العراق

العراق والتحولات البينية في العلاقة مع واشنطن

احياء مشروع طريق التنمية القديم وإصلاح العلاقات العراقية –التركية كانا محط اعجاب للغرب بصورة عامة وواشنطن خصوصاً وبتعديلات حديثة وهو المشروع الذي يربط بين الاقتصاد والسياسة. ويبدو ان الاطار التنسيقي الشيعي قد أبدى قبوله لخطة السوداني الاقتصادية، وخصوصاً انها تسعى الى خلق علاقات اقتصادية متوازنة مع الولايات المتحدة.

لم يكن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يسعى في زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة الاميركية الى وهج اعلامي او التقاط صورة تذكارية في البيت الابيض بقدر ما كان يسعى الى إحداث نقلة نوعية في العلاقة بين بغداد وواشنطن، وتحول عميق في هذه العلاقة وتجاوز مرحلة التركيز في الملف الامني والذي سيطر على العلاقة منذ عام 2003، والذهاب نحو شراكات متعددة، في مجالات عدة. ولكن في البدء هناك حاجة ملحة الى إعادة الثقة بين الطرفين بما يحقق المصالح الاستراتيجية للعراق. فلا تزال هناك خلافات حادة بين الطرفين واهمها في طريقة الاداء وإدارة الملفات. ويبدو ان السوداني بدا أكثر استعدادا للتفاهم وتقديم شروط لم تكن مطروحة سابقاً في رسم العلاقة بين الطرفين، بما في ذلك الضمانات المالية للقروض وغيرها من تبادلات مالية كانت غير واضحة في التبادل بين العراق واميركا.

بعد زيارة السوداني تكشفت العديد من النقاط الايجابية والتي انعكست على العلاقة بين الطرفين والتي سادها فيما بعد التهدئة والتنازل من قبل واشنطن التي قرات حكومة السوداني انها جاءت لتعمل ولا تبحث عن تأزيم للعلاقة او زج مصالح الشعب العراقي بأي صراع قادم، ويسعى الجانبان الى مزيد من العلاقات التجارية وخاصة صناعة النفط والغاز والمبيعات الدفاعية والتي من المرجح ان تشهد تقدماً دون أي تنازل من العراق.

هناك تحسن واضح في قطاع الاعمال والاعمار منذ وصول السوداني الى السلطة، ومنها التحسن الملحوظ على القطاع الضريبي بعد عملية الاصلاح التي شهدها هذا القطاع. ولكن ما زال التقدم ملحوظا باتجاه تعزيز العلاقة مع الشركات الاميركية التي تسعى من خلالها واشنطن تعزيز نفوذها في مؤسسات الدولة العراقية. لذلك من الضروري ان تسعى الولايات المتحدة الى سحب قواتها كافة من العراق، لإيجاد أرضية مناسبة وتعزيز الثقة مع بغداد من أجل إيجاد شراكة حقيقية مبنية على أساس هذه الثقة.

العراق يسعى الى إيجاد الارضية المناسبة للتكامل الإقليمي، فقد بذلت حكومة السوداني جهدًا كبيرًا لجعل العراق جارًا جيدًا في المنطقة، ومع الحفاظ على العلاقات التاريخية مع إيران. بالمقابل سعى السوداني أيضًا الى تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع دول الخليج على الرغم من التوترات التي سادت العلاقة سابقاً، وأضحى العراق طاولة حوار لتقريب وجهات النظر بين مختلف الدول التي تختلف سواءً مع العراق او فيما بينها.

احياء مشروع طريق التنمية القديم وإصلاح العلاقات العراقية –التركية كانا محط اعجاب للغرب بصورة عامة وواشنطن خصوصاً وبتعديلات حديثة وهو المشروع الذي يربط بين الاقتصاد والسياسة. ويبدو ان الاطار التنسيقي الشيعي قد أبدى قبوله لخطة السوداني الاقتصادية، وخصوصاً انها تسعى الى خلق علاقات اقتصادية متوازنة مع الولايات المتحدة.

بات من شبه المؤكد أن الأشهر المقبلة ستشهد تقليص الوجود العسكري الأميركي في العراق على ان تتحول العلاقة بين بغداد والغرب الى علاقات سياسية واقتصادية، وخصوصاً بعد التفاهمات بين الحكومة العراقية وبين واشنطن حول ضرورة إنهاء الوجود العسكري. اما الامر الذي ليس واضحًا هو ما إذا كان البنتاغون سيكون قادرًا على التحكم على الأرض لإجراء عملية إعادة الانتشار هذه وفقًا لشروطه الخاصة، خصوصاً مع التغييرات الكبيرة والاستراتيجية التي يشهدها العراق وسياسته الداخلية والخارجية، إذ بات العراق يشهد تغييرا سريعا وان الصيغة القديمة للسنة والشيعة والأكراد تفسح المجال بسرعة للمخاوف بشأن التركيبة السكانية والتضخم الشبابي فضلاً عن تغير المناخ ونقص المياه. لذلك بات من الواضح ان العراق أكثر تماسكاً من ذي قبل وانه مقبل على حركة اقتصادية كبيرة ومهمة في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى