أمريكا

الحظر المحتمل لـ “تيك توك” في الولايات المتحدة… كيف سترد الصين ؟

بعد موافقة مجلس النواب الأميركي على مشروع القانون الخاص بـ "تيك توك"، فإنه ينتقل إلى مجلس الشيوخ الذي ما زال أمر الموافقة عليه غامضاً. فتطبيق ''تيك توك'' يحظى بشعبية كبيرة لدى الشباب الناخبين الذين يمكن أن يكون لهم تأثير كبير في نتائج الانتخابات الأميركية لعام 2024

تتخذ الحرب التكنولوجيّة التي تشنّها الولايات المتحدة الأميركية على الصين أوجهاً عديدة، منها مثلاً حظر تصدير الرقائق الإلكترونية المتطورة إلى الصين، ومنع الشركات الأميركية من الاستثمار في الصين في مجالات التكنولوجيا المتقدّمة وخصوصاً الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية.

وتحت ذريعة حماية الأمن القومي، فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على شركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي” في الوقت الذي كانت فيه مبيعات هواتف الشركة الصينية تتخطّى مبيعات هواتف “أبل” الأميركية.

ولم يسلم تطبيق “تيك توك” الذي تملكه شركة بايت دانس الصينية من الضغوطات الأميركية، ولا سيما أن التطبيق يعتبر أكثر التطبيقات انتشاراً في العالم، ويحقّق رواجاً واستخداماً أكثر من التطبيقات الأميركية مثل “فيسبوك” و”إنستغرام”.

تحاول واشنطن الاستيلاء على تطبيق “تيك توك” أو حظره نهائياً على أراضيها. فمؤخراً أقرّ الكونغرس الأميركي مشروع قانون يجبر شركة بايت دانس المالكة لتطبيق “تيك توك” التخلّي عن التطبيق تحت طائلة حظره في الولايات المتحدة الأميركية، إذ تخشى الأخيرة من أن يشكّل التطبيق وسيلة لتجسس الحكومة الصينية على بيانات الأميركيين، أو أن يكون له تأثير في الانتخابات الأميركية كما أنه يشكّل خطراً على القاصرين. ولكن ضمنياً يدخل تطبيق “تيك توك” ضمن التنافس الصيني الأميركي في مجال التكنولوجيا، إذ تخشى واشنطن من أن تهيمن الصين على الإنترنت بعد أن كانت هي من يتربّع على عرشه.

الجدل حول حظر تطبيق “تيك توك” على الأراضي الأميركية ليس جديداً. فقد بدأ مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي أصدر في شهر آب/أغسطس 2020 أمراً تنفيذياً بحظر تطبيق “تيك توك” في حال لم توافق شركة بايت دانس على بيعه لشركة أميركية خلال مهلة محددة.

ومع تولّي الرئيس جو بايدن الرئاسة، ألغى قرار الحظر الذي اتخذه سلفه دونالد ترامب واستبدله بأمر آخر يدعو إلى مراجعة أوسع لعدد من التطبيقات الخاضعة للسيطرة الأجنبية والتي يمكن أن تشكّل خطراً أمنياً على الأميركيين وبياناتهم.

أثارت الخطوة الأميركية لإجبار بايت دانس على بيع تطبيق “تيك توك” غضب الصين التي توعّدت باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لحماية مصالح شركاتها في الخارج مشبّهة الخطوة الأميركية بتصرّفات قطاع الطرق.

واستناداً إلى اللوائح الصينية، فإنّ بيع عمليات تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة الأميركية يحتاج إلى موافقة بكين التي أقدمت في العام 2020، مع تزايد الضغوطات الأميركية على شركة بايت دانس خلال عهد الرئيس السابق ترامب، على تعديل قائمة التقنيات الخاضعة لقيود التصدير، تمّ بموجبها توسيع قيود التصدير لتشمل تكنولوجيا خدمة المعلومات الشخصية القائمة على تحليل البيانات وتقنية واجهة الذكاء الاصطناعي.

واستناداً إلى الحالات السابقة، فإنّ الصين سترفض بشكل قاطع البيع القسري لتطبيق “تيك توك”. ففي العام الماضي قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إنّ الصين تعارض بشدة أي بيع لشركة “تيك توك” يتمّ بصورة أحادية من جانب الحكومة الأميركية. وسبق لبكين خلال فترة ولاية الرئيس ترامب أن عارضت تخلّي شركة بايت دانس عن التطبيق رغم موافقة الشركة نفسها على ذلك. فالصين تفضّل وقف التطبيق نهائياً عن بيعه للولايات المتحدة الأميركية، لأن بيعه قسراً سيظهر بكين بموقف الضعيف، كما أنها لا تريد أن تضع واشنطن يدها على الخوارزميات التي يقوم عليها التطبيق.

وفي حال حظر التطبيق في الولايات المتحدة الأميركية فمن المحتمل أن تتخذ الصين عدداً من الإجراءات كردّ فعل على ذلك. ومن خلال دراسة الإجراءات المضادة التي اتخذتها بكين للردّ على العقوبات الأميركية في السنوات الأخيرة، فإنه من المحتمل أن تفرض الصين قيوداً أو عقوبات على الشركات الأميركية.

ففي العام 2020، أصدرت وزارة التجارة الصينية قائمة الكيانات غير الموثوقة، إذ إنه يتمّ تصنيف أي شخص أو شركة على أنها غير موثوقة، إذا رأت السلطات الصينية أنها تضرّ بالأمن القومي أو مصالح الصين. وقد تفرض عليهم تدابير عقابية مثل القيود التجارية والاستثمارية والغرامات. وتمّ إدراج شركتين أميركيتين في مجال الطيران والدفاع على أنهما كيانان غير موثوقين.

كما سنت الصين في العام 2021 قانوناً لمكافحة العقوبات الأجنبية الذي يسمح للصين باتخاذ إجراءات مثل فرض عقوبات على الأفراد أو الشركات الخاضعة للرقابة من خلال تجميد أصولهم ومنعهم من ممارسة الأعمال التجارية في الصين. وبناء لهذا القانون فرضت الصين عقوبات على شركة البيانات الأميركية “خارون” في أعقاب أبحاثها حول ما قالت إنه وجود عمل قسري في منطقة شينجيانغ.

كما يمكن لبكين أن تحظر منتجات شركات تكنولوجية أميركية على الأراضي الصينية أو تقييد الصين صادراتها على بعض المعادن النادرة. فمثلاً في العام الماضي حظرت الصين شراء منتجات شركة ميكرون الأميركية لأنها تشكّل بحسب رأيها خطراً على الأمن القومي الصيني. كما شدّدت القيود على صادرات معادن الغرافيت الذي يستخدم لتصنيع بطاريات أيونات الليثيوم للهواتف النقّالة والسيارات الكهربائية وغيرها، ومنعت تصدير الجاليوم والجرمانيوم الأساسيّين لصناعة أشباه الموصلات.

بعد موافقة مجلس النواب الأميركي على مشروع القانون الخاص بـ “تيك توك”، فإنه ينتقل إلى مجلس الشيوخ الذي ما زال أمر الموافقة عليه غامضاً. فتطبيق ”تيك توك” يحظى بشعبية كبيرة لدى الشباب الناخبين الذين يمكن أن يكون لهم تأثير كبير في نتائج الانتخابات الأميركية لعام 2024. لذلك من المحتمل بدلاً من حظر التطبيق أن يُعاد التفاوض بين الإدارة الأميركية وشركة بايت دانس الصينية.

تمارا برو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى