغب ببريطانيا لكن للقصة بقية

أوضح رئيس الوزراء البريطاني أهمية تطبيق القانون ضد مثيري الشغب الذين يواجهون أيضاً اتهامات بحيازة الكوكايين، كما ثمة حاجة ملحة إلى معالجة أزمة انتشار الكوكايين في المجتمع ليس لأنه يعزز السلوكيات العنيفة فحسب بل يشكل تحدياً في السياسة المتعلقة بالمخدرات

أوضح رئيس الوزراء ومجلس الوزراء رغبتهما في ضمان مثول سريع لأولئك الذين قبض عليهم وهم يقومون بأعمال شغب أمام المحاكم، وستطبق “القوة الكاملة للقانون”، ليس فقط كعقاب، بل ليشكل ذلك رادعاً لأي شخص يفكر في التورط في الاضطرابات التي انتشرت في مدننا على امتداد الأسبوع الماضي. ومع تكشف تفاصيل الاعتداءات، يواجه عدد من المتهمين بممارسة العنف أيضاً اتهامات بحيازة الكوكايين، المخدر المصنف من الفئة ألف.

من نواح كثيرة، يلائم الكوكايين أولئك الذين يشاركون في أعمال شغب. هو منبه لا يمنح المرء طاقة وثقة فحسب، بل يشوه المعتقدات ويشكل عاملاً مثبطاً. ذلك أن أي آراء ومشاعر راسخة تضخم تحت تأثير الكوكايين. وهو، بطريقة ملتوية، المخدر المثالي لتسهيل ذلك النوع من السلوك الذي نراه في الوقت الحالي.

كذلك نعلم بأن وسائل التواصل الاجتماعي كانت قناة ليس فقط لنقل المعلومات حول الأمكنة والأوقات التي يمكن لأصحاب الأفكار اليمينية المتطرفة التجمع، لكن هذه الوسائل غذت تحيزهم وتبنت تصورهم للهجرة والتهديد الذي تشكله عليهم وعلى مجتمعاتهم. وبإضافة سهولة الحصول على الكوكايين، تتوافر العناصر كلها اللازمة لإخراج الناس إلى الشوارع وتسببهم في الدمار العنيف الذي لا معنى له الذي شهدناه.

على عكس الثمانينيات والتسعينيات من القرن الـ20، لم يعد الكوكايين مخدراً للأثرياء – لقد أصبح مخدراً “يفوق مفعوله سعره”. إذ انخفض سعره، فيما ازدادت نقاوته أو مفعوله. وخلال أزمة غلاء المعيشة، ارتفعت أسعار عدد من المواد الغذائية الأساسية، خالف الكوكايين الاتجاه بأن أصبح أرخص ثمناً وأكثر قوة من أي وقت مضى.

يشهد الاستطلاع السنوي لاستخدام المخدرات الذي يجريه مكتب الإحصاءات الوطنية على مدى انتشار الكوكايين وشعبيته. إذا لم نتمكن من منع الكوكايين من دخول سجوننا – وهي بين البيئات الخاضعة إلى المراقبة الأكثر تشدداً في المملكة المتحدة – فما فرصتنا لمنع توفره في مجتمعاتنا المحلية؟

لكن الأمر لا ينطوي على مجرد مخدرات غير مشروعة – فالكحول يمثل أيضاً عاملاً. كثيراً ما يستخدم الكوكايين والكحول مع بعضهما بعضاً، لأن الكحول يمكن أن يعزز أثر الكوكايين (على رغم أن خلط أي مخدر غير قانوني مع الكحول عمل خطر).

لا شك في أن بعض مثيري الشغب هؤلاء سيلقون بتبعة أفعالهم على الكوكايين ويحاولون تبرير تعصبهم باستخدام المخدرات، لكن الحقيقة هي أن الكوكايين لا يغير معتقداتكم ومبادئكم – هو يضخم فقط المعتقدات الموجودة. يغير الكوكايين، مثل الكحول، حكم المرء على الأمور، لكنه لا ينشئ معتقدات جديدة. إذا كان للمرء وجهات نظر عنصرية، ستتعزز وجهات النظر هذه تحت تأثير أي من المادتين لكنها لن تنشأ من الصفر.

مع انتشار استخدام الكوكايين في مجتمعنا، ينتشر أيضاً تطبيع استخدامه. لم يعد مجرد مخدر يستخدم في الحفلات، وبالنسبة إلى بعض الناس، يصبح استخدامه شائعاً تقريباً مثل شرب البيرة. وفي حين لا يزال استخدامه غير قانوني، يبدو أن تصنيفه مخدراً من الفئة ألف لم يساعد كثيراً في ردع استخدامه على نطاق واسع.

وفي حين يتلخص التحدي المباشر في منع أولئك الذين يقومون بأعمال شغب من استخدام الكوكايين لزيادة نشاطهم غير القانوني، ثمة تحد بعيد الأجل أمام هذه الحكومة. بعدما فشلنا في منع استخدام الكوكايين واسع النطاق في المملكة المتحدة، حان الوقت لإعادة التفكير في النهج الخاص بسياستنا تجاه هذه المواد المخدرة وغيرها. وفي حين أننا ربما نجحنا في السيطرة على أعمال الشغب، لا يزال استخدام الكوكايين خارج نطاق السيطرة. وتعني الصلة القوية الموجودة بين الأمرين أننا لا يمكننا اعتبار أحدهما منتهياً حقاً حتى تنظيم الآخر في شكل صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى