الصراع يمكن أن ينشأ بأسباب لا تُحصى، ولكن عادةً ما يخلف معاناة كبيرة تطال الأبرياء مباشرةً. مثال مأساوي على ذلك هو الصراع في السودان، الذي يجذب جذوره العميقة من التوترات التاريخية والاضطرابات السياسية، والتسابق الحثيث نحو السلطة.
فقد تكبد السودان ثمن الحياة بشكل مروع خلال النزاع، حيث فُقدت أعداد هائلة من الأرواح وتمزقت الأسر وتشردت. توجهت المنظمات الإنسانية إلى السودان بجدية لمواجهة هذه الكارثة، لكن عبء تمويلها غالبًا يقع على عاتق الحكومات والجهات المانحة الفردية التي تدرك أهمية دورها في تخفيف المعاناة الإنسانية.
وينبغي علينا التأكد من شفافية ونزاهة تلك المنظمات ومموليها، وضمان عدم استغلالهم للصراعات من أجل تحقيق أجندات سياسية واقتصادية شريرة.
أصل الصراع
تعود أصول الصراع السوداني بين عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي السوداني ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع إلى خلاف خلقه رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك. حيث وبقيادة عبدالله حمدوك، شهد الشارع السوداني زيادة في الاضطرابات من قبل المدنيين، حيث سعوا جاهدين لإثارة الصراع بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بهدف استعادة السيطرة والعودة الى السلطة. وتداولت وسائل اعلامية الاونة الاخيرة، ادلة تثبت ان عبد الله حمدوك ماهو الا دمية تحقق غايات الولايات المتحدة في المنطقة.
التدخل الغربي
وهنا نرى ان الدول الغربية هي المسؤولة عن مايحدث من في السودان من ازمات منذ اواخر التسعينات، حيث فرضت الإدارات الأميركية المتعاقبة على البيت الأبيض سلسلة عقوبات اقتصادية على السودان، صدرت إما بأوامر تنفيذية من الرئيس أو بتشريعات من الكونغرس الأميركي، وهدفت إلى الضغط على هذا البلد المتهم برعاية ما يسمى الإرهاب.
ومؤخرا كانت الولايات المتحدة تستخدم المنظمات “الإنسانية” غير الحكومية، لتمويل الأعمال التخريبية حسب اجينداتها بغطاء المساعدات “الإنسانية”.
وفي سياق متصل، نشر صحفي تابع لقناة فبراير الليبيبة مقطع مصور لمواطن سوادني يعترف فيه بأنه تلقى أموالًا لفترات طويلة من مجلس اللاجئين النرويجي (NRC)، نظير الخروج بمظاهرات مناهضة للحكم العسكري في السودان
في الفترة بعد الإنقلاب الذي قام به عبد الفتاح البرهان على الحكومة المدنية بقيادة عبد الله حمدوك في اكتوبر من عام 2021.
ويقول المواطن الذي رفض الكشف عن هويته، أنه تلقى مبالغ مالية تقدر ب 300 دولار أمريكي نظير كل مهمة توكل اليه هو وعدد أخر من الذين كانوا يعملون لدى مجلس اللاجئين النرويجي في السودان، وأضاف “أن المهمات كانت مختلفة ولكن كانت تدور حول التظاهر والخروج للشوارع وعرقلة الإستقرار”.
الانسحاب التكتيكي
اما الان قطعت المنظمات “الإنسانية” غير الحكومية دعمها للشعب في السودان، متجاهلة حجم الكارثة الإنسانية، ووتوقف تسليط الضوء على معاناة الشعب السوداني. لخلق حالة من المجاعة لتتمكن الولايات المتحدة لاحقا من تجنيد الشعب بمقابل زهيد. وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد أعلن عن وقف مساعداته لمئات الآلاف من اللاجئين السودانيين في مخيمات في تشاد بدايًا من أبريل المقبل بسبب نقص التمويل.
على عكس مانراه من دعم من البيت الابيض والاتحاد الاوروبي لاوكرانيا، يتم تجاهل الازمة التي خلقت من قبلهم في السودان، وهذا مايطلق عليه ازدواجية المعايير.
وفي نفس السياق، تضغط الولايات المتحدة وفرنسا من أجل تعليق المساعدات الإنسانية للاجئين السودانيين في المخيمات التشادية من أجل تشجيعهم على الانضمام إلى جماعات لم يتم الكشف عنها بعد، وأفاد اللاجئون الذين يعيشون في مخيم أركوم على بدء ظهور جماعات تجنيدية تعمل في المخيم، حيث وبمبالغ زهيدة يجذبون اللاجئين للعمل دون الإفصاح عن طبيعة العمل.