فاز المرشح الإصلاحى مسعود بزشكيان فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التى كان يتنافس فيها ضد المرشح المحافظ (المتشدد)، سعيد جليلى، وبذلك صار لطهران رئيس جديد يخلف الرئيس الراحل إبراهيم رئيسى، الذى راح ضحية حادث الطائرة على حدود أذربيجان، مايو الماضى.
«بزشكيان» حصل على نحو ٥٤٪ من الأصوات، أى انتخبه أكثر من ١٧ مليون صوت من أصل ٣٠ مليون صوت تم فرزها، حيث بلغت نسبة المشاركة فى الجولة الثانية ٤٩.٨٪، بينما حصل منافسه «جليلى» على أكثر من ١٣ مليون صوت.
الرئيس الإيرانى الجديد أكد أنه على المستوى الداخلى سيمد يد الصداقة للجميع، مشددًا على ضرورة الاستعانة بالجميع من أجل تقدم البلد، ووعد الشعب الإيرانى بأنه لن يتخلى عنهم، طالبًا مساعدتهم على الطريق الصعب، الذى لا يمكن تجاوزه إلا بتعاطفهم وثقتهم وتعاونهم، حسب وصفه.
«بزشكيان» فى الظاهر لا يعارض الحكم الدينى فى إيران، إلا أنه تعهد باتباع نهج مختلف، منتقدًا تصرفات شرطة الأخلاق، التى تفرض قواعد صارمة على النساء، حيث دعا فى السابق إلى خفض التوترات الدولية واستعادة الدبلوماسية النشطة، وقد تعهد بإصلاح النظام الصحى، وتحسين جودة الخدمات الطبية، وتقليل تكاليف العلاج، كما أكد تحسين الظروف التعليمية ودور النساء فى المجتمع.
أما على المستوى الخارجى، فإن طبيب القلب، الذى شغل منصب وزير الصحة فى السابق، يدعو إلى الانفتاح على الغرب وبعض الأفكار الأخرى المتحررة.
ولكن على الأرض، فإن الوضع فى إيران ليس فى أفضل حال، فهناك أصوات بدأت فى الظهور على الساحة تدعو إلى التغيير بسبب الأوضاع السيئة، وهناك سخط شعبى إزاء حالة الاقتصاد المتدهورة بسبب العقوبات المفروضة على البلاد، وتصاعد التوترات فى الشرق الأوسط، فضلًا عن السياسات التى تنتهجها النخبة الحاكمة، التى يتزعمها بلا شك المرشد الأعلى على خامنئى، صاحب الحل والعقد والكلمة العليا فى البلاد.
لذا، من غير المتوقع أن يُحدث الرئيس المقبل تحولًا كبيرًا فى سياسات طهران تجاه بعض الملفات، وأظن أن أولها وأهمها بالنسبة للشعب الإيرانى هو البرنامج النووى لما تنتج عنه من انعكاسات فى الداخل، وكذلك ملف دعم الجماعات المسلحة فى المنطقة، مثل الحوثى وحزب الله وحماس وغيرها.
ربما يمكن للرئيس الجديد أن يؤثر على لهجة إيران فى سياساتها الخارجية والداخلية، إلا أن التأثير من المؤكد سيكون محدودًا.
بالتأكيد، النتيجة متقاربة بين المتشدد والإصلاحى، وهذا معناه أن نصف الهيئة الناخبة تقريبًا كانت تريد المرشح المتشدد، فى وجود مرجعية دينية تحرك كل الأمور فى الدولة، ورغم كل ما يَعِد به الرئيس الجديد، فإن الوضع القائم فى إيران منذ فترة يشير إلى أن «بزكشيان» سيكون رئيسًا ذا صلاحيات محدودة، فى حين أن الصلاحيات الرئيسية ستكون على عاتق المرشد الأعلى، الذى يُعتبر رأس الدولة.