بجماعة “واتساب” (غروب) معظمها من المثقفين والمثقفات العرب، دار حوار منبعه أن محاولة اغتيال ترمب السبت الماضي مسرحية وليست حقيقة، وهي مسرحية تم تمثيلها بإتقان هوليوودي خداع لكسب التعاطف والتأييد لدونالد ترمب في حملته الانتخابية وتعزيز فرص نجاحه.
وقع بيدي فيديو لإعلامي أميركي على الـ”سوشيال ميديا”، وما أكثرهم هذه الأيام، فبفضل التكنولوجيا الحديثة أصبح الواحد يحمل صحيفة أو إذاعة أو تلفزيوناً متنقلاً، وكأنما الواحد اليوم يحمل “وزارة إعلام” في جيبه بجهاز بحجم كف اليد.
الإعلامي الأميركي يجري مقابلات مع مواطنين أميركيين في الشارع ويسألهم عن محاولة الاغتيال، هل هي حقيقة أم مسرحية وتمثيل؟، وكان من بين المشاركين من قال إنها مسرحية ولعبة من ألاعيب ترمب لكسب التعاطف معه والتصويت له بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
بعد مشاهدة الفيديو، أيقنت أن فكر “المؤامرة” ليس حكراً بمنطقتنا وليس ملكية فكرية خاصة بعقولنا العربية أو الشرق أوسطية، فالإيرانيون والأتراك لا يقلون عن العرب فكراً “مؤامراتياً”، فنحن في هذه المنطقة نظن أن كل شيء مؤامرة مدبرة ومخططة وأن العالم الآخر لا هم له سوى التآمر علينا ونهب خيراتنا والعمل على تخلفنا، وقد يكون الأمر كذلك، لكنه دوماً المخدر الفكري والذهني الذي يدفعنا إلى الركون والاستسلام لهذه المؤامرات السرمدية التي أدمنها العالم الخارجي ضدنا.
تساؤلات عدة طرحت نفسها بنفسها حول تمثيلية اغتيال ترمب:
– هل يعقل أن تكون تمثيلية يقتل فيها منفذها ويقتل معه شخص بريء من الحاضرين للمهرجان الانتخابي ويجرح شخصان بريئان ما زالا يصارعان الموت؟، وكذلك أصيب فيها بطل المسرحية برصاصة شطفت أعلى أذنه اليمنى بمعجزة تمثيلية متقنة؟.
– لماذا يقامر ترمب وفريق حملته بمسرحية كهذه لو فشلت لانقلب “السحر على الساحر”؟، خصوصاً أن الاستطلاعات والمؤشرات تقول إنه سيفوز في الانتخابات المقبلة وحقق نصراً مؤزراً على منافسه بايدن خلال المناظرة الأولى التي جرت بينهما. كما بدا ترمب في الأسابيع الأخيرة أكثر هدوءاً وأقل جدلاً في خطاباته وتصريحاته، في ما يبدو أنه انصياع لنصائح مستشاريه بأن يظهر بصورة “رجل الدولة” الهادئ بخطاباته، وانتظار تدهور أداء منافسه بايدن الذي يسوء يوماً بعد يوم. وبمثل هذا الهدوء-الثقة، لا تعقل نظرية “تمثيلية” الاغتيال كما يروج أصحاب “المؤامرة”.
– لم يقل ولم يلمح منافسه اللدود جو بايدن ولا معسكره الليبرالي المعادي لترمب ولليمين بصورة عامة بوجود تمثيلية للاغتيال كهذه، ولو كان لديهم أدنى شك بوجودها لما ترددوا بفضحها، بل على العكس من ذلك، إذ كان بايدن أول المتصلين بترمب مستنكراً ومديناً محاولة الاغتيال، وأعقب ذلك الاتصال بخطاب للأمة يدين المحاولة بأشد العبارات ويصفها بـ”المريضة”، فكيف لأصحاب “نظرية التمثيلية” أن يكشفوا ما لم يكشف عنه الرئيس الأميركي بجميع الأجهزة الأمنية التابعة له؟.
لا أعتقد بأن متابعاً فطناً يمكن أن يربط محاولة اغتيال دونالد ترمب بأنها تمثيلية، ولا أعتقد بأن من هو بكامل قواه العقلية يمكن أن يفسر المحاولة بمسرحية متقنة بنتائج دامية ومؤلمة لثلاثة أبرياء ورعب أصاب الأمة الأميركية كلها.
إيماءة لغوية:
الاغتيال باللغة الإنجليزية هو ASSASSINATION وهو مصطلح أصله من اللغة العربية قيل إنه نسبة لفرقة “الحشاشين” المتطرفة التي ظهرت في بلاد فارس خلال القرن الـ11، وقيل إن أصلها من “الحسانين” نسبة إلى مؤسس الفرقة “حسن الصباح” وقيل إن أصلها من “الحساسين” أي العساسين.
الشاهد أن الاغتيال السياسي مؤامرة تحاك ويخطط لها وليست تمثيلية مسرحية، وأن المصطلح الذي يتم تداوله في نشرات الأخبار الغربية، وبمعظم اللغات اللاتينية والجيرمانية والسلافية، عن محاولة اغتيال دونالد ترمب، أصله من اللغة العربية.