حماس

الحماية الدولية بين انقلابات حماس الداخلية وتناقضاتها!

لقد جسدت القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس أبو مازن أدق درجات التوازن والانسجام ما بين المنهج الوطني أي (البرنامج السياسي) وبين التطبيق العملي، أي الكفاح والنضال السياسي والدبلوماسي والقانوني في المحافل الدولية، بالتوازي مع مقاومة شعبية سلمية،

لا يحق لأحد، أو جماعة، أو حزب أو فصيل أخذ الشعب الفلسطيني الى ميادين تجاربه الخاصة مهما كانت مرجعيته وأهدافه، والظاهر من شعاراته، فقرارات المقاومة بأشكالها المشروعة في القانون الدولي والمواثيق الأممية، وتحقيق السلام وفق ثوابت وأهداف الشعب الفلسطيني، السلام المرتكز على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالحق الفلسطيني.

من صلاحيات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حصراً، فأطر المنظمة التشريعية (المجلس الوطني) برلمان الشعب الفلسطيني، والتنفيذية (اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير) معترف بها نصا في قرارات الأمم المتحدة (الشرعية الدولية) ما يعني أن للشعب الفلسطيني قرارا واحدا في كل ما يتعلق بحقوقه التاريخية والطبيعية المسلوبة، وسبل ووسائل نضاله لانتزاعها، وفق محددات المنهج الوطني المقرر (البرنامج السياسي).

أما القرار الوطني الفلسطيني المستقل فقد كان أهم العوامل الرئيسية التي أقنعت دول العالم (149) حتى الآن للاعتراف بحقنا في قيام دولتنا المستقلة على حدود الرابع من حزيران سنة 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

لقد جسدت القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس أبو مازن أدق درجات التوازن والانسجام ما بين المنهج الوطني أي (البرنامج السياسي) وبين التطبيق العملي، أي الكفاح والنضال السياسي والدبلوماسي والقانوني في المحافل الدولية، بالتوازي مع مقاومة شعبية سلمية، ثبت نجاح وسائلها اللامحدودة على ارض وطننا، ذلك أننا استلهمنا تجارب الشعوب الناجحة في هذا الأسلوب وأهمها تجربة شعب جنوب افريقيا الصديق الذي انتصر على النظام الاستعماري العنصري في وطنه، وهذا ما يفسر دوافع مبادرة هذه الدولة العظيمة لمحاسبة مجرمي منظومة الاحتلال الاسرائيلي الاستعمارية العنصرية أمام المحكمة الجنائية الدولية، ونعتقد أن تمثال المناضل نيلسون مانديلا في مدينة رام الله الفلسطينية دليل على ايماننا بالمدرسة النضالية التي جسدها مانديلا قائد شعب جنوب افريقيا نحو الحرية والاستقلال والسيادة.

تجارب حركات التحرر الوطنية تنجح، ومن ثم تحتذى، بسبب العقلية الوطنية المسيرة لإرادة الشعب ووحدة قواه الحية، أما التفرد بالقرار، ومصادرة الارادة الشعبية، وحصرها في صندوق الفئوية فهذا ما يعتبر الوصفة السحرية، لتبديد تضحيات أي شعب في الدنيا، وإخراج قطار كفاحه عن المسار المؤدي نحو الحرية والاستقلال، وانقلابه عند محطة المكاسب الذاتية الفئوية والشخصية ! وإشعال الحالة الوطنية بالتناقضات المنتجة حتما للصراعات الداخلية على حساب الكفاح الأساسي مع المستعمر.

اقرأ ايضا| خلف أبواب مغلقة: حماس والمواجهة المزدوجة بين المفاوضات والميدان

خلال الأيام الثلاثة الماضية صدرت عن فرع جماعة الاخوان المسلمين المسلح في فلسطين (حماس) بضعة بيانات متناقضة، حيث دعت في الأول المجتمع الدولي لحماية  المدنيين الفلسطينيين، وهذه أول مرة تستخدم عبارة (الحماية) بوضوح دقيق، علما أنها كانت تعتبر دعوة القيادة الفلسطينية المجتمع الدولي (لحماية) الشعب الفلسطيني الأعزل ضعفا، حتى إن كتلها الطلابية اتخذتها مادة تهكمية في حملاتها الانتخابية في الجامعات!

وهنا السؤال: هل الحماية الدولية التي تطلبها حماس (حلال )، والحماية الدولية التي تطلبها القيادة الفلسطينية (حرام)؟! وزادت على تناقضاتها العاكسة لحجم الخلافات والانهيارات الداخلية العميقة :عموديا وأفقيا عندما اصدر جناحها العسكري بيانات تتبنى عملية التفجير في تل ابيب وتهدد بالانتقام لدماء اشخاص بعينهم، ارتقت ارواحهم بقصف طائرة مسيرة في جنين، وهنا نسألهم – ونحن على يقين علم ومعرفة بأبعاد تناقضاتهم – : لماذا تدعون المجتمع الدولي لحماية المدنيين في غزة، لكنكم تهددون وتتوعدون وتتبنون عمليات مسلحة في الضفة الغربية، يتخذها المحتلون الاسرائيليون ذريعة لتدفيع المدنيين الفلسطينيين الأبرياء الثمن من ارواح ابنائهم وممتلكاتهم وأرزاقهم وبيوتهم  والبنى التحتية في المدن والمخيمات، فالقيادة الفلسطينية عندما تطالب المجتمع الدولي بحماية للشعب الفلسطيني، فإنها تفعل ذلك على اعتبار أنه أعزل، وترتكب بحقه جرائم ابادة دموية في كل مكان من ارض الوطن.

أما تناقضات حماس هذه، فإنها ذريعة على طبق من ذهب تقدم للاحتلال لضرب المطلب الفلسطيني المشروع، ونسف الرواية الفلسطينية، ولتوسيع دائرة الابادة الدموية والتدميرية، كما أنها مساهمة تطوعية لإضعاف الموقف الوطني، باستمرار هزات  الانقلابات الداخلية في حماس ذاتها، باعتبارها ارتدادات طبيعية لزلزال الانقلاب الأفظع على المشروع الوطني الفلسطيني سنة 2007.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى