أمريكا

«الفائض» الصيني يقلق الساسة الأميركيين

صناعة الطاقة الجديدة في الصين تمثل مساهمة للعالم وليست تهديداً، وقد أغنت منتجات الطاقة الجديدة العالية الجودة الصينية الإمدادات العالمية، وعززت من انخفاض الكربون والعملية الخضراء وساعدت في تحقيق أهداف اتفاقية باريس.

في الآونة الأخيرة، أصبحت منتجات الطاقة الجديدة في الصين «مصدر قلق رئيساً» لبعض الساسة في الولايات المتحدة، ولعل مراجعة مخاطر الأمن القومي للسيارات الذكية الصينية الصنع في شباط من هذا العام، وإعلان الولايات المتحدة عن تعريفات جمركية إضافية على السيارات الكهربائية الصينية وبطارية الليثيوم وغيرها من المنتجات دليل على هذا القلق.

بعض الساسة في الولايات المتحدة يبذلون قصارى جهدهم للمبالغة في «نظرية القدرة الإنتاجية الفائضة للصين» طوال الوقت، واصفين صناعة الطاقة الجديدة في الصين بأنها «طاقة فائضة»، ويصرخون بأن «تصدير الصين للطاقة الإنتاجية الفائضة يهدد التنمية الصناعية في بلدان أخرى ويؤثر في الاقتصاد العالمي»، فهل هذا حقيقي؟! وما دافع الولايات المتحدة من ذلك، وما الفائدة منه؟

أولاً، بالنظر إلى مفهوم «القدرة الفائضة»، فإن بعض وسائل الإعلام الأميركية تروج بأنها «القدرة الإنتاجية التي تتجاوز الطلب المحلي»، وهذا أمر غير صحيح ومضلل.

ووفقاً لهذا الشرح، تم تصدير 80 بالمئة من الرقائق المتطورة في الولايات المتحدة، وتم تصدير نحو 50 بالمئة من السيارات المنتجة في ألمانيا واليابان في عام 2023، فهل يعتبر هذا «قدرة فائضة»؟ ومع ذلك صدّرت الصين 1.2 مليون سيارة كهربائية فقط، وهو ما يمثل 12.7 بالمئة من الإنتاج، وإذا كانت القدرة الإنتاجية لكل دولة تخدم السوق المحلي فقط، فهل ستظل التجارة العالمية عبر الحدود موجودة؟

وفي السياق الحقيقي للعولمة الاقتصادية، لا بد أن نستعرض مسألة العرض والطلب من منظور عالمي، حيث ينبغي عدم وصف دولة بأنها فائضة في القدرة الإنتاجية بمجرد أنها تتجاوز الطلب المحلي، وأن ظهور التجارة الدولية وتطورها هما التقسيم الدولي للعمل والتعاون بين الدول على أساس ميزاتها النسبية لتحسين الكفاءة الاقتصادية العالمية ورفاهية الشعوب بشكل فاعل.

ثانياً، دعونا نتحدث عن الواقع، ففي الوقت الحاضر لا تزال صناعة الطاقة الجديدة العالمية في مرحلتها الأولى من التطور والنمو السريع، ليس هناك فائض في القدرة الإنتاجية ذات الصلة فحسب، بل إنها غير كافية نسبياً.

ووفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية، سيصل الطلب العالمي على مركبات الطاقة الجديدة إلى 45 مليون وحدة عام 2030، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المبيعات العالمية في عام 2023 وما يقرب من خمسة أضعاف إنتاج الصين.

ووفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ولتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، ينبغي أن تتجاوز القدرة المركبة لتوليد الطاقة الكهروضوئية العالمية 5400 غيغاوات في عام 2030، أي ما يقرب من 4 أضعاف القدرة المركبة في العالم ونحو 9 أضعاف القدرة المركبة في الصين في عام 2023.

إن صناعة الطاقة الجديدة في الصين تمثل مساهمة للعالم وليست تهديداً، وقد أغنت منتجات الطاقة الجديدة العالية الجودة الصينية الإمدادات العالمية، وعززت من انخفاض الكربون والعملية الخضراء وساعدت في تحقيق أهداف اتفاقية باريس.

هناك مغالطة لا معنى لها، وقد اتخذ بعض الساسة الأميركيين نهجاً آخر، فاتهموا صناعة الطاقة الجديدة في الصين بالانخراط في «الإغراق» و«الإعانات».

وما يسمى بـ«الإغراق» يعني تصدير المنتجات المحلية إلى الخارج بسعر أقل من سعر السوق المحلي أو أقل من سعر التكلفة، لنأخذ السوق الأوروبية مثالاً، على الرغم من أن سعر سيارات الطاقة الجديدة المصدرة من الصين إلى أوروبا أقل من أسعار الموديلات المماثلة في أوروبا، إلا أنها لا تزال أعلى بمرة أو مرتين بسعرها في الصين، لذا لا يوجد إغراق على الإطلاق.

ودعونا ننظر إلى «إعانات الدعم»، فإن دعم تطوير صناعات الطاقة الجديدة والتحول الاقتصادي الأخضر هو مبادرة وممارسة مشتركة للمجتمع الدولي بالإجماع، والواقع أنه في بداية التطور لمركبات الطاقة الجديدة، منحتها الحكومة الصينية بعض الحوافز الضريبية وسياسات الدعم، ومع ذلك فإن السبب الذي يجعل منتجات الطاقة الجديدة الصينية تحظى بشعبية كبيرة في كل أنحاء العالم هو جهود الشركات الصينية المستمرة.

تواصل الشركات الصينية الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الطاقة الجديدة، وعلى سبيل المثال يمثل استثمار شركة هواوي في البحث والتطوير أكثر من 20 بالمئة من الإيرادات، وبعد التطور طويل الأمد تجمعت الشركات الصينية تدريجياً لتشكيل سلسلة إنتاج وتوريد فاعلة وكاملة وتستمر في التطور بسرعة في مواجهة المنافسة الكافية في السوق، وهذا هو السبب الذي يجعل صناعة الطاقة الجديدة الصينية تتمتع بقدرة تنافسية قوية، ولا يمكنها الاعتماد فقط على ما يسمى ـ«الإغراق» و«إعانات الدعم».

إن ما يسمى بـ«نظرية القدرة الإنتاجية الفائضة للصين» ليست أكثر من «غطاء» للحمائية التجارية، حيث تستخدم الولايات المتحدة «القدرة الفائضة» كذريعة للحد من صادرات المنتجات والتنمية الصينية في التعاون الاستثماري، والحفاظ على هيمنتها الاقتصادية، ولن يفشل هذا النهج في حل مشكلاته فحسب، بل سيضر أيضاً باستقرار السلسلة الصناعية وسلسلة التوريد العالمية، ويقوض الجهود المشتركة التي يبذلها المجتمع الدولي لمواجهة تغير المناخ والتحول الأخضر.

إن الانفتاح والشمول والتعاون المربح للجانبين هي السبيل الوحيد للتنمية المستدامة لمركبات الطاقة الجديدة في الصين والازدهار المشترك لصناعة مركبات الطاقة الجديدة العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى