ملفات فلسطينية

القيادة الفلسطينية وكرسي الحُكم

يعيش الفلسطينيون في شمال قطاع غزة جحيم المجاعة دون أي التفات من تلك العصابات التي استطاعت في وقت سابق سرقة أموال البنوك.

في الوقت الذي تتباهى فيه حركة حماس بقدرتها على الاحتفاظ بالرهائن الإسرائيليين ويطل علينا بين الفينة والأخرى متحدثهم برسائله المملة التي تدعو للصبر والصمود مصحوباً ببعض الرسائل المصورة للرهائن يوجهون خطاباتهم لرئيس وزراء إسرائيل تارة ويأكلون المقلوبة تارة أخرى.

يعيش الفلسطينيون في شمال قطاع غزة جحيم المجاعة دون أي التفات من تلك العصابات التي استطاعت في وقت سابق سرقة أموال البنوك في الشمال بحجة الحفاظ عليها من يد الاحتلال، لكن تلك العصابات في الوقت نفسه لم تستطع توفير أدنى مقومات الصمود للمواطنين على الرغم من انتشار عناصرهم الذين يحيط بهم الخوف من أي تمرد شعبي ينال من سلطتهم في غزة مصحوبين بأوامر من جهاتهم العليا بالضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه محاولة زعزعة حكمهم بالتمرد على ذلك الوضع الخطير.

وتلك المقاطع المصورة التي شاهدناها لعناصرهم أثناء قيامهم بإطلاق النار على أقدام بعض المواطنين خير دليل على أن الهم الأوحد لهذا التنظيم هو الحفاظ على السيطرة الأمنية على القطاع حتى لو كان الثمن أن يموت أطفال غزة جوعاً.

وبصفتي فلسطينياً غزياً فإنني أدرك الواقع الذي يعيشه السكان في تلك البقعة المظلمة من العالم في ظل حرب إسرائيلية لا ترحم ساكناً أو متحركاً وقيادة فلسطينية نزعت من قلبها الرحمة والرفق بمن ذاق مرارة حكمهم البغيض على مدار سنوات ما بعد الانقلاب.

إن القيادة الفلسطينية الموجودة حالياً أصبحت بل إنها كانت وما زالت منزوعة الشرعية ولا صلة لها بالواقع الفلسطيني سوى سلاح القمع والترهيب للحفاظ على كرسي الحكم حتى لو كان هذا الحكم لمقبرة جماعية مثل قطاع غزة الذي تحول في بداية حكمهم إلى أول سجن مفتوح في العالم وانتهى به المطاف الآن بفضل مغامراتهم إلى مقبرة جماعية تضم الأحياء والأموات في مكان واحد.

لست خارجاً عن الصف الوطني ولا يوجد أحد فوق النقد فالناس قد اختلفت على الأنبياء، لكننا نتفق كبيرنا وصغيرنا وهنا أقصد سكان قطاع غزة فقط على أن من خطط لما يعيشه سكان غزة الآن يملك عقلاً قاصراً وتفكيراً محدوداً ولا يفصله عن إثبات صفة الجنون عليه سوى بعض أتباعه من المغيبين باسم الدين.

أتابع منذ أيام وأسابيع مناشدات سكان شمال قطاع غزة عبر منصات التواصل الاجتماعي وأرى وأسمع ما لا يطيقه بشر، فالإحساس والعاطفة سمة الإنسان وكل تلك القصص والخزعبلات التي صدعت رؤوسنا من منابرهم على مدار سنوات عن الرفق بالحيوان قبل الإنسان ظهر مروجوها في أول محك على حقيقتهم التي تقول بوضوح أنهم كانوا ولا زالوا مجرد عبيد للتقية يستخدمونها للسيطرة على عقول البسطاء الذين يخشون خوض أي نقاش يتعلق بالدين، وفي هذه النقطة الفاصلة من تاريخ الشعب الفلسطيني فإن الدين أصبح جلياً واضحاً أنه لله وأن أي تيار ديني لا يمثل صحيح الدين وإنما هو مجرد مستخدم يأخذ من الدين ما يتماشى مع مصالحه وأهواءه دون مراعاة لمصير الملايين.

ما نطالب به الآن هو الرحمة بحق مئات الآلاف الذين يعانون شبح المجاعة خاصة أن ما يعرف عن مجتمع شمال غزة أنه مجتمع فتي جله من الأطفال والنساء، وقليل من الالتفات إلى مصالح الفلسطينيين الذين باتوا رهائن حقيقيين بيد الجميع فإسرائيل تلعب من جانبها ومن خلفها مؤيديها وقيادتنا تتعامل بمبدأ أن الكرة ما زالت في الملعب، مع العلم أن ألف باء سياسة “نحيا ليعيش الوطن وليس نموت ليحيا الوطن” فلا خير في وطن يقدس أمواته ويذل أحياءه.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى