بينما كانت هناك مخاوف منذ فترة طويلة بشأن عمر الرئيس جو بايدن وقدرته على إدارة حملة فعالة، قاوم العديد من «الديمقراطيين» أي نقاش حول استبداله، وهم يدركون أن سجله في التعامل مع القضايا الداخلية كان جيداً ويمكن الاعتماد عليه في الترشح.
وهم يعلمون أن شخصيته تتحدى بشكل مباشر جاذبية الرئيس السابق ترامب لدى الناخبين البيض من الطبقة العاملة في الولايات التي تمثل ساحة معركة رئيسية. وهم يخشون حالات عدم اليقين التي قد تصاحب تنحيه. وبعد الأداء المقلق الذي قدمه الرئيس خلال المناظرة المتلفزة في يونيو، لم تعد مواجهة هذا القلق مجرد تخمين.
أصبح الأمر عاجلاً. ومع قيام وسائل الإعلام الكبرى والمعلقين المحترمين برفع الحدة الذهنية للرئيس وبدء المسؤولين المنتخبين في التعبير عن قلقهم، أدرك «الديمقراطيون» أن هذه القضية ستستمر في الهيمنة على التغطية، مع انتظار وسائل الإعلام للزلة اللفظية التالية، أو أي علامة على القصور.
وبدلاً من مواجهة هذه المشكلة، أصر البيت الأبيض والحزب على موقفهم من الإنكار. لقد ألقوا باللوم على جدول سفر الرئيس أو آثار نزلة البرد وأرسلوا رسائل بريد إلكتروني إلى مؤيديه يقارنون رؤية الرئيس المتفوقة لمستقبل البلاد بأكاذيب دونالد ترامب الجريئة. وإدراكاً مني أن أداء الرئيس وقدراته هي حقيقة لا يمكن تجاهلها، فقد قدمت اقتراحاً إلى الحزب يحدد عملية من شأنها أن تسمح للرئيس بالتنحي واستبداله بمرشح يتم اختياره من خلال عملية مفتوحة وشفافة وديمقراطية. لقد كان أيضا اقتراحاً، كما كنت آمل، يحترم الرئيس وإنجازاته.
ولا بد أن يبدأ الأمر بطبيعة الحال بإعلان الرئيس أنه لن يسعى إلى إعادة انتخابه، وأنه يتفهم الحاجة إلى هزيمة دونالد ترامب، وأنه واثق من السياسيين المحنكين في الحزب «الديمقراطي» الذين يمكنهم هزيمة ترامب والبناء على نجاحات رئاسته. ورغم أنه يستطيع تأييد نائبته، إلا أنه سيوضح أن هذا لم يكن تتويجاً، بل عملية مفتوحة يقررها المؤتمر «الديمقراطي». ومن أجل ضمان أن يكون للناخبين كلمتهم، فإنه سيعلن أنه سيسلم العملية إلى اللجنة الوطنية الديمقراطية لتحديد الطريق للمضي قدماً. ما اقترحته هو أن تضع اللجنة الوطنية «الديمقراطية» جدولاً زمنياً للحملة مدته شهر واحد لاختيار مرشح الحزب.
ستبدأ اللجنة بعملية الترشيح، وتستمر في جدول حملة مختصر مدته شهر واحد (يضم قاعتين متلفزتين)، وتنتهي بعقد المؤتمر «الديمقراطي» حيث سيتم ترشيح المرشحين رسمياً من خلال الأصوات التي يتم إجراؤها بين المندوبين الحاضرين.
إن الإثارة التي تولدها هذه العملية والاهتمام الذي ستحظى به ستكون بمثابة ميزة إضافية لمرشحنا النهائي. وتتمثل الفوائد الرئيسية لهذه العملية في أنه سيتم النظر إليها على أنها عملية مفتوحة وشفافة وديمقراطية. وهناك فائدة أخرى تتمثل في أن وسائل الإعلام الوطنية ستركز لمدة شهر واحد على الأقل على المرشحين الديمقراطيين وعمليتهم المثيرة، مما يتناقض بشكل حاد مع تصرفات مرشح الحزب «الجمهوري». على مدار نصف القرن الماضي، تحولت المؤتمرات من كونها أحداثاً مثيرة وغير متوقعة أحياناً إلى أحداث مخططة بدقة. وكلما أصبحت مخططة بشكل أكبر، قل الاهتمام الذي تحظى به من وسائل الإعلام الوطنية.
كان هناك وقت قدمت فيه الشبكات تغطية شاملة لهذه الأحداث. في الآونة الأخيرة، أصبحت بعض الشبكات تخصص ساعة أو ساعتين فقط لتغطية المؤتمر كل ليلة. ومن شأن مؤتمر غير مخطط له أن يحظى بتغطية أكبر. ومع الإثارة التي تمنحها العملية المفتوحة، فإن «الديمقراطيين» سيغادرون شيكاغو بنشاط.
وأخيراً، بعد أن يجعل الرئيس بايدن كل هذا ممكناً، سيُنظر إليه على أنه زعيم وطني نحى جانباً طموحاته الشخصية ومخاوفه بشأن اختيار بديل له لأنه يهتم أكثر بإنقاذ الديمقراطية – ويثق في الحزب و«الديمقراطيين» للبناء على إرثه. وسيكون خطابه الأخير أمام المؤتمر بمثابة لحظة تتويج في حياته المهنية الطويلة كموظف حكومي. ثلاث ملاحظات إضافية: لقد كتبت هذه المذكرة (وهذا المقال) كقائد في الحزب «الديمقراطي»، لقد عملت في اللجنة الوطنية لمدة 31 عاماً، 16 منها في اللجنة التنفيذية و11 عاماً كرئيس للجنة القرارات. وعندما حظي اقتراحي بقدر كبير من الاهتمام من جانب وسائل الإعلام الوطنية، كنت أعلم أن العديد من زعماء الحزب سيشعرون بالاستياء لأنني تحدثت بشكل غير لائق.
لكنني كنت على استعداد لمواجهة العواقب لأنني أعلم أنه من المهم بالنسبة لنا أن نتولى زمام هذا الوضع ونقترح التغييرات التي نحتاج إلى إجرائها. كما استاء البعض لأنني اقترحت أنه لن يكون من المفيد للرئيس أن يتنحى ببساطة ويتنازل عن منصبه لنائبة الرئيس هاريس. وفي حين أعتقد أنها ستكون اختياراً ممتازاً وستفوز على الأرجح في المؤتمر، أعتقد أيضاً أن ترشيحها سيتعزز إلى حد كبير من خلال الفوز في مؤتمر مفتوح.
أخيراً، كان هناك بعض الأشخاص في مجتمعي منزعجون من اهتمامي بالمشاركة في هذه العملية بسبب غضبنا المشروع من دعم الرئيس بايدن لحرب إسرائيل في غزة. ولم أتردد قط في إدانة تواطؤ الولايات المتحدة في هذه الحرب، وسأواصل القيام بذلك. ما دفعني إلى إصدار اقتراحي هو الحاجة الملحة إلى ضمان عدم دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى. ولذا تصرفت بما يحقق مصلحة مجتمعي وحزبي وبلدي.